أخر الأخبار

.

الزرفي من لاجيء (رفحاوي) إلى رئيس وزراء (عقرباوي)!



الزرفي من لاجيء (رفحاوي) إلى رئيس وزراء (عقرباوي)!


عراق العروبة
هارون محمد




على مدى الأيام الأربعة الماضية، التي أعقبت تكليف محافظ النجف السابق، والنائب الحالي عدنان الزرفي، بتشكيل حكومة مؤقتة، تخلف حكومة عادل عبد المهدي المستقيلة، منذ أكثر من ثلاثة أشهر، والأحزاب والمليشيات الشيعية، تعيش أوضاعاً مأزومة، انعكست واضحاً، على مواقفها القلقة، وردود فعلها المتشنجة، لأنها عجزت في الاتفاق على مرشح منها لرئاسة مجلس الوزراء المقبل، برغم أنها شكلت لجنة سباعية، أمضى أعضاؤها أسبوعاً كاملاً، في اجتماعات متصلة، من دون أن يتوصلوا إلى اسم محدد، أو يخرجوا بصيغة معينة، تتيح مغادرة الأزمة السياسية الخانقة، التي يعيش العراق تحت وطأتها، منذ اندلاع الحراك الشعبي، في الأول من اكتوبر (تشرين الاول) من العام الماضي.


ولعل أغرب الدعاوى، التي ساقتها أغلب تلك الأحزاب والمليشيات، في رفض تكليف الزرفي، أنها اتهمت رئيس الجمهورية برهم صالح، بخرق الدستور، وخيانة الأمانة، وتجاوز رمزية منصبه، برغم أنه سايرها كثيراً، وجامل قادتها، وظل ينتظر، ما تتفق عليه، من دون نتيجة، بعد أن أخفقت في تشكيل ما يسمى بأكذوبة (الكتلة الأكبر) نيابياً، التي يحق لها، وفقاً لتفسير سابق للمحكمة الاتحادية، ترشيح من تراه مناسباً لرئاسة الحكومة، وهنا لابد من ملاحظة أن مفهوم أو مصطلح الكتلة الأكبر، لم يتبلور عقب انتخابات 2018 الآخيرة، وبات تحالفا (سائرون) بزعامة مقتدى الصدر، وله 54 نائباً، والفتح، بقيادة هادي العامري، وحصل على 47 نائباً، يدعي كل منهما، أنه (الأكبر)، الأمر الذي ضيع على التحالفين، صدقية ما يدعيّان، وقد وضح ذلك جلياً في فشلهما عقد جلسة مجلس النواب، بنصاب قانوني، لمنح الثقة لكابينة محمد علاوي الوزارية، في الأول من الشهر الحالي، وهو ما دعا علاوي إلى الانسحاب.

وإذا كانت تجربة محمد علاوي، الذي لم يكن عضواً في حزب معين، أو محسوباً على كتلة محدّدة، قد كشفت عن تشظي البيت السياسي الشيعي، واتساع الانقسام بين أطرافه، فإن تكليف عدنان الزرفي قد فاقم ذلك التشظي، وزاد من حدته، لأن الأخير، عضو قيادي في تحالف النصر، بقيادة رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي، ورئيس كتلته النيابية في البرلمان الحالي، الأمر الذي أنتج مواقف متناقضة، في أوساط الأحزاب الشيعية، التي وجدت نفسها، في حيرة وارتباك، فهي لا تستطيع التبرؤ منه ونفي شيعيته، على الصعيد الشخصي، وهي، أيضاً، لا تقدر على شطب كتلته النيابية، وهي حاضرة وموجودة في البرلمان، على الصعيد السياسي، لذلك تركز هجومها على برهم صالح، وعدّته المسؤول الأول، عن الأزمة الجديدة، وفقاً لوصفها، بل أن الأمين العام لمليشيا كتائب الإمام علي، شبل الزيدي، نشر تغريدة قال فيها: (بتفرقنا ـ ويقصد القوى الشيعية ـ يحكمنا برهم) في حين صرح النائب عن مليشيا العصائب، نعيم العبودي، أن صالح، أصبح شخصية جدلية، وترافق ذلك مع بيان شديد اللهجة، وقعه زعيم حزب الدعوة نوري المالكي، وقائد مليشيا (بدر) هادي العامري، ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، ورئيس المجلس الأعلى همام حمودي، نددوا فيه بإجراءات رئيس الجمهورية، وقالوا: إنها غير دستورية، ولمحوا بعزمهم على إقالته.

إن مشكلة الطبقة السياسية الشيعية الحاكمة، أنها ليست مختلفة في توجهاتها، ولا في انتهازية مواقفها، وإنما تكمن في خلوها، من رجال دولة، لديهم استعداد، لتبني مفاهيم وطنية في الحكم، والتزام معايير النزاهة في الإدارة، بعيداً عن التحزب، والتعصب الطائفي، وقد أثبتت الأحداث، بالوثائق والوقائع والتواريخ والأرقام، أن الحكومات، التي ترأسها إبراهيم الجعفري ونوري المالكي وحيدر العبادي وعادل عبدالمهدي، على امتداد خمسة عشر عاماً، ليست فاسدة تماماً، وطائفية دائماً، فحسب، وإنما أحدثت خراباً مروعاً في العراق، وسعت إلى كسر ظهره، وتحويله من بلد ناهض، ينبض بالحيوية، برغم التحديات كلها، التي واجهته، إلى بلد هامشي، يقوده حفنة من الأغبياء واللصوص واللطامين، تسابقوا في التنكيل بالشعب، وسرقة موارده، والتلاعب بمقدراته، حتى بات كل واحد منهم، صاحب أرصدة ومليارات، ومشاريع واستثمارات، في وقت قياسي، وهم الذين كانوا أشبه بشحاذين، يتلقون المساعدات من الدول، التي استقبلتهم كلاجئين، ويتحايلون على قوانينها، ويمارسون تزوير جوازات السفر، وتهريب الممنوعات، وروائح فضائحهم في أوربا وأمريكا وسوريا ولبنان، وبلدان أخرى تزكم الانوف.

وعموماً.. فإن تكليف عدنان الزرفي، بتشكيل حكومة مؤقتة، يعكس فشل الأحزاب والمليشيات، التي هيمنت على المشهد السياسي، واستأثرت به طيلة عقد ونصف من السنوات، وعدم قدرتها على مواكبة العصر، وعجزها عن تلبية مطاليب الشارع العراقي، في تعزيز السيادة الوطنية، وتوفير الأمن والخدمات، ووقف الهدر في المال العام، ومن الصعب على الزرفي، النجاح في مهمته، لأنه نتاج تلك الأحزاب، وواحد من أولاد فسادها، وعليه ملفات تدينه، وصفقات تفضحه، خلال عمله محافظاً للنجف، وأقرب الاحتمالات تتوقع، أنه حتى لو تمكن من تمرير حكومته في مجلس النواب، فإنه لا يستطيع الاستمرار، في منصبه، في ظل حراك شعبي ضاغط، لا يقبل بأنصاف الحلول، ولا يصدق الوعود، ويتطلع إلى عملية تغيير وطنية كبرى، تقودها وجوه غير مستهلكة، وليست تقليدية، تبني العراق وفقاً لأسس حضارية، تعوض سنوات الخراب، التي تركت آثارها الوخيمة، على كل مفصل ومكان وميدان في العراق، والزرفي كما تكشف سيرته ومسيرته أضعف، من أن يكون رجل المرحلة، القادر على الإصلاح والتغيير، لأنه يبقى جزءاً من منظومة الفساد الحكومية، وتأريخه السياسي القصير، ملتبس ومشبوه، كمحكوم سابق، وهارب إلى مخيم رفحاء، ولاجيء في الولايات المتحدة، ومن ثم مرافقته لقوات الاحتلال الأمريكي، كمترجم ودليل، واستحواذه على منصب محافظ النجف، بقرار من الحاكم المدني السفير بول برايمر، كلها معطيات، تؤكد انه لا يصلح لرئاسة حكومة، تتحمل مسؤولياتها الوطنية، خصوصاً، وانه شخص لا يفهم الا في( الخمط) ويحمل أمراضاً مزمنة في الخيانة، وعاهات متوطنة في العمالة.

0 التعليقات: