أخر الأخبار

.

نزعة الحقد الأبدي في وزارة الأسدي



نزعة الحقد الأبدي في وزارة الأسدي




عراق العروبة
بقلم / علي الكاش *


( لتكن إنتفاضة الأنبار فوق أي إعتبار)


بعد الزيارة التي قام بها ما يسمى بوكيل وزارة الداخلية عدنان الأسدي لعرين الأسود(محافظة الأنبار) بحجة الإطلاع على مطالب الثوار وهي مطالب معروفة، واضحة للعيان لا لبوس فيها ولا تحتاج الى كل تلك الزيارات والمناقشات والتي يبدو إن الغرض منها هو كسب الوقت والمماطلة والتسويف لا أكثر. لقد توقع البعض ان يعود الأسدي الى ثكنته في وزارة تنمية الحقد الطائفي ليعيد النظر في سياسة الغاب التي تنتهجها وزارته وهو أعرف من غيرة بأن هناك سباق محموم بين ذئاب وزارته وخنازير وزارة للدفاع في مارثون الفساد وإنتهاك حقوق المواطنيين، سيما من أهل السنة.

تمخضت وزارة الأسدي فولدت جرذا حقيرا.


فقد أصدر قرارا بإعتقال كل من يحمل ويرفع العلم العراقي القديم وإعتباره مشمول بالمادة/ 4 ارهاب(أهل السنة)! وهذا القرار مبيت له فهو يشمل ثوار المحافظات السنية فقط، لأنهم الذين يرفعون العلم العراقي القديم وليست المحافظات الجنوبية التي ترفع اعلام ايران وحزب الله! وكان الأجدي بالأسدي ان يكون اكثر إعتدالا وجرأة بأن يتضمن قراره اعتقال كل من يرفع علما غير عراقيا واعتقال كل من يرفع صورا لقادة اجانب في العراق(الخميني والخامنئي والسيستاني)! وكذلك رفع صور كافة المراجع الدينية من الوزارات والدوائر والشوارع والساحات العامة. ومنع رفع الاعلام الحسينية على السطوح في دوائر الدولة والممتلكات الخاصة لأن فيها استفزازا لبقية شرائح المجتمع، إضافة لتشويهها منظر اقذر عاصمة في العالم، طالما إن العلم العراقي القديم الذي جرع تحته الخميني السم الزعاف يستفز الشيعة.

يكون الأسدي بذلك قد وضع النقاط على الحروف وتصرف بإعتدال ودون تمييز طائفي مقزز. فصور الخميني والخامنئي والسيستاني وغيرهم، واعلام طائفة الأسدي فيها استفزاز لإهل السنة، ولا يوجد أي مبرر لوجودها في الوزارات والمؤسسات الحكومية.


وتثار هذه التساؤلات في قرار الأسدي:-

هل يجرأ الأسدي على سبيل المثال أن يمنع رفع علم كردستان في المحافظات غير الشمالية؟ طالما ان العلم العراقي يفترض ان يكون موحدا لخارطة لعراق كلها.

هل العلم العراقي الجديد جاء نتيجة إستفتاء شعبي عام؟ ام فُرض فرضا على الشعب في وضع مضطرب كان البلد يخضع فيه لإحتلال غاشم؟ ولماذا لا يجرِ إستفتاء عام على العلم؟

هل المشكلة الحالية في العراق هي في رفع العلم القديم؟

هل كان إقرار العلم السابق مطلبا من ضمن مطالب الثوار؟

لماذا اختزلت المطالب المعلنة والواضحة للثوار بمطلب لم يطالب به أحد؟

وأخيرا! ما الغرض من هذه المناورة الخبيثة؟

هل هي محاولة جديدة لإستفزاز المتظاهرين والإصطدام معهم بحجة رفعهم العلم، والأسدي يعلم علم اليقين بأن الثوار سيستمرون برفع العلم القديم رغم أنفه وأنف رئيس حكومته العميلة واسيادهم في قم. وفعلا تم رفع العلم القديم في تظاهرات يوم الجمعة 22/شباط الجاري ولم تجرأ أية قوة من وزارتي الأسدي(الداخلية) والدليمي(الدفاع) على منع المتظاهرين من رفعه.


رُفع العلم القديم لأنه يستحق فعلا أن يرفع، فهو علم الشعب وليس علم الحكومة. ولأنه علم الشعب الواحد وليس علم الطائفة الواحدة، ولأنه علم المواطنة وليس علم العمالة، ولأنه علم السيادة وليس علم التبعية. ولأنه رمز القوة والإبداع، وليس رمز الضعف والإنصياع والضياع.


من الجدير بالذكر إن قرار الأسدي قد تزامن مع موجة من التفجيرات الأخيرة التي استهدفت عدة مناطق في بغداد وخلفت (155) من القتلى والجرحى. ولاشك ان هذه التفجيرات تحمل بصمة حكومية لا تقبل القسمة على إثنين. لأنها نفذت في وقت تشتد فيه الأجراءات الأمنية حول بغداد التي طوقت من كل الجهات تحسبا لدخول المتظاهرين للعاصمة لغرض إقامة الصلاة الموحدة يوم الجمعة 15/ شباط الجاري. حيث هناك شبه منع تجول، وتنتشر قوات الجيش والشرطة في كل الطرق والأحياء السكنية، علاوة على آلاف من نقاط التفتيش والمئات من الكاميرات في الشوارع. لذلك من الصعب تقبل اتهام الناطق بإسم وزارة الداخلية بأن الظلاميين هم وراء التفجيرات! اللهم الا اذا كان يقصد بالظلاميين هم أجهزة الدولة الأمنية؟ بذلك لم يجانب الحق والحقيقة في تصريحه.


بعد التفجيرات مباشرة وقبل ان يتم رفع جثث القتلى الأبرياء من بين الأنقاض، والمباشرة بالتحقيق لتحديد الجهة المسؤولة عنه، وافتنا القناة الصفوية(الأنوار/2) بالخبر، مضيفة بأن الهجمات الإرهابية هي من تنفيذ (القاعدة والبعثيين والنواصب) لضرب الشيعة! ومعززة خبرها بوصف انتفاضة الأنبار بـ( ثورة بني أمية). العجيب في الأمر إن محققي القناة كانوا أسرع من محققي الداخلية في كشف منفذي التفجيرات! ولا أفهم سبب عدم إستعانة وزارة الأسدي بعبقريات قناة الأنوار الشارلوك هولمزية؟


ولأن حبل الكذب قصير، فقد صحى ضمير أحد منتسبي قوى الأمن الداخلي (من التيار الصدري) حيث إتصل بقناة(الرافدين) مؤكدا بأن عمليات تفجيرات يوم 17/شباط الجاري كانت بتوجيه من (حاكم بغداد ودمشق)الجنرال قاسم سليماني قائد الحرس الثوري الإيراني، وبإشراف مباشر من احمد نجل رئيس الوزراء المالكي. ولم يعلق مصدر حكومي على الموضوع مطلقا!

من المألوف في العراق الجديد إنه كلما اشتدت الأزمات السياسية بين الكتل السياسية الحاكمة كلما تصاعدت وتيرة التفجيرات! مما يؤكد وجود تفاهمات وتنسيقات مسبقة بين السياسيين من جهة والإرهابيين من جهة أخرى، الغرض منها خلط الأوراق وتوجيه الإنظار الى زوايا فرعية. رغم إن المواطنين الأبرياء هم الذين يسددون فاتورة هذه الخلافات ومن دمائهم الزكية. كإنما لم يروِ عطش الحكومة الدماء لتي سالت منذ عام الغزو لحد الآن، فترغب بالمزيد.


ان التفجيرات الأخيرة قد استهدفت مناطق ذات أغلبية شيعية!

مما يكشف بسهولة دوافعها في إشعال نار الفتنة الطائفية. وهذا ما تسعى اليه حكومة حزب الدعوة بشدة وإستمرار. سيما ان الإنتفاضة الشعبية المجيدة في الأنبار والموصل تتصاعد يوما بعد آخر وتستقطب قوى وعشائر جديدة. مما يعني فشل حسابات المالكي في الرهان على الوقت لتسويف المطالب الجماهيرية والإلتفاف عليها. لا توجد فقاعة- حسب وصف المالكي للانتفاضة- تستمر لمدة شهرين وتتكاثف قوتها بسرعة وتتوسع بهذا الشكل. فقد باتت كابوسا مفزعا يؤرق الحكومة العميلة ويهدد مضاجع العملاء .


يبدو إن السيارات العشر المفخخة قد هيأتها حكومة المالكي مسبقا للتفجير مع قدوم ثوار الأنبار الى بغداد يوم الجمعة كمبرر للإعتداء عليهم بإفتعال التفجيرات، ولكن علماء السنة أدام لله ظلهم الوافر فهموا خطة المالكي الماكرة ومحاولته الخبيثة للعب بالنار، لذلك طالبوا الثوار بتأجيل قدومهم الى بغداد خوفا من فتنة كبرى.

التأجيل يعني التريث وليس الإلغاء.

وقد صح رأيهم وكانو ااكثر حكمة وحنكة ورشدا من اعدائهم فأفشلوا خطة الحكومة التي لم تجد مناصا من تفجير السيارات في مناطق ذات اغلبية شيعية والصاق التهمة كالعادة بالنواصب والظلاميين وازلام النظام السابق والقاعدة، رغم إن الضحايا ليس بالضرورة ان يكونوا جميعهم من الشيعة! فهي اسواق ومحال تجارية وشوارع عامة ترتادها شرائح مختلفة من المواطنين الأبرياء، ودماء العراقيين غالية عند الشرفاء، ورخيصة فقط عند العملاء.


يلاحظ ان بعض فصل المقاومة الوطنية البطلة وبعض المحللين السياسيين قد ألقو بشيء من الملامة على تأجيل الثوار صلاتهم الموحدة في جامع ابي حنيفة في بغداد. ولكن لو أخذت الواقعة من جميع الجوانب وليس من زاوية واحدة، سنجد فعلا ان النتيجة ستكون كارثة لو حصلت التفجيرات مع قدوم الثوار وألقيت التهمة عليهم في ضوء وجود جيش وشرطة وقوى أمن وميليشيات طائفية تنتظر الفرصة الموآتية لإجهاض الإنتفاضة.

 بلاشك لا يوجد فرصة ثمينة كهذه لتبرير الإعتداء على المتظاهرين، سيما إن المالكي خلال حضوره إجتماع التحالف الوطني في الحادي عشر من شباط الجاري نوه بهذا الأمر بقوله" أنا أعرف كيف أداوي المتظاهرين" منوها بإستخدام القوة!

ثم لا ننسى ان الثوار مسالمون ولا يحملوا أسلحة لمواجهة قوات الطائفة المدججة بالأسلحة والحقد الأسود. فبقدر ما يحمله المتظاهرون من إيمان ووطنية وسماح تجاه وطنهم وشعبهم، يقابلها عند قوات المالكي حقد وعمالة وإجرام.

إن المغامرة غير المحسوبة تعتبر عملا طائشا.

وإن المسير في حقل مزروع بالألغام لا داع له، طالما هناك طريق بديل أكثر أمنا وأمان. صحيح ان بعض فصائل المقاومة أعلنت إستعدادها لحماية الثوار لكن العقل اعلى مقاما من القلب، والفكر اكثر أمانا من العاطفة. نعم كلنا ثقة بقواتنا المجاهدة الحبيبة وكلنا يعترف بمبدأيتها وقوتها التي أجبرت أقوى جيوش العالم على الإندحار المذل. لكن ساعة الحسم لم تحن بعد والغليان الشعبي يحتاج الى المزيد من الصبر والتأني، فمحافظات الجنوب والفرات الأوسط لم يستقم عودها الوطني بعد! والجيش والشرطة وقوى الأمن الداخلي في خدمة المالكي وليس الوطن والشعب، إنهم ذئاب مسعورة متعطشة للدماء لا تتورع عن القيام بكل الكبائر تحت شعار"نصرة المذهب"، مما يتطلب التعامل معهم بحذر ويقظة. وكذلك يجب ان لا نتجاهل ما سيواجهه سكان مناطق بغداد من أهل السنة تجاه ردٌ فعل مليشيات الخامنئي، وهم لم يحضروا أنفسهم بعد للمنازلة الأخيرة.


يعزٌ على كل عراقي شريف فقدان أسد من اسود المقاومة على يد شراذم العمالة، صحيح إن المجاهدين نذروا ارواحهم الشماء لنصرة الدين والوطن ومحاربة الظلم والطغيان. فهم مشروع إستشهادي له قيمة عليا في قوانين السماء والأرض. لذا يعز علينا أن يقعوا في فخ نسجه الولي الفقيه للإيقاع بهم. لذا نهيب بتاج رؤوسنا المجاهدين النشامى التحلي بالصبر، فان الله جلٌ وعلى يَحب الصابرين. لقد مضى الكثير ولم يبقى سوى القليل، وساعة الحسم لا محالة منها. وما النصر إلا من عند الله.

من الجدير بالإشارة إنه بعد التفجيرات نشطت فعاليات الميليشيات الصفوية الخاضعة لإرادة الولي الفقيه في المناطق ذات الغالبية السنية في محاولة يائسة لإعادة سيناريو الحرب الأهلية عام 2006 التي قادها اضلاع المثلث الصفوي في العراق إبراهيم الأشيقر(الجعفري) وعبد العزيز الحكيم الطبطبائي ومقتدى الصدر ضد أهل السنة. حيث بدأت ميليشيا حزب الله بتوزيع منشورات التهجير القسري مطالبة اهل السنة بمغادرة بيوتهم وإلا تعرضوا للقتل. ومن الغباء الظن بأن هذه الألاعيب القذرة ستنطلي على الشيعة والسنة على حد سواء.


إن عام 2013 ليس عام 2006. وشيعة عام 2006 هم ليسوا شيعة عام 2013 وأهل السنة الآن هم ليسوا أهل السنة قبل سبع سنوات. لقد تغيرت اصول اللعبة تماما، وهذا ما فهمه الشعب وعجز عن فهمه السياسيون البلداء. إذا كانت الحكومة تراهن على الشيعة في دعمها فهي في ضلال مبين. سيما إن مرجعية النجف غسلت أيديها من الزعماء الحاليين، ممن زكتهم في الماضي القريب واعتبرت من لا ينتخبهم تحرم عليه زوجته! بل ويحرم عليه حب آل البيت. وأخيرا تحرم عليه الجنة.


وإذا كانت حكومة المالكي تراهن على قوات الجيش والشرطة فإنها على وهم كبير، فهؤلاء مجرمون وسفلة، والسفلة لا ولاء ولا أمان لهم. وإذا كانت تراهن على إيران الخامنئي فأنها تدور في فلك ضائع. فأبطال سوريا ابطلوا مفعول سحر الدجالين في قم ومشهد، ولم يعد ينفع المجرم بشار الأسد جسور الإمدادات التسليحية والمقاتلين من المالكي وحسن نصر الله. الشعب والشعب فقط هو صاحب القرار الأول والأخير في تحديد من يتولى قيادته. فالأسد والمالكي وحسن نصر الله ستكون نهايتهم الحتمية على يد شعوبهم المناضلة، ويوم الحساب يلوح فجره في الأفق القريب.




* كاتب ومفكر عراقي





0 التعليقات: