قصيدة
قالوا : يوسفُ أعرضْ عن هذا فأبيتٰ
د . عادل الشرقي
قالوا : يوسفُ أعرضْ عن هذا فأبيتٰ
**************************
في يومٍ من تلكَ الأيامْ
كنا في الشامْ
جئتَ إلينا
يحملُ جذعكَ ساقانِ
بجلدٍ مهتريءٍ وعظامْ
وضممناكَ بأعطافِ القلبِ
وصرتَ بدفءِ الأهدابِ تنامْ
وسألتُكَ يا يوسف :
ماذا تحملُ من أخبارْ ؟
فسكتَّ قليلاً ثم اشتعلتْ في جنبيكَ النارْ
ثمَّ سألتُكَ ثانيةً :
قُل لي يا يوسف
هل كنتَ سعيداً في بغداد ؟
فضحكتَ وأطرقتَ برأسكَ نحو الأرضِ
وقلتَ :
لقد كنتُ شيوعيّاً في سنواتي الأولى
لكني ما كنتُ أخالُ بأنَّ الحزبَ
يُصافحُ كفَّ المُحتلْ
من جاء إلينا بخراب البيتِ
وبالموتِ الأسودِ والقتلْ
فاجتمع الصحبُ وقالوا :
يوسفُ أعرضْ عن هذا فأبيتْ
ونهضتُ وغادرتُ وجوهاً شاهتْ والتبسَ الأمرُ عليها
وبصقتُ عليهم وخرجتْ
قلتُ توقفْ يا يوسفُ عن هذا السَّردْ
كي أمسحَ عن وجهكَ هذا الدَّمعَ
وهذا الوجدْ
قلتَ : وأنتم كيف تعيشونَ
بغُربةِ هذي الأيامْ ؟
فأخذنا نسردُ
بعض حكايا الغربةِ
حتى نامْ
في اليوم الثاني
جئناهُ ولم نخرج حتى أن طلعَ الفجرْ
ورششنا فوق ملابسهِ
خمرَ قصائدنا المخضلةِ بالعطرْ
وعلى مرِّ الأيامْ
كنتُ أحدقُ نحو ملامحه وأقول :
يا يوسف هل تتذكرُ
سيدة التُّفاحات الأربعْ ؟
وعيوني ما بينَ الفينةِ والفينَةِ تدمعْ
وتذكرتُ تذكرتُ تذكرتْ
أستحلفكنَّ بناتَ البصرةِ
إن كانَ بكُنَّ حنينّ
فوقفتْ
كان بقايا جسدٍ يمشي
وبقايا صوتٍ يتهجدْ
يشكو ظلمَ الحقد الأسودْ
وبقينا في تلك الايٓامِ نُسامرهُ
ونُغني بعض قصائدهِ
ولدمع العينِ نُشاطرهُ
كنا معهُ
ما بينَ الضِّحكةِ والآهْ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق