أصداف : في “الأمن السيبراني”
عراق العروبة
وليد الزبيدي
تطوّر الأمن يتأتى في أغلب الأحيان من الحاجة، وتظهر تلك الحاجة بعد أحداث جسام، كما أن الكثير من الدول تسارع لاتخاذ إجراءات أمنية نظرا لحصول ثغرات في جدار الأمن لدول أخرى، على سبيل المثال درست الأجهزة الأمنية الخاصة بحمايات رؤساء الدول وكبار المسؤولين ثغرة “المنصة” التي أودت بحياة الرئيس المصري الأسبق أنور السادات في العام 1981 خلال الاستعراض العسكري لمناسبة حرب أكتوبر، حيث قفز عسكريون من عربتهم المشاركة في الاستعرض ليمطروا الرئيس السادات بوابل من الرصاص والقنابل اليدوية، ومثل ذلك، اتخذت دول العالم إجراءات مشددة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر في العام 2001 داخل الولايات المتحدة، وحصلت مراجعات خطيرة في جميع الثغرات الأمنية المحتملة حتى إذا كانت نسبة حدوثها في أدنى الدرجات .
والحديث عن “الأمن السيبراني” في الوقت الحالي قد يكون بعيدا عن الحاجة الكبيرة له، نظرا لأن عوالمه ما زالت في طورها الأولي، رغم وجود قدرات هائلة لدى المختصين في الهجمات السيبرانية قد لا يتوقعها الكثيرون، لكن من يريد التدقيق والتمحيص في جدران هذا النوع من الأمن، سيجد أن هناك أخطارا ترقى إلى الهجمات الكبرى التي حصلت في الكثير من بقاع الأرض خلال العقود القليلة المنصرمة، إذ تزداد خبرة وممارسة العاملين في هذا القطاع المخيف بسرعة لا يتوقعها حتى الخبراء في علوم التقنيات، ولا يستبعد التخطيط لهجمات كثيرة قد تؤثر سلبا على قطاعات واسعة وفي مختلف دول العالم، وفي حال وقع الحدث الكبير فإن مفاصل غير متوقعة سيلحق بها الخراب أو الدمار، ولأن التقنيات الحديثة ترتبط فيما بينها بمفاصل غاية في الدقة، فإن الضرر قد يكون في حال وقع أمر من هذا القبيل أوسع من المتوقع وقد تصل شظاياه إلى أماكن ومناطق لا يتوقعها أحد.
قد يكون التحذير من تطور الاختراقات في جدران الأمن السيبراني مبكرا كما يعتقد الكثيرون، لكن الذي يدقق في القفزات الهائلة التي تحصل في كل ساعة في عالم التقنيات يمكن أن يتلمس بعض جوانب تلك الأخطار المحتملة، ولمجرد إجراء مراجعات بسيطة في الخروقات الأمنية التقليدية وتطور الوعي الأمني الذي حصل خلال عقود بل وقرون، نجد أن وقع الخروقات يتناغم والتطور الذي طرأ في عالم السلاح من الخفيف إلى المتوسط، أما سلاح الأمن السيبراني فبدون شك يختلف تماما عن السلاح التقليدي، كما أن هذا السلاح يشهد نقلات هائلة، وسرعان ما يتحول هذا التطور والتطوير من فكرة في عقول المختصين بهذا القطاع إلى منتج فعّال، قد لا يتسغرق ذلك إلا ساعات أو أياما معدودة.
المشكلة التي يعيشها الكثير من الشعوب والمؤسسات المعنية بهذا الأمر عدم معرفتها حتى بالتعريف البسيط لـ”الأمن السيبراني”، لذا، فإن الكثيرين يواجهون صعوبة في تخيل حجم الخطر الكامن في هذا الحقل الشائك والمتشعب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق