لاتختلف ايران ولاية الفقيه في اساليبها عن اي دولة استعمارية، مستخدمة ذات السياسات التي استخدمتها الدول الاستعمارية في التوسع والتمدد على حساب الدول المجاورة ، وبعيدا عن المصطلحات الدينية التي تتشدق بها ايران، نجد عند التأمل والقراءة السياسية لولاية الفقيه منذ استيلاء الخميني على الحكم سنة 1979،ان ايران ولاية الفقيه تستخدم نظرية المجال الحيوي في تمددها الجغرافي والسياسي .
والمجال الحيوي مصطلح استعماري، قبل ظهوره طبقته الامبراطوريات القديمة، وبعد ظهوره استعملته الدول الاستعمارية كافة كنظرية من نظريات الجيبولتك السياسية .
واول من استخدم مصطلح المجال الحيوي هو عالم الاحياء الالماني أوسكار بيسكال، في القرن التاسع عشر، في كتابه الذي حمل عنوان: (مراجعة أصول الأنواع عند داروين) الصادر في عام 1860.
والمجال الحيوي بشكل عام هو: عبارة عن المساحة اللازمة لنمو واستمرار الكائن الحي .وتم سحب هذا المعنى على الجانب السياسي للدول، ففي عام 1897 نقل العالم الألماني فردريك راتزل مصطلح المجال الحيوي من علم الأحياء إلى السياسة في كتابه (الجغرافية السياسية) .
ويمكن تعريفه كنظريةٍ سياسيةٍ: بانه (حاجة الدولة التي اعتُبرَت ككائنٍ حيٍّ إلى مساحةٍ من الأراضي أوسع كلما نمت أكثر) أي بمعنى عام: هو تبرير توسّع الدول الكبرى على حساب الدول الأخرى، لتأمين حاجات شعبها، دون النظر إلى حاجات الشعوب في هذه الدول، إلا بما يتناسب مع مصلحتها. (1) .
النظريات الجيوبوليتيكية التي ظهرت عبر السنين ، سواء القديم منها او المعاصر ، تهدف في اساسها الى اتباع سياسة بناء القوة الذاتية للكيانات السياسية . وهذه النظريات في تطبيقها تعمل أما لخدمة المصالح الاقتصادية والسياسية والعسكرية وتحقيقها وتأمين استمراريتها ، أو للتحذير أحيانا من احتمال قيام قوة يمكن ان تهدد كيانها ومستقبلها، أو للسببين معاً.
والمهم في كل هذا هو الارتباط الوثيق والاصيل بين علم الجيوبوليتيكس وبين مفهوم سياسة بناء القوة الذاتية للدول . لأن مكانة الدولة في سلم القوى على المسرح العالمي يرتكز أساساً على قوتها الذاتية الشمولية،و التي ترتبط بكافة العناصر كالاقتصاد والسكان (الحياة الاجتماعية)،والظواهر الجغرافية والسياسية والعسكرية ، وكافة مكونات الدولة .(2)
يعتبر العالم الألماني فردريك راتزل أن الدولة كائن حي، تدفعه الضرورة للتوسع لضم الأراضي التي يحتاجها حتى لو اضطر إلى استخدام القوة لتحقيق ذلك، فالدولة بنظره جزآن :
جزء بايولوجي (سكاني ) وهم السكان الموجودون قبل التوسع وجزء اخر معنوي :مستمد من العلاقة القوية بين مساحة الدولة وقوتها السياسية . فكلما ازدادت مساحة الدولة ازداد ارتباط الانسان بها وعظمت ثقته بها ، وازدادت قوتها السياسية، وكلما قلت مساحتها ضعف ارتباط الانسان بها وضعفت قوتها قوتها السياسية .
فنمو الولايات المتحدة الأمريكية وظهورها كقوة كبيرة داخل مساحة واسعة،زادت من ثقة الناس بها ،و هذا النمو جعل أهمية أوروبا تتضاءل، ولذلك تنبأ راتزل بان السيطرة العالمية ستنتقل في القرن العشرين من أوروبا إلى الدول العملاقة بالمساحة، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، واستراليا ، وهذا ماحصل فعلا . (3)
القوانين السبعة لنمو الدول وتوسعها عند راتزل : (4)
وضع راتزل في عام 1901 مقالة بعنوان “القوانين السبعة للنمو الأرضي للدولة”، وهذه القوانين وفق ما ورد في كتاب (الأصول العامة في الجغرافية السياسية والجيوبوليتكيا )، ترجمها الكاتب محمد رياض . ونحن نلخصها ونضيف اليها مدى تطابق ايران ولاية الفقيه مع هذه القوانين السبعة .
القانون الاول :
رقعة الدولة تنمووتتوسع كلما كانت لها حضارة ، وهذا مافعله الأوروبيون حينما هاجروا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قاموا بالقضاء على الهنود الحمر، وتملكوا الأراضي فتشكلت الولايات المتحدة الأمريكية التي تحمل طابعهم .
والحضارة الايرانية(بمعنى الثقافة ) هنا هي : مفهوم قومي فارسي، يتدرع بلباس ديني ،كوسيلة من وسائل التوسع في الاراضي الجديدة . وقد استعملت ايران هذا القانون بشكل واضح، حينما اتبعت سياسة التغيير الديموغرافي الاستئصالي الاحلالي، في الاراضي التي احتلتها ميليشاتها في المحافظات السنية . وعملت على نشر ثقافتها الطائفية عن طريق مدارسها بقم وطهران حيث يتخرج منها عشرات الالاف سنويا ، وعن طريق قنواتها الفضائية اكثر من 100 قناة بمختلف اللغات .
القانون الثاني :
توسع الدولة عملية تأتي بعد نمو السكان في هذه الدولة، كي يستطيعوا الانتشار في الأراضي الجديدة و نشر ثقافتهم وحضارتهم فيها . وتطبيقا لهذا القانون تتبجح ايران بان عدد سكانها قد وصل الى 80 مليون نسمة يخضع الجميع لولاية الفقيه،هذه الولاية التي يرادبسط سلطتها و نشر مفاهيمها في الدول المجاورة والعالم .
وفي عملية سافرة لهذه السياسة فقد فتحت المنافذ الحدودية بينها وبين العراق، وتدفقت مئات الالاف من الجموع الايرانية، بحجة الزيارات المليونية، وقد استوطن كثير من هؤلاء في العراق، واكتسبوا الجنسية العراقية، وجواز السفر العراقي .
القانون الثالث :
عملية نمو الدولة تبقى مستمرة حتى تصل إلى مرحلة ضم الأجزاء والأراضي التي احتلتها هذه الدولة؛ فتصبح كلاً واحداً لا يتجزأ . وطبقا لهذا القانون فقد صرح كثير من رموزنظام الولي الفقيه بان بغداد اصبحت عاصمة الدولة الفارسية . وان ايران ضمت اليها اربعةعواصم عربية هي: بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء .
القانون الرابع :
حدود أي دولة هو المجال المحيط بها والذي يحميها من اعتداء الدول الأخرى ، فهي كالجلد بالنسبة للأحياء، فالحدود لا توضع فقط لحماية الدولة من الغزو، بل لتوضيح مراحل نمو الدولة وتمددها . ولاريب أن إيران قد نجحت في إبعاد الخطر عن حدودها الدولية المعروفة، فهي تقاتل في ميادين اخرى بعيدة عن حدودها .
القانون الخامس :
تسعى الدولة في نموها إلى ضم الأقاليم المهمة سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا .وهذا ماحصل في تطبيق ايران لنظرية المجال الحيوي ، فعلى سبيل المثال إقليم عربستان الذي ضمته إيران في القرن العشرين، ويعتبر من اغنى الاقاليم في ايران بل هو سلة غذاء ايران ومذخورها من خزائن النفط والغاز . وكذلك احتلالها للجزر الإماراتية الثلاثة . وما تزال ايران ولاية الفقيه تحتل الجزر الثلاث، واقليم الاحواز ، مع مطالبة شعوبها بالاستقلال والتحرر .
القانون السادس :
تتوسع الدولة عندما يكون سكانها ذوو حضارة عريقة ، ولاتكتفي بحدودها المعروفة ، بغية نشر حضارتهم في الشعوب الاخرى . ولا اعتقد ان ايران لديها حضارة(مهمة ) لتتوسع بها في دول الجوار . وهذا القانون ينطبق على الدول الاستعمارية الكبرى كبريطانيا والولايات المتحدة بالاضافة الى اطماعها الاخرى السالفة الذكر .
القانون السابع :
ميل الدولة الى التوسع عندما تنجح في التوسع الاول، دون ان تلقى معارضة قوية، فيزداد نهمها بشدة ،حتى يصل إلى مرحلة ضم الأراضي المحتلة، وفي هذه الحالة تصبح (كالشخص الجائع ذو الشهية المفتوحة لتناول كل ما أمامه من طعام) . وهو حاصل بصورة جلية في السياسة الايرانية، حينما احتلت الجزر الاماراتية الثلاثة، وحينما احتلت شط العرب، وحينما تدخلت في سوريا والعراق ولبنان وصنعاء ، بقواتها وبشكل علني .
ولاشك ان التوسع الايراني في المنطقة، وعلى حساب الجيران له دوافع اخرى مهمة، منها شعورها بالقوة والتفوق على دول الجوار، مع وجود ثروات هائلة في هذه الدول، لاتتناسب حسب “التصور الايراني” مع قلة سكانها، والامر الاخر عقيدة قومية فارسية متدرعة بالدين، تهدف الى اعادة امجاد تاريخية قديمة ، للامبراطورية الفارسية .
السؤال المطروح :
الى اي مدى يمكن ان تتماهى ايران ولاية الفقيه مع الدول الاستعمارية الكبرى باستعمالها لنظرية المجال الحيوي مع جيرانها ؟
وماهي النهاية المتوقعة لهذا الطموح الايراني الذي لاحد لها في دول الجوار والعالم ؟
السوابق التاريخية المعاصرة لتطبيق نظرية المجال الحيوي
وللجواب على السؤال السابق لابد من استذكار السوابق التاريخية لبعض الدول التي استعملت هذه النظرية، والنتائج الكارثية التي انتهت اليها، وهي ذات النتائج التي تنتظر اي دولة ، بما في ذلك ايران التي تتجاهل حق الشعوب في تقرير مصيرها، وتنتهك سيادة الدول الاخرى بمختلف التبريرات .
والدارس للتأريخ القديم والمعاصر يعلم ان من اعظم السوابق التاريخية المعاصرة في القرن العشرين هو الاجتياح الاستعماري، الذي قادته بريطانيا وفرنسا وايطاليا في اقتسام تركة الدولة العثمانية، بعد انهيار الاخيرة في الحرب العالمية الاولى ، وكانت بريطانيا في القرن التاسع عشر قد استولت على الهند وأجزاء من الصين ، وتوسعت نحو الشرق، وفي الغرب استولت على امريكا الشمالية وطردت فرنسا منها وبقي لفرنسا نفوذ بسيط في شمال القارة الامريكية .
وبحلول عام 1922 ، أضحت الإمبراطورية البريطانية أكبر إمبراطورية في التاريخ ، ومنذ أكثر من قرن ، كانت تمثل القوة الاولى في العالم ، فقد سيطرت على نحو 458 مليون نسمة ، أي خمس سكان العالم في ذلك الوقت ، وشملت مساحة الامبراطورية على أكثر من 33670000 كم 2 ، أي ما يقرب من ربع المساحة الكلية للأرض ، ونتيجة لذلك ، أصبح إرثها السياسي والقانوني واللغوي والثقافي منتشرا على نطاق واسع ، وأطلق عليها وهي في ذروة قوتها عبارة “الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس” وكثيرا ما تستخدم لوصف الإمبراطورية البريطانية ، بسبب انفتاحها في جميع أنحاء العالم .(5)
خلال عصر الاستكشافات في القرن ال15 وال16 ، كانت البرتغال واسبانيا رائدتا الاستعمار الغربي بحجة الاستكشافات الأوروبية في الكرة الأرضية ، وخلال هذه العملية تأسست الإمبراطوريات الكبيرة في الخارج. الا ان بريطانيا كانت المنافس الاكبرلها ،و كانت قادرة علي أن تحل محل الامبراطوريات البرتغالية والهولندية والاسبانية في القرن السابع عشر والثامن عشر .
انهيار الامبراطورية البريطانية :
كأي امبراطورية في التاريخ لابد ان يسري على بريطانيا قانون انهيار الامبراطوريات وتلاشيها .
المؤرخ ارنولد توينبي الذي درس 22 حضارة وامبراطورية خرج بخلاصة تعد نظرية لانهيار الحضارات والامبراطوريات متأثرا بنظرية ابن خلدون في مقدمته الشهيرة ، واستطاع توينبي بالتناغم مع نظرية ابن خلدون ان يحدد المراحل التي تمر بها اي حضارة ابتداء من النشوء الى الانهيار وكما يلي :
1-مرحلة الميلاد والنشأة
2-مرحلة الازدهار والتوسع السريع
3-مرحلة الجمود والعجز عن التطور والإبداع والتجديد
4-مرحلة الانحلال والتدهور الأخلاقي
5-مرحلة السقوط والانهيار .
ولاشك ان الامبراطورية البريطانية قد انهارت وفق هذا التسلسل المرحلي الذي ذكره ارنولد توينبي وقد كانت بدايتهم في التوسع واستغلال المجال الحيوي مذهلة ، يقول المؤرخ البريطاني بيير بريندون بيرس(5) :
في كتابه انحطاط الامبراطورية البريطانية :
“كان البريطانيون هم أول من فهموا أن من يسيطر على البحار يمكنه أن يسيطر على العالم، وكانت تلك الفكرة أحد الأسس التي قام عليها مشروعهم الاستعماري الذي آل إلى بناء إمبراطورية بريطانية حقيقية مترامية الأطراف شملت بلدانا في إفريقيا وآسيا وخاصة في الهند وأفغانستان وباكستان والعراق وغيرها .
وكان البريطانيون قد أقاموا جزءا من إمبراطوريتهم على الأرض الأميركية إلى أن وقعت «الثورة الأميركية» التي ساعد عليها الفرنسيون وقاموا بدور هام لاستقلال امريكا عن بريطانيا وقد شارك جنود التاج البريطاني في «احتفال الاستسلام» عام 1781 بعد أن كانوا قد مارسوا التدمير سابقا .
الإمبراطورية البريطانية قد بدأت فعليا بالانهيار بعد الحرب العالمية الثانية التي خرجت منها بريطانيا منتصرة ولكنها في الوقت ذاته خرجت مدمرة إلى حد كبير، حيث تراجع دورها ودور فرنسا أيضاً بعد أن كانتا في عداد القوى الكبرى ذات الصوت القوي على المسرح العالمي في الفترات السابقة .
وقد شمل الانهيار الذي تسببت به الحرب الكبرى امبراطوريات اخرى قامت على خلفية المنافسة بين القوى الإمبريالية الأوروبية. فقد انهت الحرب وجود إمبراطوريتين كبيرتين، هما الإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية النمساوية-الهنغارية(6) .
الاستعمال الرسمي لنظرية المجال الحيوي :
جميع الامبروطوريات القديمة استعملت نظرية المجال الحيوي قبل انبثاقها وتأطيرها من قبل الالماني راتزل . الا ان الاستعمال الايديولوجي و الرسمي للنظرية لم يتحقق الا على يد ادولف هتلر، فقد تسبب الحصار الذي فرضته بريطانيا على التجارة، من وإلى ألمانيا ،خلال الحرب العالمية الأولى ،بنقص حاد في المواد الغذائية في ألمانيا، في حين أن الموارد من المستعمرات الألمانية في أفريقيا كانت تستطيع المساعدة لكنها بعيدة، لذلك ونتيجة معاناة ألمانيا من الجوع خلال الحرب العالمية الأولى، ظهرت نظرية المجال الحيوي، على اعتبار أن معاناة ألمانيا من الجوع كان من الممكن تفاديها لو توسعت ألمانيا نحو روسيا شرقاً، لسد النقص في المواد الغذائية، على اعتبار أن روسيا تحوي مناطقاً زراعية كثيرة، وبالتالي لديها وفرة من المواد الغذائية .
استخدم العالم الألماني كارل أرنست هاوسهوفر نظرية المجال الحيوي للانتقام من الهزيمة العسكرية التي لحقت بألمانيا في الحرب العالمية الأولى 1914 _ 1918، وما فرضته اتفاقية فيرساي من شروط مجحفة بحق ألمانيا، بعد أن أخذت منها الكثير من الأراضي وضمتها إلى دول أخرى مثل: (ميناء دانزينغ أخذ من ألمانيا بموجب اتفاقية فيرساي وأعطي لبولونيا ..إلخ)
كان أدولف هتلر قد ذكر في كتابه في كتابه (كفاحي) الذي نشر قبل وصوله إلى السلطة بثمانية أعوام أي في عام 1925، في فصل عنونه باسم “التوجه الشرقية أو السياسة الشرقية”، انه بحاجة الى استعمال نظرية “المجال الحيوي الجديد لألمانيا”.. حيث ادعى أن تحقيق المجال الحيوي يحتاج إلى إرادة سياسية، وأن الحركة الاشتراكية الوطنية يجب أن تسعى جاهدة لتوسيع المجال الحيوي للشعب الألماني، وتوفير مصادر جديدة للغذاء .
ولاشك ان هتلر قد استعمل القانون الخامس لنظرية المجال الحيوي والذي يؤمن للدولة الكبيرة مصادر اقتصادية مهمة .
وبالاعتماد على كامل النظرية حاولت ألمانيا في فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية (أي بين عامي 1918 و 1939) إنشاء إمبراطورية استعمارية تشبه الإمبراطورية البريطانية، أو الإمبراطورية الفرنسية، بالاعتماد على فكرة أن الدولة كائن حي كما قال العالم الألماني فردريك راتزل، الذي أضاف أن الدولة التي تتكيف مع المكان الذي تشغره على الخارطة من الطبيعي أن تتوسع إلى أقاليم أخرى .
لكن في هذه الحالة يجب تشجيع زيادة عدد السكان من خلال تشجيع زيادة عدد الأولاد لدى الأسرة الألمانية، حتى يستطيع سكان ألمانيا شغل الأقاليم التي تتوسع إليها دولتهم .
أدولف هتلر بعد وصوله إلى السلطة في ألمانيا جعل نظرية المجال الحيوي المبدأ العقائدي للنازية، حيث قدمت النازية مبررات التوسع الإقليمي الألماني في أوروبا الشرقية والوسطى، وتضمن مبدأ النازية ضرورة القضاء على معظم السكان الأصليين من أوروبا الشرقية (بما في ذلك البولنديين، الأوكرانيين، الروس، الدول السلافية الأخرى)، إما عن طريق الترحيل الجماعي إلى سيبيريا، أو الموت، أو الاستعباد، على اعتبار أن هؤلاء السكان أقل شأناً من الآرية الجرمانية، ليستطيع الألمان استعمار هذه الأراضي والاستقرار فيها، لأن هذه الدول (أوروبا الشرقية) تمتلك أراضِ زراعية تسد حاجة المانيا الغذائية بالسيطرة عليها ..
وبذلك أصبح المجال الحيوي الهدف الرئيسي في السياسة الخارجية للحزب النازي بعد وصول أدولف هتلر إلى منصب المستشارية في عام 1933، حيث رفض استعادة حدود ما قبل الحرب العالمية الأولى في ألمانيا، باعتبارها غير كافية، وعلى اعتبار أن عدد سكان ألمانيا كبير، وعليه فانه يرى أن الحدود السياسية لدولته هي حدود لحظية مؤقتة وليست دائمة، مضيفاً أن إعادة رسم الحدود يجب أن تستمر كهدف سياسي في ألمانيا !!
كانت اول ضحية لتطبيق نظرية المجال الحيوي النازي هي دولة بولونيا حيث احتلها هتلرفي سبتمبر عام 1939، متجاوزا بذلك التحذيرات الفرنسية البريطانية من مغبة الإقدام على هذه الخطوة، لاسيما أن البلدين (فرنسا وبريطانيا) كانتا وقعتا معاهدة دفاع مشترك مع بولونيا قبل أيام تنص على ” أن أي اعتداء على بولونيا هو اعتداء على فرنسا وبريطانيا معاً “.
وبعد غزو هتلر لبولونيا قام بقتل أعداد كبيرة من البولنديين، وفي خريف عام 1939 عين هاينريش هيملر لتوطيد بناء الدولة الألمانية المكلفة بتوطين الألمان في الأراضي التي احتلها هتلر، حيث قام بسجن البولنديين ، تمهيداً لنقلهم إلى سيبيريا بعد أن يغزو الاتحاد السوفيتي، وبعد غزوه للاتحاد السوفيتي في عام 1941 وانسحاب القوات السوفيتية إلى ما وراء جبال الأورال، رفض هتلر التوقف عند هذا الحد معتبراً أن هذه الجبال متوسطة الحجم لا تستطيع الفصل بين “العوالم الأوروبية والآسيوية .
0 التعليقات: