أخر الأخبار

.

العشاء مع زلماي خليل زاد ليس دسماً!



العشاء مع زلماي خليل زاد ليس دسماً!



عراق العروبة

هارون محمد





يخطيء بعض السياسيين الســّـنة في خارج العراق اذا اعتقدوا ان الامريكان باتوا الان في حسرة وندم، لانهم سلموا الحكم في البلاد بعد الغزو الى الاحزاب الشيعية التي فسدت وأفسدت وفشلت في ادارة العراق، وانهم ـ أي الامريكان ـ يخططون حاليا لصيغة جديدة تحقق توازناً سياسيا واجتماعيا لـ(انقاذ) العراق من أزماته، وبالتالي لا بد من استثمار هذه الحسرة وتوظيف هذا الندم لدفع السـّـنة نحو واشنطن والارتماء في احضانها، كما فعل اقطاب الشيعة في السنوات التي سبقت الاحتلال، حتى ان هذا (البعض) يقع في دائرة الوهم ايضا، عندما يطالب السنة العرب بالتوجه الى البيت الابيض لعرض مظلوميتهم كما فعلها احمد الجلبي ومحمد بحر العلوم وعبدالعزيز الحكيم وكنعان مكية وموفق الربيعي وابراهيم الجعفري والاخير كان يزور الولايات المتحدة بحجة اللقاء مع الجالية العراقية للتغطية على اجتماعاته السرية مع المسؤولين الامريكيين، دون ان يدرك هذا البعض مع الاسف ان امريكا كانت وستبقى دولة استعمارية وامبريالية تآمرت وتظل تتآمر على العروبة والعرب كاستراتيجية ثابتة .
 
نقول هذا الكلام ونحن نرى ونسمع ان نشاطا يبذله السيد جمال الضاري لدعوة عدد من السفراء الامريكيين السابقين والجنرالات المتقاعدين ممن خدموا في العراق، لحضور مؤتمر يزمع عقده في باريس نهاية الشهر الجاري، حتى يقال ان ممثله في واشنطن وهو شاب من اسرة كريمة قبل ان يهاجر الى امريكا ويتأمرك ويتخذ اسم (مارك) له، عرض أموالا ومكافآت على بعض الاسماء مقابل المشاركة وحضور مؤتمره العتيد .

من حق جمال الضاري وهو جديد على السياسة ويتطلع الى لعب دور فيها موظفاً أمواله واستثماراته في عقد صلات مع الامريكيين، شرط الا يكونوا من محرضي العدوان على العراق ولم يتورطوا في قتل أبنائه، ومن حقه ان يسوق نفسه سياسيا ويروج لمنظمته التي لم تكمل عامها الاول بعد، ولكن عليه ان يعرف مسبقاً ان السفراء السابقين والجنرالات المتقاعدين لا ينفعون بعد ان غادروا مواقعهم السابقة وتحولوا الى تجار (شنطة) يحملون عقودا ومقاولات، كما يفعل السفير السابق زلماي خليل زاد والجنرال المتقاعد غاردنر وغيرهما في اقليم كردستان، فمثل هؤلاء استهلكوا ولم يعد بامكانهم التأثير على اتجاهات وسياسات واشنطن وثوابتها المصلحية، ومن الصعب عليهم حسب السياقات الامريكية السائدة العودة الى لعب ادوارهم السابقة من جديد، خاصة وان سجل خدمتهم في العراق فيه الكثير من الجرائم والانتهاكات والاخطاء اعترفوا بها بملء افواههم دون ان ينتقدوا او يلوموا أنفسهم على مواقفهم المخزية، ومن قرأ مقال زلماي في مجلة (نيويوركر) عدد يونيو 2014 لا بد ولاحظ كيف انه تباهى في اختيار جواد المالكي قبل ان يصبح (نوري) رئيسا للوزراء في عام 2006 ؟ وكيف فاخر بنجاحه في فض الاشتباك بين حزب الدعوة ممثلا بابراهيم الجعفري والمجلس الاعلى ومرشحه عادل عبدالمهدي، واثبتت الاحداث والوقائع كم كان اختيار السفير الامريكي السابق خبيثاً وكارثياً وأضر بالعراق كثيرا .

من حق جمال الضاري وهو يخوض في بحر السياسة المتلاطم بالعراق ان يشق طريقه بحذر واتزان، بعيدا عن الخفة السياسية وتجنب السقوط في شرك الاوهام بانه بات زعيما سياسيا بين يوم وليلة، لمجرد انه يملك اموالا، هو حر في التصرف بها ولكن يفترض ان يستثمرها بما يعزز العمل الوطني العراقي، لا ان يفتتح دكانة جديدة تضاف الى سلسلة الدكاكين التي أفلست بعد ان عقدت مؤتمراً او اجتماعاً هنا وهناك تحت عناوين وشعارات براقة في مظهرها وتفريقية في جوهرها، والا ما جدوى مؤتمره الباريسي الذي يحمل اسم (المشروع الوطني العراقي) بتمويل قطري علني ودعم اجنبي خفي، دون ان تشارك فيه احزاب واطراف وشخصيات وقيادات دينية وسياسية وعسكرية وفكرية وعشائرية عراقية ذات حضور مؤثر وقواعد جماهيرية ومواقف مبدأية ؟ .

ومرة اخرى من حقه ان يموّل مؤتمرات وينظم اجتماعات، ولكن عليه الا يدخل في مناكفات مع هيئة العلماء المسلمين التي احتضنته سنوات طويلة، لمجرد انه لا ينسجم مع ابن عمه امينها العام مثنى حارث الضاري لاسباب شخصية ومزاجية، وعليه ايضا الا يندفع في معاداة حزب البعث في هذه المرحلة بالذات، رغم ملاحظتنا الكثيرة على سياساته وممارساته خلال سنوات حكمه الطويلة، فنحن الذين عارضنا تفرد الحزب في السلطة والحكم وانتقدنا نظامه الشمولي، تُلزمنا الضرورات الوطنية والقومية الآن، ان نقدرّ تضحياته في مواجهة الاحتلال ونتضامن مع قيادته الحالية وعلى رأسها عزة الدوري التي تتسم بالواقعية ونقد الذات ومغادرة سلبيات الماضي والتطلع الى الامام بتفاؤل وأمل، وشخصيا كتبت عشرات المقالات وهي موثقة ومحفوظة وأعتز بها ضد الدوري ورفاقه في قيادة الحزب عندما كان في السلطة، ولكن الانصاف يدعونا في هذا الوقت تحديداً، الا نبخس حقه السياسي أو نشترك في التعريض به أو الاساءة اليه، حتى نُدخل الفرحة في قلوب المالكي والعبادي والجعفري وهادي العامري وآل الحكيم وقادة الحزب الاسلامي .
  

هل نصدّق ان زلماي خليل زاد تاب وعاد الى جادة الصواب؟ وهو واحد من مهندسي غزو العراق وأحد رموز الاحتلال البغيض، والذاكرة العراقية الجماعية ما زالت تحتفظ له بمواقف مروعة ودمار وتخريب وتكريس المحاصصات الطائفية والعرقية التي دفع الســّنة والشيعة العرب ثمنها تنكيلا وتقتيلا وتهجيرا ونزوحا وبقية المصائب تأتي تباعاً .



0 التعليقات: