أخر الأخبار

.

الموصل تحتاج إلى محافظ نزيه وشجاع وصاحب وجدان


الموصل تحتاج إلى محافظ نزيه وشجاع وصاحب وجدان !


عراق العروبة
هارون محمد




أكبر خطأ سياسي وإداري حدث في عراق ما بعد نيسان 2003، هو تشكيل مجالس المحافظات، التي تحولت إلى مراكز قوى سلطوية، وشركات ربحية، ومافيات حزبية، واستثمارات مالية، خصوصاً وأن رؤساءها وأعضاءها ـ كما ثبت ميدانياً ـ يفتقرون إلى أبسط معايير النزاهة والكفاءة، وكثيراً منهم لا يصلحون لتولي وظائف عامة تخدم المواطنين وتلبي احتياجاتهم.


وقد لاحظنا أن أغلب مجالس المحافظات، التي يفترض بها ان تكون برلماناً مصغراً، يمثل سكان المحافظات ويعبر عن همومهم ويستجيب لمطاليبهم، وهي بسيطة تتعلق بالخدمات البلدية أساساً، كانت، تلك المجالس، ضد ارادة المواطنين وتوقهم إلى حياة حرة كريمة ترفع من مستواهم المعيشي والصحي والثقافي، وفي كثير من الأحيان، يصبح رؤساء ومجالس المحافظات أقسى على سكان محافظاتهم من الحكومة المركزية والأجهزة القمعية والأحزاب المتنفذة، ولم نجد برغم مرور قرابة خمسة عشر عاماً على إنشاء هذه المجالس، مجلساً واحداً في إحدى المحافظات، نجح في أداء عمله، واستثمار صلاحياته في التنمية والبناء، بالعكس فقد باتت معظم المجالس أدوات للفساد ومنافذ للاختلاسات، ووسيلة للانتفاع الشخصي والعائلي والسياسي، وعبئاً على المحافظات ومواطنيها.

والغريب في وضع مجالس المحافظات، أنها أصبحت مرتعاً للتخريب وليس التعمير، وأضحت مسرحاً للبيع والشراء والعمولات، في كل عقد أو مناقصة، ولا تمنح مقاولة إلى أي أحد، إلا بعد التفاهم معه وإرغامه على دفع الرشوات، حسب حجم المقاولة وكلفتها، الأمر الذي أفضى الى تلكؤ المشاريع وظهور فئة من المقاولين الطفليين، واستنكاف المقاولين الحقيقيين، الذين يحترمون أسماءهم وسمعتهم ومهنتهم، عن تقديم العطاءات، التي تذهب عادة إلى أقارب هذا الرئيس أو ذلك العضو وأصدقائهما ومحازبيهما، بل أن عدداً من المجالس، التي ضمت رجال دين وملالي في عضويتها، كانت من أفسد المجالس وأكثرها خراباً وتخريباً، بسبب فتاواهم، التي تحلل وتحرم حسب ما يدخل في جيوبهم وارصدتهم، خصوصاً المنتمون منهم إلى الأحزاب والمليشيات.
والموصل، حالها حال بقية المحافظات، فبالرغم من أنها عانت كثيراً، واضطهدت أكثر، بسبب طائفية رؤساء الحكومات المتعاقبة، الذين عاقبوا سكانها لأنهم ســنّة وعروبيون، وتكاد تكون المحافظة الوحيدة في العراق، التي تعرضت الى احتلالين خلال السنوات الخمس الأخيرة: احتلال داعش وما أنتجه من خراب وتدمير، واحتلال الحشد الشيعي، الذي ما زال مستمراً، في انتهاكاته ولصوصيته.

والموصل تكاد تكون أيضاً من المحافظات الأكثر إهمالا من رؤساء الحكومات المتعاقبة، بسبب طائفيتهم، وسعيهم إلى تهميش منزلتها كحاضرة عربية ذات تأريخ حافل بالوطنية والعطاء، وهي التي انتجت نخباً من العلماء والخبراء والضباط، خدموا العراق بحرص وايثار، والموصل أيضاً تثير شهية أطراف كردية تعمل على تصدر المشهد السياسي فيها، تعويضاً عن قلتها السكانية، وتنفيذاً لأجندتها العرقية، يضاف إلى ذلك، المنهج التخريبي، الذي مارسه حزب الدعوة والتنظيمات والمليشيات الشيعية ومعها بعض الأقليات، في اضطهاد أهلها، وتسليط نفر من الساقطين والمبتذلين عليها، حتى وصلت القباحة بنوري المالكي، إلى عرضها للبيع، والتنازل عنها إلى الأكراد وإلحاقها بإقليم كردستان، ولما فشل في عرضه الرخيص، أقدم على التخادم والتخابر مع تنظيم داعش، وسهل له احتلالها في العاشر من حزيران 2014 والقصة معروفة.

ومما فاقم معاناة الموصل أن كثيراً من أعضاء مجالسها، منذ أول دورة إلى يومنا الراهن، لم يكونوا بمستوى مسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية، خصوصاً ممثلو الأكراد والأقليات والحزب الإسلامي، الذين لكل طرف منهم، أجندة خاصة به يعمل على تنفيذها، في حين كان الأعضاء العرب الآخرون، غافلين عن دورهم بصفتهم يمثلون الأكثرية في المحافظة، وانصرفوا إلى الكيد، ببعضهم بعضاً، وانساقوا مع هذه الجهة أو تلك، بعيداً عن الإحساس الإنساني والشعور الوطني، في وقت خاض عدد منهم في عمليات الفساد وتعاونوا على تدمير مدينتهم ومحافظتهم.

والآن عندما يتعاون الحزبان، الديمقراطي الكردي، والإسلامي، على ترشيح حسام العيار ليكون محافظاً للموصل، بدلاً من المقال نوفل العاكوب المرتشي والفاسد والضعيف، فإنهما ومن يؤيدهما من أعضاء مجلس المحافظة، لا يستندان إلى رغبة حقيقية في انتشال المحافظة من واقعها المر، وتخليصها من آثار النكبات والنكسات، التي شهدتها، فالحزب الكردي ليس من مصلحته أن تنهض الموصل وتأخذ دورها الحيوي كثاني محافظة عراقية بعد العاصمة بغداد، لأسباب عنصرية، والحزب الإسلامي، لا يريد أن تستعيد الموصل ألقها ومكانتها كمدينة حضارية وقلعة عروبية، لأنه حزب معزول ومتخلف وهامشي، يبحث قادته عن فضلات الطعام على موائد رؤساء الأحزاب والمليشيات الشيعية، والارتماء في أحضان إيران، كما لاحظناهم طيلة السنين السابقة، ابتداء من إياد السامرائي، مروراً بسليم الجبوري ومحمد اقبال، وانتهاءً برشيد العزاوي وقبلهم محسن عبدالحميد.

ان المعلومات الواردة من الموصل، 
وأهلُها ونخبُها، أعرفُ منّي بها، تشير إلى أن رئيس خلية الموصل الدكتور مزاحم الخياط، كشخصية مستقلة وأكاديمية، أكفأ المرشحين الآخرين لتسلم وظيفة محافظ الموصل، لما يتمتع به هذا الرجل من اقتدار ونزاهة وإدارة وإنسانية، وأهالي المدينة الصابرون على بلوى داعش، يحمدون صموده، ويذكرون بالخير أعماله، في استقبال المرضى وعلاجهم في عيادته الطبية الخاصة، متحدياً ضغوط الدواعش وتهديداتهم، بالإضافة إلى كونه سليل عائلة كريمة معروفة بالعطاء والصلاح، وابن عشيرة عربية أصيلة، وهو من النوع (الشبعان) الذي لا تزيده المناصب مجداً، ولا المغريات فخراً، ومثل هذا الانسان يصلح للموصل في المرحلة الراهنة، عسى أن يداوي بعض جراحها وهو النطاسي المثابر والجراح الحاذق، وشهادته العليا من أرقى الجامعات البريطانية حصل عليها بنبوغه وتعبه، وظل في مدينته يعمل بالتزام إنساني وحرص وطني، وكان بمقدوره أن يغادر المدينة، إلى خارجها ويجد ما يناسبه من عمل وإقامة ورفاهية، ولكنه مصلاوي قح، عنده أم الربيعين، أبهى المدن، وأحلى إقامة، وفيها أحسن ناس.

تبقى مسألة لا بد من الإشارة إليها وتتعلق برئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، الذي يريد بخفته السياسية، التدخل في قضية لا تعنيه، وينحاز إلى القيادي في الحزب الإسلامي حسام العبّار، الذي لو كان فيه خير، لعبر على حزبيته وانفتح على أهله، وعمل من أجلهم، لا أن يكون في خدمة ابن الصيدلي، الذي فضائحه في وزارة التربية تزكم الأنوف.
وأنا، شخصياً، لعبت نفسي، من العبّار او العيّار (لا فرق) لما قرأت أن العميل الإيراني والمرتزق الحشدي عبدالرحمن اللويزي قد امتدحه، وعده أفضل المرشحين، مصداقاً للمثل العربي (وافق شن طبقة).

0 التعليقات: