الأفكارُ تُعرضُ ولا تُفرضْ
الأفكارُ تُعرضُ ولا تُفرضْ
عراق العروبة
عبد الجبوري
أثارت مقالتي المنشورة يوم أمس في موقع (( كتابات )) و
شبكتيّ البصرة وذي قار ، المناضلتيّن، تحت عنوان " شيوع مظاهر التخلف والفوضى
في العاصمة بغداد " ، نقداً لاذعا ً
وهجوماً فظّا ً يفتقرُ الى المسوّغات الموضوعيّة المتعارف
عليها في الردودِ والتعقيبِ والنقد ، ( لن
ألتفِتَ اليها ، لعدمِ إستحقاقها ) ، بَيّد اللافت ان تُنشر في موقع ٍ عَهدناهُ رصينا ً جادا ً ، لا مكان فيه للمهاترات
والسجالات البالونية الفارغة ...
مما لاشك فيه ان جميع ما نُسَطِرهُ نحنُ بنو البشر من كتاباتٍ
ومقالاتٍ ، لا تُعد نصوصا ً مقدسة ، ولا مجال لأن يعتصم أحدنا بما يكتب او يتمسك
بأفكاره ومقولاته بوصفها حقائق ثابتة او أ ُصولاً مقررة ...
فإذا كان لأي عمل فكري وقائعيته ، فذلك يعني انه اصبح ملك القُراء
الذين يجعلونه مدارا ً للنقاش ِ والتعليق وربما يتخذه بعضهم مادة ً للدرس ِ والبحث
، او يتعاملون معه كحقل ٍ لقراءة ٍ منتجة ، تقرأ فيه مالم يُقرأ .
وفي جميع الأحوال يبقى الثابت الوحيد الذي يقف عنده
الكاتب ويدافع عنه ، هو ممارسة حُرية التفكير بعيدا ً عن أي إكراه مادي او ضغط
معنوي .
والحرية هنا تعني إمكانية ترجمة الأفكار في كل ِ أمر ٍ وتدوينها ثمَ
عرضها بصورة ٍ تُتيحُ للقاريء مناقشتها ونقدها ، دون التعرض لشخصِ كاتبها او حتى الإشارة المبطنة له " سلبا ً
" من قريب او بعيد .
لهذا أيها السادة ُ أقول :
ان الأفكارَ تُعرضُ ولا تُفرض .
يعلم الاستاذ اياد الزاملي ، ان كاتب هذه السطور كان واحد من بين كُتاب موقع (( كتابات )) منذ
الأشهر الأولى لتأسيسهِ ولغاية اواخر العام 2005 .
واقولها متواضعا ً :
كانت كتاباتي مثار جدل ٍ ونقد ٍ لسماسرة ِ الإحتلال وكُتاب
عمليتهِ السياسية المَسِخة من ( انتهازيين ونفعيين وقفازين متلونين )) .
وللحقيقة ايضا :
كان اولئك الكتبة ، على الرغمِ من إختلافي العقائدي والآيديولوجي معهم
، لم ينحدر احدهم يوما ً الى الإساءة الشخصية لي بقدر تعرضهم الى الأفكار
والطروحات التي كانت تُناقض توجهاتهم وميولهم .
ربما كانت سياسة (( كتابات )) حينها تختلف ُ من حيث
التزامها وسعيها لأن تكون منبرا ً حُرا ً جامعا ً لكافة التناقضات الفكرية ، ولهذا
نجحت في استقطاب كبار الكتاب والصحافيين ، الذين انفرط عِقدهُم وتوجهوا للنشر في
مواقع وصحف اخرى تحمي كتابها من الإساءة ِ المباشرة، وللأسف حَلّت محلّها اسماءً
دخيلة متطفلة ، لاتُفرق بين الفاعل والمفعول وبين الجارِ والمجرور ، وربما لم
يسمعوا بالصفة ِ والصفة ِ المُشبَهَة ، واخص منهم من هاجمني اليوم ناعتا ً نفسهُ
بالأكاديمي ، والذي تعدى حدود الأدب واللياقة ، ووصل به الأمر في التجاوز على
عشيرتي .
وقبل ان أختُم ، لايفوتني ان اتوجه للسيد ( الزاملي ) بنصيحة ٍ صادقة مُخلصة في قراءة هذه السطور المتواضعة قراءة مليّة والوقوف عندها بتغيير سياسة الموقع ، للحيلولة دون تهاوي (( كتابات )) إسوة بقريناتها التي تهاوت وانقرض البعض منها ، والعودة بها الى سابقِ عهدها ، كمنبر ٍ واعد ٍ ، وواحة فكرية تَحُطُ بها قوافل الثقافة والسياسة والأدب .
حفظ الله العراق والأمة .
النمسا في 23 نيسان 2017
0 التعليقات: