أخر الأخبار

.

التراجع الإيراني أمام واشنطن




التراجع الإيراني أمام واشنطن






عراق العروبة
اللواء الركن مستور حسن الأحمري



قامت إيران في تاريخ (1 فبراير 2017)، بتجربة صاروخ باليستي؛ وذلك في انتهاك واضح لاتفاقها مع الدول الست الكبرى والقرار (2231) الذي يقيد التجارب الصاروخية على طهران . 

إثر ذلك، جاء الرد سريعًا من إدارة الرئيس الأمريكي ترامب بفرض عقوبات على (25) كيانًا إيرانيًّا. وبتاريخ (5 فبراير 2017) صنف وزير الدفاع الأمريكي (جيمس ماتيس) إيران كأكبر دولة راعية للإرهاب في العالم. وقد دعمت الولايات المتحدة هذه الخطوات بالاشتراك في مناورة بحرية بجانب بريطانيا وفرنسا وأستراليا في الخليج العربي، وإرسال المدمرة (كول) إلى باب المندب؛ وذلك بعد استهداف فرقاطة سعودية أمام ميناء الحديدة من قبل الحوثيين وإلحاق بعض الأضرار بها . 

وقد أوضح موقع (عصر إيران) معارضته التصنيف الأمريكي لإيران راعيةً للإرهاب. وفي الوقت نفسه أوضح الموقع أنه يجب على إيران عدم إعطاء الفرصة لترامب للنيل منها ولتجنيب البلاد الأضرار التي من الممكن أن تلحق بها من جراء سياسة ترامب العدوانية كما وصفها الموقع . 

وفي تراجع واضح عمد بعض المسؤولين الإيرانيين إلى التصريح بان إيران (لن تستخدم قوتها إلا للدفاع عن نفسها). ويمثل هذا - من وجهة نظري - تراجعًا إعلاميًّا فقط. أما الواقع فعكس ذلك؛ فاختبار الصاروخ الباليستي واستهداف الفرقاطة السعودية وإطلاق مناورات صاروخية بالداخل؛ تمثل تصعيدًا واضحًا في سياستها العدوانية . 

وأرى أن إيران تمتلك أوراقًا سياسية وعسكرية تتيح لها هامش مناورة أمام السياسة الأمريكية الجديدة؛ فايران تملك السيطرة في العراق ودورها الفاعل في سوريا بدعم الروس وحزب الله في لبنان الذي له دور كبير في الواجهة السياسية هناك، "والخطر الأكبر" هي تلك الخلايا النائمة في دول الخليج التي بإمكان إيران حثها على النشاط في الوقت الذي ترى أنه مناسب أو حين تزداد الضغوط الغربية عليها . 

والولايات المتحدة ليست بصدد توجيه ضربة عسكرية لإيران؛ فالوضع الاقتصادي وموقف روسيا والصين والأوروبيين، عوامل لا تساعد على هذا الاتجاه، إنما ربما تبدأ باستهداف ومواجهة "التمدد الإيراني" أولًا بالحد منه في اليمن كأولوية بمساعدة دول التحالف العربي لإنجاز مهمته لإعادة الشرعية، والعمل على التدخل في سوريا سياسيًّا لا عسكريًّا، وكذلك بذل جهد للتخفيف من نفوذها في العراق ولبنان. وذلك يعتبر ترجمة لتصنيف طهران كأكبر دولة راعية للإرهاب . 

والجهد العسكري لواشنطن سيتمثل في تأمين الملاحة في الخليج العربي ومضيق هرمز، وعدم السماح بالتـأثير في أمن باب المندب ومراقبة أي تحركات إيرانية فيه أو تزويد الحوثيين بالأسلحة . 

وقد تلجأ واشنطن إلى الاستمرار في فرض العقوبات الاقتصادية واستهداف الشخصيات الإيرانية النشطة في مجال الإرهاب؛ وذلك سيكون بطرق لا تخل بالاتفاق النووي مع إيران لعدم إعطائها الفرصة للتنصل من التزامها الدولي السابق الذي صنفته الإدارة الأمريكية الجديدة بأنه اتفاق سيئ . 

وبهذه الإجراءات، ستعمل الولايات المتحدة مع حلفائها في المنطقة للحد من تهور السياسة الإيرانية الميليشياوية وترشيدها قدر الإمكان دون الدخول في مواجهة مسلحة تكون كلفتها عالية جدًّا، سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا، وعدم تكرار سيناريو أفغانستان والعراق ؛ فواشنطن أتوقع أنها لا ترغب في تكرار الفشل مرة ثالثة . 

وتبقى إيران دولة مثيرة للمتاعب في المنطقة ما لم تتجه للعمل كدولة لا العمل بعقل ثوري ميليشياوي لن يؤتي ثماره أبدًا .




0 التعليقات: