نداء عاجل الى عقلاء الشيعة العرب
عراق العروبة
محمد خليفة
أيها العقلاء الأفاضل علماء وفقهاء وأدباء وساسة:
تعالوا الى كلمة سواء بيننا وينكم, وتحملوا مسؤولياتكم التاريخية الدينية والوطنية والاجتماعية والأخلاقية في حماية الاواصر والوشائج التي تجمعنا كأمة موحدة وجماعة قومية واحدة. قبل أن تتمزق العرى وتتحطم الأسس التي قامت عليها وحدتنا منذ ألف سنة ونيف وقبل ان يسود قانون الثأر بيننا ويترك للعنف الطائش أن يحسم المصير ويرسم شكل العلاقات في المستقبل لعشرات وربما مئات السنين القادمة.
ما يجري في سورية هذه الأيام هو الذي سيقرر علاقتكم بأهلكم وإخوانكم أهل السنة والجماعة وببقية مكونات الامة العربية التي تنتمون اليها انتماء أصيلاً, لا شك ولا تشكيك فيه, وسيقرر مصير هذه الامة وهويتها لأمد بعيد. وهذا الذي يجري في سورية لا تعقيد فيه ولا لبس بل إنه واضح وضوح الشمس, وساطع سطوع الحق, لا يحتاج شرحاً ولا تأويلاً, شعب تعرض لظلم فادح من حكامه المتجبرين الفاسدين فثار عليهم مطالباً بحريته وحقوقه وكرامته, وهو لا يختلف لا شكلاً ولا موضوعاً عما فعلته كل شعوب العالم عبر التاريخ, وكل ما يقال غير ذلك هو كما لا يخفى عليكم مجرد هراء وسفسطة فارغة وتهريج يصدر عن اعلام نظام الاسد وإعلام ايران وجماعاتها في دول المنطقة ولا سيما لبنان والعراق وإعلام روسيا ذات التاريخ الدموي في سحقها للشعوب المسلمة في القوقاز وآسيا الوسطى وصولاً الى أفغانستان. ولم يكن الأمر في سورية ليحتاج كثيراً من العنف والدم حتى يسقط نظام ساقط اصلاً بفعل النخر الذي استفحل في أركانه وبنيانه ومفاصله ولينهض على أنقاضه نظام وطني ديموقراطي عادل لولا قرار وفتوى ولي الفقيه الشيعي الايراني علي خامنئي ودولته وجيشه بالزج بكل قواهم في المجزرة الى جانب النظام الطاغوتي المجرم, وهو القرار الذي أشعل في واقع الامر حرباً شيعية - سنية قد لا تنطفىء بمائة عام, وقد لا تنطفىء إلا بعد أن تأتي على كل مقومات الوجود والحياة المشتركة فيما بيننا.. فهل هذا ما تريدونه..؟ وهل يخدم هذا التورط في قتل المسلمين السنة في سورية مصالح الشيعة العربية وغير العربية..؟
إنني على يقين أن طائفة الشيعة العربية تعرضت لعملية اختطاف تاريخية كبرى من جانب الدولة الايرانية هدفها استعمالها وقوداً لمشروع امبراطوري ظاهره تجميع الشيعة وتسييسها خلف قيادة واحدة وموحدة مركزها طهران, وباطنها خدمة مصالح الامة الايرانية والطبقة الحاكمة التي استعادت كل ميراث النظام الشاهنشاهي السابق واضافت عليه المزيد من الشعوبية والعنصرية الفارسية ضد كل ما هو عربي بما ذلك الشيعية العربية الاصيلة.
وإنني على يقين أن كثيرين منكم يعلمون هذه الحقيقة ويدركون نتائجها على الشيعة والسنة العرب معاً ولا يرضون عنها, ولكنهم مع ذلك للأسف يلوذون بالصمت تحاشياً للاصطدام بسطوة ايران ونفوذها المهيمن, ولكن تطورات التورط في المذابح السورية لم تعد تحتمل مثل هذا الموقف الخجول أو الجبان أو المتواطىء, والساكت عن الحق شيطان أخرس بلا جدال. جميع السوريين يعلمون ويلمسون حالياً أن المقاتلين الذين يقاتلون تحت راية النظام الاسدي البغيض في جميع الجبهات من دمشق الى حلب ومن حمص الى كسب هم من الشيعة الأجانب الذين جندتهم ايران وعملاؤها في العراق ولبنان واليمن, وهؤلاء يقترفون ما تخجل منه الوحوش البرية ويتمرغون في مستنقع الدماء السورية بلا سبب ولا عذر ولا مبرر, وأمام أهوال ما يجري لا يمكن قبول صمتكم وسكوتكم وكأن الحادث لا يستحق اكثر من إشاحة النظر.
إننا نطالبكم بإعلان موقفكم الرافض لهذا السلوك الطائفي العدواني المشين من جانب النظام الايراني وأشياعه المرتزقة, وإعلان وقوفكم الصريح القوي المدوي مع الشعب السوري في كفاحه المشروع لاسترداد حريته وحقوقه وكرامته ورفع كل أشكال الظلم الواقع عليه من جانب الزمرة العلوية الحاقدة على عموم المسلمين السنة.
أيها الأفاضل الذين تحملون راية الحسين وحب آل البيت:
اليوم تقع عليكم مسؤولية ترجمة هذا الانتماء الشريف ترجمة عملية وقولية, بالوقوف مع الحق ضد الباطل ومع المظلوم ضد الظالم ومع الشعب ضد الحاكم الطاغوت, وأنتم تعلمون أن أعظم الجهاد عند الله كلمة حق امام سلطان جائر.
يا ورثة علماء جبل عامل وفقهاء النجف الاشرف:
احقنوا دماءكم ودماءنا بكلمة مدوية وموقف علني شجاع لا يخاف في الله لومة لائم, فوالله إن ما يفعله ابناؤكم الشيعة في حلب وحمص ودمشق والساحل لا يشرفكم وستكون له عواقب عليكم جميعاً, لأنه لا يعقل ولا يمكن تصور أن ينتصر هؤلاء المتورطون على شعب كامل.. بل على أمة كبيرة عظيمة الامكانات والطاقات كالامة العربية. عليكم أن تدركوا أن شعبنا المظلوم حتى لو انكسر اليوم - لا قدر الله - أمام جبروت البغي وتواطؤ اسرائيل وتخاذل العالم فإن ساعة الثأر والانتقام وردود الافعال قادمة لامحالة وستطال الجميع منكم متطرفين ومعتدلين لأن الحرب التي أشعلها أئمة طهران واستعملت أبناءكم حطباً لها هي حرب شعواء جاهلية عدوانية سترتد عليكم.
أيها العقلاء والعلماء:
لقد كان ماضيكم الوطني والقومي والديني مشرفاً ولا سيما في القرن العشرين وكنتم شركاء في مشاريع النهضة الفكرية وكل ثورات الحرية ونضالات الوحدة والعدالة والتنمية التي عرفتها بلادنا فلا تضحوا بهذا التاريخ الناصع من أجل مصالح آل الأسد وأئمة طهران الضالين, فلا مستقبل لكم ولا دور ولا ريادة إلا ضمن بلادكم ومجتمعاتكم وعروبتكم.
هذه كلمة حق هدفها النصح والتحذير, ومنبعها المحبة والحرص, ومنهجها العقل والرأي السديد, ليس بيننا وبينكم ما يبرر هذا الجحيم الذي أشعلته ايران وانزلق اصحاب السطوة فيكم ومنكم فيه فصرتم تقتلوننا وترمون أنفسكم فيه, وليس من الحكمة أن تسكتوا على اختطاف طائفتكم بالجملة الى حظيرة ايران الفارسية الشعوبية الباغية. إفعلوا شيئاً لحقن دمائكم ودمائنا فالصمت لم يعد مقبولاً.
ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق