أخر الأخبار

.

جبهة الانقاذ النجيفية.. مشاكسة شخصية ومناكفة سياسية


جبهة الانقاذ النجيفية.. مشاكسة شخصية ومناكفة سياسية


عراق العروبة
هارون محمد




من المحزن ان يستمر عدد من سياسيي السـّـنة العرب، في اسقاط خصوماتهم، وكذلك منافساتهم، في ما بينهم، على قضايا كبيرة تعاني منها بيئتهم ومناطقهم ومحافظاتهم، التي تعرضت وما تزال الى مخطط اجرامي، تعاونت الكتل والاحزاب والمرجعيات والمليشيات الشيعية على تنفيذه، تمهيداً لتطبيق شعار (الهلال الشيعي الايراني) الذي بدأت معالمه تظهر شيئاً فشيئاً في محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك والموصل والانبار وشمال بابل، بعد ان أحكمت فرق الموت وفصائل الحشد، سيطرتها عليها، وحولتها الى قواعد ومعسكرات، ومستودعات للاسلحة، مع ما يرافق ذلك من اجراءات ظالمة، تستهدف منع أبنائها النازحين والمهجرين، من العودة الى مدنهم وقراهم وبيوتهم، ومواصلة حملات الملاحقة والاعتقال، للالاف من المواطنين بتهمة التعاون مع مسلحي داعش، وسجنهم وابتزازهم، ورفض الكشف عن مصير مئة وعشرين ألف مغيب ومخطوف ومغدور.


ومن المؤسف ايضاً، ان يستمر السيد اسامة النجيفي في مسلسل اخطائه السياسية، دون ان ينتبه الى ان المرحلة الراهنة التي يمر بها السنة العرب في العراق، صعبة ومعقدة، بعد ان تمادى أقطاب الشيعة وحكوماتهم ومرجعياتهم ومليشياتهم، في سياساتهم العدوانية لاجتثاث الســّنة العرب، وسحقهم واحتلال محافظاتهم التي تشكل ثلثي مساحة العراق، والصدر لنهريه الخالدين دجلة والفرات، وكان على السيد النجيفي، ان يعي ان انشاء جبهة للانقاذ أو تحت اي اسم آخر، مسألة سهلة لا تحتاج الا الى عقد اجتماع او اجتماعين واصدار بيان، يوزع على وسائل الاعلام وشبكات الاخبار، بينما يتطلب العمل الجدي، لتفعيل مثل هذه الجبهات، وتعزيز دورها، ان تكون جبهة عريضة، تضم ناشطين ومثقفين وأكاديميين وعلماء وخبراء وعسكريين، ووجهاء وشيوخ، ولا تقتصر عضويتها على سياسيين خاملين، ونواب سابقين، ومريدين ومؤيدين، فالجبهة التي اعلن عنها وتولى رئاستها، بتوافق المجتمعين في منزله أو مكتبه، ليست جبهة بمعناها السياسي المعروف، وانما هي أشبه بحزب يفتقر الى مواصفات الحزب الحقيقية، او جمعية خيرية لا تملك مقومات الخير.

ولا نريد هنا نشر الغسيل الملوث بالانتهازية والنفاق والجُبن، للكثيرين من اعضاء جبهة النجيفي، وخصوصاً الذين تسلموا حقائب وزارية ومقاعد نيابية ومواقع حكومية، وأغلبهم استغل (سنيته) الصورية، وأثرى شخصياً وعائلياً من منصبه، وأغفل متعمدا قضايا أهله العادلة، وشارك في مؤامرات قادها ابراهيم الجعفري ونوري المالكي وحيدر العبادي، لتدمير الســنة العرب، وتخريب مناطقهم، والتحريض على مطاردة نشطائهم ورموزهم وقياداتهم، ممن رفضوا طغيان السلطة وطالبوا بالحقوق الوطنية والانسانية لملايين الســنة، وأحدهم يتذكر انه (سني عربي) في المناسبات او عند حضوره المآدب والحفلات، وثانيهم اعتبر مليشيا بدر المجرمة، حركة تحرر وطني، وعد قائدها القاتل السافل هادي العامري، بطلاً اسطورياً، وثالث وشى بمئات الشباب، ظلماً وافتراءً، واتهمهم بالتعاون مع داعش، رغم ان الكثيرين منهم كانوا وآبائهم واخوانهم وعوائلهم من ضحايا تنظيم البغدادي الذي تخادم مع المالكي سياسياً وميدانياً، في تخريب ساحات الاعتصام السلمية، التي تعد واحدة من أنصع صور الكفاح المشروع، وأنقى حالة نضالية، أقدم عليها السنة العرب في العراق، بعد مقاومتهم الوطنية والقومية الباسلة، ضد الاحتلال الامريكي وعملائه الجبناء.

ولا يسع المجال هنا، للحديث او الاشارة الى رابع وخامس وعاشر، من المنضوين الى جبهة النجيفي، وعلى كل واحد منهم، دلائل واثباتات موثقة، في تواطئه مع السلطة الشيعية ومليشياتها القذرة، ضد السنة العرب، والمفارقة ان اسامة يعرفهم واحداً واحداً، ولكنه تجاهل أدوارهم الحقيرة السابقة، لمجرد انهم باتوا ينادونه بـ(السيد الرئيس) تزلفاً، أو يجاملونه مدحاً واشادةً، دون ان يدرك، انهم متلونون وأفاقون، وأحدهم تولى وزارة خدمية، كانت باكورة اعماله وهو يباشر مهامه الوزارية اقصاء مسؤولين ســـنة عن وظائفهم، رغم خبراتهم المتراكمة ونزاهاتهم العالية، ترضية لوكيله الشيعي الذي طغى وتجبر.

وليس دفاعاً عن محمد الحلبوسي وخميس الخنجر وجمال الكربولي، وآخرين استبعدوا عن جبهة النجيفي، ونحن شخصيا، كتبنا عنهم الكثير، وانتقدنا أداءهم وتحالفاتهم، علناً وليس عبر استخدام أسماء مستعارة، او القاب مزورة، الا ان الظروف التي يمر بها الســـنة العرب في المرحلة الراهنة تستدعي ان يكون لهم موقع ودور في أي حراك سياسي يركز على، انهاء احتلال المليشيات الشيعية للمحافظات السنية، والسماح بعودة نازحيها اليها، وتعويضهم، وكشف مصير المغيبين واطلاق سراح المعتقلين، ومحاسبة المتورطين بقتلهم والاستحواذ على مزارعهم وبساتينهم وممتلكاتهم، فالحلبوسي شئنا أو أبينا، هو رئيس البرلمان، والخنجر رئيس كتلة نيابية هي الاكبر سنياً، وكذلك الكربولي، ووجودهم في جبهة ســنية، تنشط في اطار عملية سياسية، كان النجيفي واحداً من اركانها، وما زال طرفاً فيها، مسألة طبيعية، والنشاز ان يكونوا خارجها، لانهم ومرة أخري لا ندافع عنهم كأشخاص، وانما نشير الى مواقع يشغلونها، وعلاقات يحتفظون بها، لا بد من التعاون معهم، واستثمار تلك المواقع والعلاقات، بما يعزز الدعوة الى حق السنة العرب في خياراتهم السياسية والاجتماعية، ومطالباتهم بالعدل والمساواة بلا تمييز او اجتثاث او تهميش، وحتى تقرير مصيرهم، في كيان يحفظ على الاقل، دماءهم ويوقف الابادة البشرية والتصفيات الطائفية ضدهم.

ان ما تعرض له السنة العرب من مجازر دموية، وجرائم وانتهاكات من الحكومات الشيعية المتعاقبة، ومليشياتها العميلة، يتطلب تجاوز الحساسيات الشخصية، وطي الخلافات السياسية، بين قادة الكتل السنية، الذين وافقوا على المشاركة في عملية سياسية عرجاء، وصاروا جزءً منها وما يزالون، ولكنهم وهنا العجب، اختلفوا على الصغائر فيها، وأمامهم قادة الكتل والاطراف الشيعية، كيف ينسون خلافاتهم ويوقفون مشاحناتهم، ويصطفون في مواجهة الآخرين، كما حصل بين تحالفي البناء والاصلاح، وهما لا بناء ولا اصلاح، ولكنهما نجحا في تمزيق الكتل السنية، واستقطاب أطراف منها، وكانت النتيجة المفجعة، ان الكتلة السنية، وهي أكبر الكتل النيابية، عدداً ومقاعد، انقسمت الى سنة هادي العامري ونوري المالكي، وسنة مقتدى الصدر وحيدر العبادي، والنجيفي نفسه من الفئة الثانية، وشاهدناه مع الاسى، يقف وراء صبي لم ينبت شاربه كاملاً (ابن أخ مقتدى)، يقودهم ويخطب فيهم، واسامة يهز رأسه منتشياً، علماً بان التجربة المريرة التي مرت بالعراق على مدى ستة عشر عاماً، اثبتت ان المالكي والعامري والمهندس، والعبادي ومقتدى وعمار، كلهم من طينة موبؤة، وعقيدة فاسدة، تقوم على احتقار الســنة العرب وتقزيمهم .

0 التعليقات: