أخر الأخبار

.

خدعة الكتابة




خدعة الكتابة!!


عراق العروبة
د. صادق السامرائي




الكتابة صنعة فنية إبداعية لها أصولها ومفرداتها وأساليبها، وعباراتها المتوافقة مع ما تحمله من أفكار، تسعى لتسطيرها بسلاسة ووضوح وتبسيط يستهوي الأفهام، ويشد إليها الإهتمام والتذوق والإنسجام.


وعندما يبدأ الكاتب بالكتابة، ينطلق على السطور بتوهج وإنسكاب دفاق، يحجب رؤية ما يكتبه، فيحسبه رائعا وجديرا بالقراءة والإنتشار، وفي واقع ما يراه إنخداع وهيمنة لمشاعر الإندلاق الإبداعي الساخنة، التي تستر الطبيعة الواقعية لما كتبه وأملاه.

ولهذا تجد الكثير من الأفكار الرائعة المسطورة بأساليب ضائعة، بمعنى أن أسلوب تسطيرها يساهم في التنفير منها وعدم الإستمرار بقراءتها، فليس الإسهاب محمودا، وإنما في أكثر الأحيان يكون سببا في عدم مواصلة القراءة، كما أن عجز الكاتب عن تكثيف الفكرة وتقديمها بوضوح، يجعل القارئ قليل الإهتمام بما هو مكتوب.

وكم من الكتابات التي يود القارئ أن يمضي بقراءتها، لكن الكاتب يضع أمامه العثرات والمصدات ويدفعه إلى مغادرتها، والملل منها، لعجزه عن إيصال المعنى.

ومن المستحسن أن يكون الشعار الإبداعي المعمول به، والمتفق مع معطيات العصر هو "ما قلّ ودل"، بدلا من الإسهاب الذي لا يدل، بل يأخذ القارئ إلى متاهات غير مجدية.

فلكي يتمكن القارئ من قراءة عدة صفحات، لابد من الأسلوب المشوق والقدرة على شده وتحفيزه وتنويره وزيادة معارفه.

إن الإستغراق في الكتابة قد يمنح الكاتب بعض الإحساس بالنشوة والقدرة على الخلق والإبداع، مما يدفعه إلى التوهم بأنه يكتب ما يستحق القراءة والتأمل، لكنه في حقيقة الأمر يسكب ما فيه على السطور بإنسيابية سائبة وتدوين ممل، فيتصور غير واقع حال ما سَطره.

وهي حالة مشابهة لغواية الشعر، الذي يتوهم فيها مَن يكتب بضعة أبيات على أنه شاعر، وقد أبدع ما لا يمكن لغيره أن يبدعه!!

ولهذا فلا بد من إمتلاك مهارات صنعة الكتابة أسلوبا ولغة، وقدرة على صب الفكرة في عبارات مترجمة لفحواها قدر المستطاع، ومعرفة بالمعاني والبيان والبديع.

أما الإمعان بالإندلاق الغير منضبط على السطور فأنه ليس من الكتابة كصنعة بشيئ!!

فهل لنا أن نكتب؟!!

و"إنّ من البيان لسحرا"!!

0 التعليقات: