أخر الأخبار

.

إعتراف أمريكي متأخر

إعتراف أمريكي متأخر

عراق العروبة
عبدالجبار الجبوري

لابد للحقائق أن تظهر ولو بعد حين، مهما حاول الطرف الآخر طمسها والتعتيم عليها، أو تجاهلها وتغولها أمام الرأي العام، بالأمس اعترف قائد الجيوش الأمريكية الغازية للعراق الجنرال جورج كيسي، وأمام العالم كله، في تجمع مناصرة الشعب الإيراني الذي أقيم في باريس بدعوة من منظمة مجاهدي خلق المعارضة للنظام الإيراني
اعترافات خطيرة جدا (العراقيون يعرفونها جيدا ولم تكن خافية عليهم لأنهم يكتوون بنيرانها يوميا)، ومن هذه الاعترافات أن (من قام بتفجير مرقد الإمامين العسكريين عليهما السلام هو إيران وتحديدا الحرس الثوري الإيراني)، وأن نوري المالكي أبلغه بهذا (وأن معلوماته مؤكدة) مضيفا (أن معظم العمليات الإرهابية التي تجري في العراق، تتم بعلم وإشراف وتنفيذ الحرس الثوري الإيراني، وذلك لتفجير الصراع الطائفي في العراق وإضعافه، وأن الحرس الثوري هو من يمد الميليشيات المسلحة بالمتفجرات والأسلحة والعبوات)، هذا الكلام كان مباشرا وأمام الفضائيات العالمية،

فلماذا يعترف جورج كيسي في هذا الوقت بالذات، ولم يعترف في وقتها ويتصرف إزائها بوصفه قائد جيوش الاحتلال وعليه تقع مسؤولية أرواح الشعب المحتل، وحسب القوانين الدولية وحقوق الإنسان، ولماذا ترك الحرس الثوري وفيلق القدس والميليشيات الطائفية تعبث بقتل أرواح مئات الآلاف من العراقيين على مرأى ومسمع من القوات الأمريكية الغازية وتواطؤها معها، ليأتي هذا المجرم ويعترف الآن، وسبق لكلاب بوش وإدارته أن اعترفت بأخطر من هذا الاعتراف ألا وهو (أكذوبة أسلحة الدمار الشامل والعلاقة مع القاعدة) وعلى لسان أكبر القادة العسكريين والسياسيين الأمريكان ومنهم جورج تينت رئيس وكالة (CIA) الأمريكية وكولن باول وتومي فرانكس وديك تشيني وعراب السياسة الأمريكية لربع قرن هنري كيسنجر وغيرهم، معترفين بعظمة لسانهم بان سبب الغزو كان وراءه (النفط وأمن إسرائيل)، كما اعترف رئيس فريق المفتشين الدوليين الأمريكي سكوت رويتر في كتابه عن أسلحة الدمار الشامل وفضح أكاذيب المجرم بوش وإدارته وأسباب غزوه للعراق،

إذن اعتراف جورج كيسي لم يكن الأول ولن يكون الأخير، في سلسلة اعترافات رهط إدارتي بوش وأوباما وأكاذيبهم أمام العالم، ولكن وإجابة على سؤالنا أعلاه لماذا في هذا الوقت بالتحديد، نقول هو رسالة أمريكية إلى نوري المالكي أن (اللعبة معك انتهت)، وهذا أول تسريب لمعلومات بهذا الحجم من الخطورة ومن النوع الثقيل، وثانيا رسالة إلى إيران تبلغها إدارة أوباما (إننا نمتلك ملفات كثيرة جدا عن كل ما قامت به إيران وميليشياتها وفيلق القدس والحرس الثوري هو موثق لدينا بالصوت والصورة) وأن الوقت قد حان لكي يطلع عليها الرأي العام، بعد أن أعلنت إيران مشاركتها الفعلية مع حزب الله والميليشيات في الحرب الدائرة في سوريا، وصار واضحا جدا أن الحرب هناك (كما أرادتها أمريكا طائفية بامتياز؟)، وصرح قبل يومين مرشح الرئاسة الأمريكية جون ماكين، أن الحرب في سوريا ممكن أن تتحول إلى حرب كونية طائفية لعزل إيران وتحجيم حزب الله وموته في سوريا)، والدليل هو ما صدر أمس عن مؤتمر أصدقاء سوريا المنعقد في الدوحة، وعلى لسان الرئيس الفرنسي (يجب تسليح الثوار السوريين فورا وعزل جبهة النصرة الإرهابية عن الثوار بالتسليح)، وكانت الأخبار قبل المؤتمر قد أكدت وصول أسلحة متطورة وصواريخ (أوسا الروسية)، إلى ثوار سوريا من السعودية وغيرها، بمعنى هناك من يهيئ ويعمل على إشعال الحرب الطائفية في سوريا وإفراغ محتوى الثورة، وتحويلها من ثورة جماهيرية شعبية إلى (حرب كونية طائفية بين العرب السنة وبين إيران وحزب الله والميليشيات العراقية الموالية لها وقوات الأسد)،

لذلك ظهر الآن اعتراف جورج كايسي بطبعته الفرنسية، ليقول للعالم أن الحرب الأهلية قد فشلت في العراق ونريد إشعالها الآن وعلى نطاق أوسع في سوريا، لتكون حربا كونية طائفية، كما وصفها جون ماكين الذي زار الأراضي السورية المحررة من قبل الثوار.


 إن اعتراف كيسي يحمل أكثر من رسالة ودلالة واعتراف، يتمثل في أنه يسقط ورقة نوري المالكي من أجندة إدارة أوباما، ويؤجج الوضع الداخلي العراقي ويؤلب الشيعة العراقيين عليه على اعتبار، أن ورقته أصبحت محروقة لدى إدارة أوباما، خاصة بعد هزيمة قائمته دولة القانون في انتخابات مجالس المحافظات في الجنوب وبغداد، والرسالة الأخرى تكشف حجم التآمر على العراق وإشراك نظام الملالي في تدميره وقتل أبنائه وتهجير شعبه وإشعال الحرب الطائفية بين طوائفه، هذا هو جوهر اعترافات القائد الأمريكي جورج كايسي في باريس. فهل يصحو العراقيين على حجم التآمر عليهم من قبل أمريكا وإيران ؟ … اللهم بلغت اللهم فاشهد. 


0 التعليقات: