مَلهاة الأقلام !!
مَلهاة الأقلام !!
عراق العروبة
صادق السامرائي
الإلهاء أسلوب سياسي معروف ووسيلة قديمة للحكم , بدأت منذ إنشاء الدولة فوق التراب , وهو موجود في الحضارات السومرية وما قبلها , ومعروف أن العديد من النشاطات والفعاليات الإجتماعية كانت تقام من أجل إلهاء الناس وتغيير وجهات أنظارهم وتبديد طاقاتهم والتحكم فيهم وأخذهم على حين غفلة .
وفي العصر الحديث وبتطور وسائل الإتصال , تعقدت أساليب الإلهاء , حتى صار من الممكن إلهاء الدول والشعوب بموضوعات لتحقيق غايات أخرى .
وفي مجتمعاتنا , يبدو أن هذا الأسلوب قد صار رائجا ومتكررا , ورأينا الكثير من أحداث التلهية وألاعيب توجيه الأنظار ودفع البشر بعيدا عن مسرح الأحداث وإتخاذ القرار .
وأصبح للإلهاء موجات وعواصف وأساليب ذات لمسات إستشارية خبيرة ومتطورة . وقد إنتصرت أساليب الإلهاء في بلادنا , ومن أهمها إلهاء الناس بالحاجات اليومية الأساسية كالكهرباء والماء والطعام والنقل والأمن وغيرها الكثير .
وقد تصدت الأقلام بأساليب متنوعة لتلك الحالات ولازالت , بل أنها واجهت الكثير من السلوكيات التي لا تراها تتفق والمسار الصحيح لبناء حالة وطنية متقدمة ومتفقة مع العصر .
وبسبب نباهة الأقلام وقوتها وتأثيرها في بناء الرأي وتحقيق الفهم والإدراك والمساهمة في تحويل أنظار الناس إلى بيت القصيد , أصبح من الواجب إلهاء بعضها بموضوعات أخرى خارج سياق التأثير على الخطط والأهداف والسياسات المرسومة اللازمة للوصول إلى حالة خفية ومعلومة , وهكذا أخذنا نقرا كتابات الإلهاء .
حيث راحت الأقلام تستحضر طاقاتها لتكتب عن الخمر وتتصدى لمنع حاناته وكثرت هذه الكتابات وكأن الأقلام نسيت بأن الخمر أقوى من جميع الحكومات في الأرض , وما استطاعت حكومة أرضية من التغلب على الخمر أبدا , فهو شراب البشرية في الدنيا والآخرة , فأنهاره تجري في الجنات الموعودة .
والموضوع الآخر هو الموسيقى والفن , وكأن هذه الأشياء يمكن إلغاؤها بقرار , وهذا لا يمكنه أن يتحقق إطلاقا مهما توهم أصحاب القرار. فالموسيقى حاجة نفسية وروحية وكذلك الرسم والنحت وجميع أنواع الفنون . فالإنسان يستمع للموسيقى وفي بيته صور وتماثيل ويذهب إلى حفلات رقص وغيرها .
فلماذا هذه الزوبعة .
ولماذا تنساق الأقلام إلى الإلهاء والتلهي بموضوعات خارجة عن السياق الأساسي الأصيل .
لماذا تفقد الأقلام بوصلة إنطلاقها وتواصل مسيرها .
إن سقوط بعض الأقلام في مصيدة الإلهاء , يعدّ إنتصارا للقائمين على إطلاق المُلهيات .
فالأقلام الحية المساهمة في بناء الحياة وصناعة المستقبل عليها أن تركز على التحديات الأساسية التي تواجه المجتمع .
وأن لا نجري وراء موائد التلهي وطُعم تحريف الأقلام وأخذها إلى وجهة تخدم مصالح الذين يريدون أن يفعلوا ما لاينفع حتى أنفسهم .
فهل من وعي لدور الكلمة وتأثيرها في صناعة الحياة .
وهل نترفع عن كتابات التلهية ؟!
0 التعليقات: