الاثنين، 12 مارس 2018

ماذا يعني ان يكون العدو طائفياً ؟


ماذا يعني ان يكون العدو طائفياً ؟

عراق العروبة
أيمن نبيل 


الطائفيّة تنتشر في المجتمعات التي لا تعرف فكرة الدولة, الدولة بما هي تمثيل وحماية للمواطن وتسيير لشؤونه, هنا تصبح الطائفيّة هي "التعويض" عن النقص في فكرة الدولة .

ولكنّ ما يسهم في تعزيز سطوتها وانتشارها كـ"نموذج" هو نوع مجابهتها, وهذا عامل مهم عند رصد سرعة انتشار -او انحسار- نزعات تسييس الطوائف, ولمجابهة الطائفية شكلان رئيسيّان :

الاول هو المجابهة الطائفيّة, اي الانتماء لهوية فرعيّة تتم عمليات -ليس لها اساس عقلاني حقيقي- متراكمة لاظهارها بمظهر "ضد" الهويّة الفرعيّة للطرف الاول, وهذه عمليّات مركبّة تتضمن اعادة سرد التاريخ وتركيبه من جديد ليؤكد على فكرة "العداوة الوجودية" الازلية بين الطرفين, ونوع المجابهة هذا يمُد في عمر العدو وفكرته بصورة اساسيّة, لان فكرة العدو عن ذاته تغدو شرعيّة اولاً, ولأن فكرة "العداوة" التي يقول بها من البداية تُكرّس بسهولة في الواقع حينها ثانياً .

بالاضافة الى ذلك, فإن المجابهة الطائفيّة تجعل من الواقع خريطة صراع بين "اطراف" , وهذا يعطي فرصاً اكبر للعدو الطائفي بأن يتحالف مع , ويستقطب , تشكيلات اخرى , لان الصراع بين اطراف متساوية البنية .

الشكل الثاني للمجابهة هو المجابهة الوطنيّة, وهنا تكون المجابهة طريقاً عمليّاً لبناء الدولة , فيتم ابعاد اي صفة هويّاتيّة عن الصراع, حيث يعتمد الخطاب الوطني هذا مبدأ المواطنة, ويقول به حتى وهو في عداوته الشديدة مع الطرف الطائفي ويدخله ضمن مشروعه للدولة الوطنيّة , والاعتراف فقط بوسائل الدولة في قهر الطرف الطائفي .

هذا الشكل من المجابهة ينزع ايّ شرعيّة عن "فكرة" العدو حول ذاته , بالاضافة الى انه لا يسمح له بتكوين تحالفات, لان الواقع هنا ليس صراعاً بين "أطراف" متشابهة, بل بين "جماعة طائفيّة" ومشروع وطني, ولكن الاهم في هذه الجزئيّة هو ان هذا المشروع الوطني يتوجب الا تمثله قوة سياسية واحدة, بل "كتلة" سياسية متحالفة, لان الصبغة الوطنيّة لاي مشروع في ظل واقع طائفي لا تُكرّس الا بتكتُّل واسع ومتنوع .. اما تحمل قوة واحدة مشروعا وطنيا في مجابه عدو طائفي, فإنه يسهل من عملية شيطنة العدو الطائفي لهذا الطرف واظهار الصراع كتناحر بين طرفين بينما يوجد هناك محايدون كثر!

المشروع الوطني هو المجابهة الفاعلة للعدو الطائفي, بشكله الذي وضحناه آنفاً , ولكن علينا ان نستحضر في اخلاقنا فكرة مهمة وهي ان المقصود بالمشروع الوطني مبادئ وافكار وبرامج واضحة ومحددة للتعامل مع الواقع وليس شعارات "وطنية" فارغة لم يعد احد يصدقها, يجب ان يكون مشروعاً مواطنيّاً براغماتيّاً قادر على الاقناع والاستقطاب, اما الشعاراتيّة الوطنيّة , فما هي الا فرصة اضافية للعدو الطائفي حتى يكمل سيطرته على الواقع .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق