الأحد، 25 يونيو 2017

مستقبل الميليشيات بعد (تنظيم الدولة)




ترجمة خاصة / تقرير مجلة (فورين أفيرز) الأمريكية: مستقبل الميليشيات بعد (تنظيم الدولة)





عراق العروبة
الهيئة نـــــــت



مستقبل المليشيات الشيعية بعد (تنظيم الدولة) .. رسالة من الموصل / كينيث روز

في الصحراء القاحلة جنوب تلعفر، أقام أفراد من (الحشد الشعبي) والذي يضم حوالي 60 وحدة شبه عسكرية ذات أغلبية شيعية، عمليات في هذه المنطقة الجرداء خارج الموصل .

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، قامت تلك المجموعة، والتي تعرف أيضا باسم قوات (الحشد الشعبي)، بقطع طرق إمداد ما يسمى بالدولة الإسلامية او (تنظيم الدولة) إلى سوريا باستخدام سيارات جيب والهمر وأسلحة الدبابات الخفيفة الخاصة بهم، وفي ديسمبر قاموا بطرد (تنظيم الدولة) من المنطقة .

عند وصولي في اوائل مايو، شاهدت سيارة رباعية الدفع تضم مجموعة من رجال الميليشيات تسير بسرعة عبر الارض المستوية والجافة. وبينما كانت الشاحنة تخترق الكثبان الترابية والتي تغطيها نقاط التفتيش المختلفة، كانت قد أثارت سحابة من الغبار. في ذلك الوقت، كانت الفرقة التاسعة المدرعة التابعة للجيش العراقي، والشرطة الاتحادية، ووحدات الرد السريع التي قامت بتدريبها الولايات المتحدة، قد حاصرت مدينة الموصل القديمة من جميع الجهات، ويبدو أن هزيمة المسلحين وشيكة .

على الرغم من ان اتحاد المقاتلين هذا ظل ساكناً إلى حد كبير في حصار المدينة، إلا أنه خاض العديد من المعارك خارج إقليم كردستان والتي كانت اساسية لانتصارات قوات الأمن العراقية ضد (تنظيم الدولة) .

وفي شهر نوفمبر، اعترف البرلمان العراقي رسميا وقدر خدمات (الحشد الشعبي) حيث تم ضم الميليشيات إلى الجيش العراقي من خلال مشروع قانون أيده 208 من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 327 عضوا. ولكن مع اندلاع القتال، فإن قوات (الحشد الشعبي) واجهت معركة أخرى معقدة نوعا ما، وهذه المرة على مدى شرعيتها ومكانتها في مستقبل الدولة بعد (تنظيم الدولة) .

وحيث ان نصف الوحدات كانت قد قاتلت ضد قوات التحالف التى تقودها الولايات المتحدة خلال غزو العراق عام 2003، فان قوات (الحشد الشعبي) واجهت مزاعم وادعاءات بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الانسان .

في اخر حادثة، وفقا لتقرير هيومن رايتس ووتش والذي حصلت عليه أولا وزارة الخارجية، فان أحد كتائب قوات (الحشد الشعبي)، لواء علي الاكبر، قد احتجز وأساء معاملة المدنيين بشكل تعسفي خلال استجوابهم بهدف الكشف عما إذا كان السكان من المناطق المحررة حديثا لهم علاقات مع (تنظيم الدولة) .

وكما علمت في وقت لاحق، فانه وعلى بعد أربعة أميال فقط إلى الجنوب من المكان الذي أتيت فيه لتحية الاكبر، كان هناك ما لا يقل عن 130 رجلا محتجزين في مدرسة تل أبتاجانوبيا الابتدائية. وقبل إطلاق سراحهم، تعرض العديد منهم للضرب بكابل معدني سميك، وفي حالة واحدة، حتى الموت .

تاريخ سيء

وعلى الرغم من أن ملف قوات (الحشد الشعبي) قد تلقى دعم في السنوات الأخيرة، حيث ساعد جنودها في الاستيلاء على مدن الأنبار وديالى وتكريت وبيجي قبل أن ينضموا إلى الهجوم على الموصل، اتهمت هذه القوات بارتكاب فظائع، وخاصة ضد المدنيين السنة. وتشمل الانتهاكات المبلغ عنها: عمليات القتل خارج نطاق القانون، وعمليات الاختطاف، والضرب، والنهب، وتجنيد الأطفال .

منذ أن تم دمج المليشيات في الجيش العراقي، انتاب العديد من المحللين والسياسيين والمدنيين المحليين القلق من أن الميليشيات الشيعية ستعيق القتال من أجل الموصل، كما حدث في الفلوجة في عام 2016 حيث قاموا بالاساءة الى سكان المدينة من السنة .

وتظهر صور ولقطات فيديو قوات (الحشد الشعبي) والجنود العراقيين وهم يرتكبون عمليات قتل خارج نطاق القضاء وعمليات إعدام على جانب الطريق، وسحب جثث المعتقلين في الشوارع، وفي إحدى الحالات إسقاط مقاتل يشتبه في أنه من (تنظيم الدولة) من برج. وكما يتبادر للذهن فانه من الممكن لمقاتلي (تنظيم الدولة) أن يشيروا إلى مثل هذه اللقطات وغيرها من الفظائع التي ترتكبها قوات (الحشد الشعبي) ويستغلونها لتجنيد المزيد من السنة .

غير أن قوات (الحشد الشعبي) لم تكن مكلفة بالانضمام إلى القوة لإعادة النظام إلى الموصل. واوضحت القيادة المشتركة في العراق ان الدور الاول للحشد في الموصل: وهو انها ستتمركز خارج المدينة "في المناطق والقرى التي ستكون آمنة وبعيدا عن نقطة الاتصال مع العدو" هذا ما اعلنه الجنرال عبد الامير يار الله قائد عمليات نينوى، لوسائل الاعلام المحلية فى يناير. ولم ينضم (الحشد الشعبي) إلا في ربيع هذا العام إلى المعركة في الموصل بطريقة أكثر تكاملا .

واشارت وزارة الخارجية الاميركية في بيان نشرته في مارس الماضي الى ان الحكومة المركزية في بغداد قد اعلنت عن تحقيقات في انباء عن انتهاكات قوات (الحشد الشعبي) الا ان نتائج التحقيقات او الادانات غالبا ما لا تكون متاحة للجمهور". وقال موظفون من المحكمة العراقية والتي تشرف على التحقيقات انه لم تجر سوى محاكمة واحدة حتى الآن .

وعلى الرغم من أن هناك عددا من الجماعات الإرهابية التي ترعاها الدولة والتي تقاتل في معركة الموصل مثل منظمة بدر وحزب الله اللبناني ومختلف الجماعات الصدرية التي يزعم أنها ارتكبت جرائم حرب وأعمالا شنيعة ضد القرويين السنة واستقطبت الدعم من إيران ،

كانت قوات على الاكبر الاقل عيوبا حتى الآن. وقد اخبرني فيليب سميث، وهو زميل مساعد في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بانه وبالمقارنة مع المجموعات المدعومة من إيران، فان قوات على الاكبرأفضل بكثير من حيث تدبرهم و ادارتهم لأنفسهم. لقد يبنوا وجهة نظر عراقية وتتعارض مع الطائفية، وأعتقد أن ذلك يتكلم عن قدراتهم وأين يقفون في هذا الوضع السياسي الواسع .

ويثير سميث نقطة حاسمة وهي الاختلافات الاساسية في الايديولوجية ضمن الميليشيات الشيعية في العراق والصعوبة التي تخلقها تلك الاختلافات عند تحديد اي جزء من الميليشيات التي تضم 100000 شخص والتي ارتكبت الفظائع.فأولئك الذين يتبعون فتوى السيستاني مثل لواء الاكبر لايعتبرون عملاء ايرانيين او سياسيين مثل المتشددين الذين يتبعون خميني واحياناً يخلق هذا الانقسام الايديولوجي بين مختلف جماعات (الحشد الشعبي) التوترات والمنافسة ممايعني انه عندما تظهر الفظائع او الانتهاكات تدعي العناصر التي تنتمي لمجموعة بان تشكيل اخر ارتكب تلك الجرائم او ببساطة تنكر الاتهامات صراحة وتتعقد تلك الاداعات اكثر فاكثر بسبب ان (الحشد الشعبي) يضم عدد من السنة والمسيحيين واليزيديين .

وقالت بلقيس ويلي، الباحثة البارزة في العراق ل هيومن رايتس ووتش: "نحن حريصون جدا على تحديد كتائب معينة. وتعتمد المنظمة على حسابات الشهود أو الضحايا وأوصافهم لمعرفات الهوية مثل الشارات أو اللافتات. ولكنها لاحظت أن بعض الألوية "الموحدة والتي تعتمد على القائد " أكثر تكريسا لاتباع قوانين الحرب، وبصفة عامة، "لا يمكنك تحديد ذلك بسهولة ."

لاحظ تقرير هيومن رايتس ووتش في بدايات العمليات العسكرية، بأن هيئة (الحشد الشعبي) نادراً ما كانت تتناول الاتهامات بالاحتجاز التعسفي والتعذيب وإعدام المدنيين، لكنها أصدرت بيانا في فبراير نفى فيه أي انتهاكات. وبعد فترة وجيزة، قالت الهيئة لممثلي هيومن رايتس ووتش بانها قامت باحتجاز الأشخاص الذين أسروا خلال القتال، ولكن فقط لفترات قصيرة قبل نقل المسؤولية إلى السلطات العراقية .

كما تعزو بلقيس حقيقة أن معركة الموصل شهدت انتهاكات أقل من معركة الفلوجة للقادة الذين يعرفون بان كان هناك حاجة إلى الرقابة وأنه سيكون هناك تداعيات خطيرة للسلوك الإجرامي. لكنها أشارت أيضا إلى أن الدور الأكثر هامشية لقوات (الحشد الشعبي) في الموصل قد ساعد على ذلك .

وقالت لي: "في معركة استعادة الموصل، رأينا قوات معادية ل(تنظيم الدولة) تقوم بالاحتجاز التعسفي والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون". واضافت "لكن ما نستطيع ان نقوله ان هذه العمليات لا تزال اقل حدوثاً مما كانت عليه في العمليات السابقة لاستعادة المناطق من (تنظيم الدولة) وخصوصا معركة الفلوجة".

عرض من الداخل

وعلى طول الطريق المؤدي إلى قاعدة الاكبر، كانت الأعلام البيضاء التي تحمل شارة خضراء لتلك الجموعة تنتشر على تلال الرمال الصغيرة على فترات 50 مترا. وقال مترجمي أثناء رحيلنا إلى القرية بانه مكتوب عليها: "مرحبا بكم في ارض (الحشد الشعبي)". "من هنا فصاعدا كل شيء عسكري". واختفت خيم البدو التي كنا نراها قبل ساعة، ليحل محلها صحراء لا نهاية لها ومساكن الطين التي تتالف من طابق واحد. كان من السهل اكتشاف الموصل في الأفق إلى الشمال الشرقي، والذي سادته سحب من الادخنة جراء الغارات الجوية .

وبينما كنا نمر من خلال نقاط التفتيش، صاح سائقي، "وسائل اعلام حربية، وسائل اعلام حربية!" على الحراس الذين سمحوا لنا من خلال تلويحهم بالايدي. لم يكن لدى السائق والمترجم سوى كلمات طيبة للميليشيات. ولكني جئت لزيارة قوات الاكبر لاستفسر عن اتهامات بارتكاب جرائم حرب والاستماع لهم .

وقال الجنرال شيخ أحمد المنشداوي ، مساعد القائد، عندما سألته عما إذا كان بإمكانه الدفاع عن مجموعته ضد اتهامات بارتكاب جرائم حرب: أحد المساعدين تدخل ليقول، "هل رأيت مدنيين؟ هل رأيت اي اشخاص هنا؟ القي نظرة حولنا. هل ترى أي شخص يعذب هنا؟ "

وقال المنشداوي "نحن لا نأتي الى هنا مثل الميليشيات". عندما استمعنا إلى دعوة السيستاني إلى التسلح ضد (تنظيم الدولة) في عام 2014، انتبه اعضاء مجموعتنا الى هذا الشيء. وقال المنشداوي: "كان الجميع يقولون أشياء سيئة عن (الحشد الشعبي)، عندما بدأت معركة الموصل. "إنهم يعتقدون أن (الحشد الشعبي) يفعل أشياء سيئة، لكننا لا نفعل ذلك. لدينا وحدات كردية ومسيحية ويزيدية بيننا ".

ومع ذلك، يمكن كسر السلام الجماعي لجبهة الحشد بسهولة عندما تشتت مجموعة واحدة وتعلن الولاء لرجال الدين أو الحكومة أو دولة مختلفة. وعلى الرغم من أن الكلمات الرقيقة تزيل الجراح مؤقتا، فإن عددا قليلا من الأعضاء سيخرجون مباشرة ويتعاملون مع هذه المزاعم. وکما ذکرنا سابقا، فإن إعداد محکمة للإشراف علی قضایا قوات (الحشد الشعبي) لم تحاول إلا أن تدين شخصا واحدا بتهمة ارتكاب جرائم حرب. إن مقاضاة مثل هذه الجرائم صارمة خلال الحرب، وخاصة ضد جماعة مستهجنة عالميا كـ(تنظيم الدولة) .

خلال وقتي مع المنشداوي، تحدثنا كثيرا عن مستقبل لواءه و(الحشد الشعبي) الذي كان يستعد للهجوم النهائي على الموصل. كما ناقشنا من يقوم بتوريد ودعم شبكة المقاتلين (التبرعات من جنوب العراق) وما إذا كان (الحشد الشعبي) مستعدا للعب دور أكبر عندما يصل إلى ضواحي المدينة. "في (الحشد الشعبي) افراد يقاتلون بضراوة. نحن نقاتل حتى النهاية ولن نستسلم أبدا ". عندما سألته عن مستقبل قوات (الحشد الشعبي) بعد الانتصار في معركة الموصل، تهرب من سؤالي بالقول إن ولاءه هو لفتوى السيستاني وأينما يتطلب نداء المعركة سنلبيه .

وكان الشيء الثابت في حديثنا هو موقفه تجاه (تنظيم الدولة)، حيث قال عنهم: "ليس لديهم حقوق إنسان، ولا يؤمنون بالدين، ولا يتبعون إلا قواعدهم". واضاف "انهم يدمرون كل شيء. علموا الناس كيف يقتلون. نحن نأتي إلى هنا فقط بحثا عن السلام ". وأضاف:" (الحشد الشعبي) سيبقى حتى النهاية " أو على الأقل حتى يتم سحب الفتوى .

وفي الخارج، ترفرف راية (الحشد الشعبي) أمام مقر قوات الاكبر الذي يتالف من طابقين. وهناك لافتة بيضاء كبيرة تحمل علامات حمراء وسوداء وخضراء، عندما تبهت في الصحراء لتعرضها لأشعة الشمس تظهر وكأنها راية استسلام حتى لو رأى اللواء نفسه على أنه يلعب دورا أكبر في الموصل بعد (تنظيم الدولة) .

وقال أحد اعضاء اللواء "ان ذلك يعني السلام للمدنيين". "يمكننا مساعدتهم". على اية حال قد يحتاجون إلى الإجابة على الادعاءات ضدهم أولا .

ترجمة خاصة بموقع (الهيئة نت)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق