أخر الأخبار

.

سرقة العراق من أهله الشرعيين / المقال معاد للأهمية





عراق العروبة


هارون محمد



إبتداء.. عندما ندافع عن السنة العرب في العراق وهم تعرضوا وما زالوا الى أبشع صنوف التقتيل والتنكيل من الغاء واجتثاث واقصاء واغتيالات منظمة وحملات اعتقالات دورية، فاننا لا ننطلق من دوافع دينية أوطائفية، كما يفعل الآخرون من قيادات الاحزاب في مساجدهم ومنابرهم وحسينياتهم وصحفهم وقنواتهم التلفزيونية ومناسبات زياراتهم الى أضرحة ومراقد من يعتقدون انهم أولياؤهم ومراجعهم، وانما نكتب ونجادل فكريا وسياسيا في الدفاع عن السنة العرب كحالة وطنية واجهت منذ الاحتلال وما تزال، هجمة موتورة ترمي الى إستئصال الملايين منهم وملاحقة رموزهم وشخصياتهم لا لذنب اقترفوه ولا جرم ارتكبوه،
الا لكونهم سنة وعربا، وقد باتت السنية في زمن الاحتلال وفي ظل سلطات المحاصصات، تهمة موازية للارهاب، واصبح الانتماء للعرب والعروبة، جريمة خطيرة، مع ان السنة العرب في العراق تاريخيا واجتماعيا، مدنيون حضاريون، مسالمون ومتسامحون، إستقبلوا آلافا مؤلفة من الوافدين من الخارج وتحديدا من ايران، وأطعموهم وشربوهم وكسوهم وعينوهم في الوظائف واعانوهم في التجارة وأغنوهم، حتى ان كثيرا منهم اصبحوا اصحاب مليارات وشركات وعقارات واحزاب ومليشيات، هذه حقيقة لا يقدر العابثون والشعوبيون الجدد وبعضهم كان يزعم انه يساري وماركسي وعلماني وشعبوي التغطية عليها.

لقد اوضحت أحداث السنوات السبع المنصرمة ان القيادات الشيعية الحزبية والملائية والمليشياوية غير قادرة على التعاطي مع السنة العرب حتى مع اولئك الذين اشتركوا معهم في العملية السياسية كوزراء ونواب ومسؤولين، ونتذكر صرخة عدنان الدليمي في مجلس النواب السابق عندما خاطبهم قائلا: اعتبرونا من دين آخر وتعاملوا معنا وفق مبادىء الاسلام الذي تزعمون انكم تنتسبون اليه!

وقد كشفت المشاورات والحوارات التي أجرتها الكتلة العراقية مع الائتلافين الشيعيين، دولة القانون برئاسة نوري المالكي والائتلاف الوطني بقيادة عمار الحكيم ومقتدى الصدر، انهما مع إختلافهما على كثير من الامور بينهما، وتنافسهما الذي وصل في العديد من الحالات الى التسقيط الشخصي والتجريح العائلي، الا انهما ينسيان نزاعهما وصراعهما واتهاماتهما بعضهم لبعض عندما يصل البحث الى نقطة رئاسة الحكومة، فكلاهما يرى في الكتلة العراقية انها سنية عربية بنكهة بعثية، وهو وصف سمعه اعضاء الكتلة الى المفاوضات مع الائتلافين اكثر من مرة من قياديين فيهما، وعندما جادل عضو في العراقية نظراءه في الائتلافين، وقال لهم لماذا لا نعترض نحن السنة رغم اننا لسنا متدينين وبعض منا أقرب الى العلمانية على شيعيتكم السافرة في طائفيتها وكثير منكم ملالي واصحاب عمائم سوداء وبيضاء وخضراء؟

ردوا عليه وكأنهم ضبطوه متلبسا بجريمة، ها قد ظهر تكفيرك باتباع آل البيت وبانت سخريتك بمذهبهم الذي لا يضاهيه مذهب آخر، وسكت الرجل وهو لا يفهم هذه اللغة التي تفتقر الى المنطق والعقل، وقد لا تصدقون ان نوري المالكي قال لصديق قديم له سني من الشرقاط قبل ان يفترقا، بطريقة خلط فيها الجد بالمزح، حتى نقبلكم انتم السنة العرب ونتعاون معكم بصدق، يجب ان نحكمكم نحن الشيعة اربعين سنة على الاقل، ولما عاتبه صديقه السني وكان معارضا للنظام السابق ومحكوما عليه بالاعدام وهرب الى الخارج وجاور المالكي في دمشق سنوات طويلة وعاد الى بغداد مع نوري وغيره عقب الاحتلال على قوله هذا، قهقه المالكي بتهكم وقال بلهجة جادة: تريد الصدق..!

التعاون مع كل سني عربي سواء كان مع صدام او من معارضيه حرام عندنا.


وفي احد لقاءات وفد العراقية وكان يضم رافع العيساوي ومحمد علاوي وحسين الشعلان وجمال البطيخ وحيدر الملا مع الائتلاف الوطني في مقر الاخير بمنطقة الجادرية، سمع واحد من مرافقي الوفد خارج قاعة الاجتماع هادي العامري رئيس مليشيا بدر وأحد قادة الائتلاف وهو يتحدث بالهاتف النقال مع طرف آخر ويقول له: أتى السنة البعثية؟ فلم يتحمل المرافق وقام عليه وقال له: أولا الجماعة - ويقصد الوفد - واحد منهم سني واربعة شيعة، ثانيا كلهم كانوا معارضين لحكم البعث، لماذا لا تقول الحق؟ فسكت العامري وهو يتميز غضبا، والحكايات من هذا النوع لا حصر لها، وقد سألت شخصيا أحد مفاوضي العراقية عن تعليق نسب لأحد قيادات إئتلاف دولة القانون يحمل شهادة الدكتوراه في الذرة، في احدى جولات التفاوض مفاده: نحن الشيعة لا نقبل بالسنة العرب شركاء معنا في أي حكومة مقبلة بل متعاونين فقط، وأجابني الرجل وقد سمع التعليق باذنيه نعم صحيح هو قال ذلك وبجدية واضحة.


ان الاستعصاء الوزاري السائد في بغداد اليوم، هو نتيجة لحالة ذهول ووجوم القيادات والمرجعيات الشيعية من النجاح الذي أحرزه السنة العرب في الانتخابات الاخيرة عندما انتخبوا قائمة مختلطة فيها السني والشيعي والكردي والتركماني والمسيحي واليزيدي والصابئي وفوزوا واحدا وتسعين نائبا يمثلون العراق دون استثناء قومية او أقلية، وهذا إنتصار سياسي كبير في معناه ومغزاه، لذلك لم يجد الائتلافان الشيعيان المنغلقان والمغلقان على طائفة واحدة غير التنفيس عن عزلتهما وفشل أدائهما غير التصدي لـ(العراقية) واعتبارها سنية، بينما هم يزعقون ليل نهار بشيعيتهم الطائفية، علما بان الائتلافين سجلا في قائمتيهما الانتخابيتين مرشحين محسوبين على السنة العرب امثال حميد هايس ونصير الجادرجي وخالد الملا وعبد مطلك الجبوري والتركماني حاجم الحسني لم يحصلوا الا على بضعة اصوات شكلت لهم شخصيا فضيحة مدوية، وكان واضحا ان قياديي القائمتين ثقفوا ناخبيهم بعدم انتخاب هؤلاء لانهم سنة اساسا جاءوا بهم لاغراض تجميلية ديكورية ليس الا، وقبل ايام كنا في لقاء ضم نوابا جددا وسابقين وسياسيين واعلاميين في مجلس الدكتور صالح المطلك، طرح احد الاخوة الحاضرين وهو بالمناسبة شيعي عربي من كربلاء رأيا مفاده ان الائتلافين لن يقبلا باياد علاوي رئيسا للوزراء لسببين، الاول: لانه تعاون مع السنة العرب، والثاني: لان شيعيته ناقصة، وقد فهمنا السبب الاول ولكن ما معنى الشيعية الناقصة؟ فاوضح لنا قائلا: ان مشكلة اياد انه لا يقلد مرجعا شيعيا معينا وهذا في نظرهم يعني انه ليس شيعيا كاملا يتبع ويقلد مرجعا معروفا يفضل ان يكون ايرانيا. وأشار بهذا الصدد الى ان ابراهيم الجعفري ايام كان رئيسا للوزراء في عام 2005 طلب من الناطق باسم حكومته ليث كبة ان يقدم استقالته من وظيفته بعد ان اكتشف ان كبة لا يقلد مرجعا ولا يدفع زكاة (الخمس) اليه، كما تقضي الاعراف الشيعية.


ان مفاوضات (العراقية) مع الائتلافين الشيعيين باتت عبثية ولن تخرج بنتائج مثمرة، ولن ينفعها انها مختلطة وتحمل مشروعا وطنيا، وعليها ان تقبل التحدي وتطرح نفسها كقائمة سنية عربية من موقع القوة وليكن ما يكون، فالى متى يبقى الشيخ حارث الضاري والدكتور عدنان الدليمي وصالح المطلك وحسين سعيد وكاظم الساهر والآلاف من شيوخ القبائل والعشائرالأصيلة وعمداء البيوتات العريقة والعلماء والعسكريين والاطباء والمثقفين والاكاديميين والفنانين والرياضيين ورجال الاعمال ملاحقين بتهم كيدية، ويُمنعون من دخول بلدهم الذي شادوه لبنة لبنة في وقت كان الذين يحكمون ويتحكمون برقاب الناس الآن، إما متفرجين غير مبالين، او معارضين معروضين للايجار او متمردين على الوطن، وجميعهم كانوا يتحينون الفرصة لسرقة العراق من أهله الشرعيين، وها هم قد فعلوا..!



0 التعليقات: