أخر الأخبار

.

الخميني... الشاعر الهندي


الخميني... الشاعر الهندي


عراق العروبة
علي الكــاش

معاد للأهمية



في هذا المبحث سنلقي الضوء على شعر الخميني أولا، ومن ثم نتعرف على أصول الخميني من خلال شعره المنشور في ديوانه بالترجمتين العربية عن الفارسية. ونقيم الحجة على المعارضين عن أصول الخميني غير الفارسية، لأن الكلام مصدره الخميني نفسه، أي إننا لم نأتِ بشيء من عندنا غير التحليل.

الخميني الشاعر

من المعروف إن موقف الإسلام من الشعر واضح، وليس فيه لبس أو غموض، فقد ورد في سورة الأنبياء/5((بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ)). وفي سورة الشعراء224 ـ227 ((وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ. أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ. وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ. إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)). وفي سورة الصافات/36 ((وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ)). وفي سورة الطور/30 ((أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ)). وفي سورة الحاقة41/42 ((وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا. وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)). وأخيرا في سورة يس/69 ((وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ)). وهذا الأمر يفسر لنا غروب الشعر في فجر الرسالة الإسلامية، او قلته على أقل تقدير، ورغم محاولة البعض أن يستشف من خلال السور الكريمة السابقة إن الغرض ليس التقليل من أهمية الشعر، بقدر ما هو نفي صفة الشعر عن النبي (ص) بعد أن إتهمه قومه بالشعر والسحر. 

صحيح إن بعض السور القرآنية تشير الى هذه الحالة وتؤكدها، على إعتبار إنه لا يجوز الجمع بين النبوة والشعر، لكن توجد سور أخرى تشير الى نبذ الشعراء كما يتجلى في سورة الشعراء. فقد حُددت صفاتهم بالغاوين والمنافقين على اعتبار إنهم يقولون ما لا يفعلون. وقد أخرج الإمام البخاري الحديث النبوي الشري " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا ودما خير له من أن يمتلئ شعرا". (صحيح البخاري4/50). بل وصف الشاعر الفحل إمرؤ القيس " إنه أشعر الشعراء، وقائدهم إلى جهنم". 


البعص الآخر يظن بإن الشعر لم يجزر في فجر الدعوةـ، بل إرتقى وتهذب وتحددت أغراضه ليتوافق مع خلق الإسلام العظيم. يمكن القول إنه من هذه الزاوية فقط، يمكن تأييد صحة ذلك، لكن هذا لا ينفِ حقيقة جزره، بسبب إنشعال المسلمين بالدعوة الجديدة وحفظ القرآن الكريم واحاديث النبي (ص) والفتوحات وغيرها. لاشك إن الإسلام ضد العصبية والعشائرية والمفاخرة بالأنساب والكهانة والتكسب من وراء الشعر والنفاق والغواية والمغالاة والإسراف في المديح والهجاء، والإبتذال الجنسي، وهذه أبرز أغراض الشعر حينذاك، لذا كان موقف الإسلام العام معارضا للشعر.

ربما يستشهد البعض بقول النبي (ص) لحسان بن ثابت" إهجِ قريشاً! فو الله لهجاؤك عليهم أشد من وقع السهام من غلس الظلام", وكذلك حديثه" لشعرك أجزل عند قريش من سبعين مقاتلاً، ولشعر كعب بن مالك أشد على قريش من رشق". على إعتبار أن هذا المديح يعني تشجيعا للشعر! لكن من المعروف ـ لو صحت هذه الأحاديث على قلتها ـ فإن النبي (ص) ربما رغب في دعم فجر الدعوة الإسلامية بالشعراء، والرد على الشعراء الذين ناصبوه العداء وشتموه، وسخفوا دعوته واتهموه بالسحر، سيما أن الشعر كان أفضل وسيلة إعلامية وقتها، بل لا بديل لها، ولكن عندما ارتفعت راية الإسلام عاليا خفت أو إنتفت الحاجة اليهم. وربما كان حديثه الشريف قد سبق نزول الآيات المذكورة. ولا يغرب عن بالنا إن قريشا هم قوم النبي (ص) وهجائهم يعني هجاءا لأهلة وعشيرته وهذا أمر لا يعقله لبيب، سيما ان هناك الكثير من الأحاديث النبوية التي تشيد، بقريش وإفتخار النبي (ص) بأصله القريشي. علاوة على ذلك هناك أبيات لا تزيد عن عدد الأصابع نُسبت للخلفاء الراشدين الثلاثة أيضا، ولا نعرف مدى صحتها، رغم إنها تصب في خدمة الدعوة الإسلامية والإشادة بالنبي (ص) ودعوته، وتحض على الجهاد في سبيل الله. 

ـ روى عبد الرزاق عن قتادة انه قال: لما أهبط إبليس قال: أي رب! لقد لعنته فما عمله؟
قال: السحر.
قال: فما قرآنه؟

قال: الشعر.
قال: فما كتابه؟
(مصنف عبد الرزاق11/268). (شعب الإيمان للبيهقي4/277).

لكن الطامة الكبرى هي في ديوان الشعر الذي نسب للخليفة الرابع علي بن أبي طالب، بالرغم من ان جميع الروايات التي تتحدث عنه بلسانه تخلو من الإستشهاد بالشعر، وحتى خطبه المشهورة، كما لم يُسمع يوما من النبي (ص) او الخلفاء الراشدين إشارة إلى شعر علي، أو إستشهاد أولاده كالحسن والحسين بأبيات من شعره أبيهم المزعوم. علي بن أبي طالب إدرى من غيره بموقف الإسلام من الشعر، ولكن نسب الشعر إليه لا يعد غريبا، فهذا الصحابي ظُلم من المهد إلى اللحد على أيدي من يدعون إنهم خلفه أو أتباعه! فقد نسبوا له صفات ربانية، ونسبوا إليه فنون السحر والشعوذة والدجل، ربما الشعر يُعد أسهل من بقية الصفات المنسوبة إليه.

علي بن أبي طالب والشعر

عن ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، عن يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ الْخَثْعَمِيُّ،عن مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى، عن أَعْيُنُ بْنُ لَبْطَةَ، عَنْ جَدِّهِ الْفَرَزْدَقِ؛ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَبِي، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ 


فَقَالَ: أَنَا غَالِبُ بْنُ صَعْصَعَةَ. 

فَقَالَ: ذُو الإِبِلِ الْكَثِيرَةِ؟ 

قَالَ: نَعَمْ! 

قَالَ: فَمَا صَنَعَتْ إِبِلُكَ؟ 

قَالَ: ذَعْذَعَتْهَا الْحُقُوقُ، وَأَذَابَتْهَا النَّوَائِبُ. 

فَقَالَ عَلِيٌّ: ذَلِكَ خَيْرُ سَبِيلِهَا. ثُمَّ قَالَ: مَنْ هَذَا الَّذِي مَعَكَ؟ 

قَالَ: ابْنِي. 

قَالَ: هُوَ شَاعِرٌ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْشَدَكَ. 

فَقَالَ عَلِيٌّ: عَلِّمْهُ الْقُرْآنَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الشِّعْرِ". (المجالسة وجواهر العلم11/354).

وذكر نجم الدين الغزي" أنشد الدميري من قصيدة يقال: إنها لعلي ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، ولا يصح: 

لا خَيْرَ فِي وِدِّ امْرِئٍ مُتَمَلِّقٍ حُلْوِ اللِّسانِ وَقَلْبُهُ يَتَلَهَّبُ
يَلْقاكَ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَكَ وامـــِقٌ اِذا تَوَلَّى عَنْكَ فَهْوَ العَقْرَبُ
يُعْطِيكَ مِنْ طَرَفِ اللسانِ حَلاوَةً وَيرُوغُ عَنْكَ كَما يَرُوغُ الثَّعْلَبُ

(حياة الحيوان الكبرى1/51). (حسن التنبيه11/102).

كالعادة إنبرى الصفويون الجدد إلى تمجيد الشعر الذي يصب في خدمة العقيدة وتحفيز الشعراء للإشادة بسيرة الأئمة وسماتهم. وهناك من أدخل الغاوين والمنافقين إلى الجنة بسبب قولهم الشعر فقط في مدح أهل البيت، حتى لو كان الشعراء من الزنادقة والماجنين! فقد نسبوا لجعفر الصادق القول" من قال فينا بيت شعر بنى الله له بيتاً في الجنّة". (وسائل الشيعة10/467). وهذا أمر لا يمكن أن يصدر عن عاقل، يعني ان يرتكب الشاعر الكبائر، ولا يؤدِ اي فريضة، ويهجو العالم بلسان قذر، وفي آخر الأمر يمدح الصادق وسلفه أو خلفه، فيبني الله له بيتا في الجنة! يتعامل الصادق مع الله تعالى كأنه عامل بناء لشعراء أئمة الشيعة.


وزادوا الطين بله بأن نسبوا للصادق، واكثر قوله كذب، ولا أعرف كيف يسموه بالصادق! القول " ما من أحد قال في الحسين شعراً فبكى وأبكى به، إلا أوجب الله له الجنّة وغفر له" (رجال الشيخ الطوسي/289). ذكر الدميري " وينسب إلى الفرزدق مكرمة يرجى له بها الجنة، وهي أنه لما حج هشام بن عبد الملك، في أيام أبيه، طاف بالبيت، وجهد أن يصل إلى الحجر الأسود ليستلمه فلم يقدر على ذلك، لكثرة الزحام، فنصب له كرسي وجلس عليه ينظر إلى الناس، ومعه جماعة من أعيان أهل الشأم، فبينما هو كذلك إذ أقبل زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهم، وكان من أجمل الناس وجها، وأطيبهم أرجا فطاف بالبيت، فلما انتهى إلى الحجر تنحى له الناس حتى استلم الحجر، فقال رجل من أهل الشام لهشام: من هذا الذي هابه الناس هذه الهيبة؟ فقال هشام: لا أعرفه، مخافة أن يرغب فيه أهل الشأم، وكان الفرزدق حاضرا فقال أنا أعرفه: فقال الشامي من هو يا أبا الفوارس؟ فقال الفرزدق:



هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقيّ الطاهر العلم

فغضب هشام على الفرزدق، وأمر بحبسه، فأنفذ له زين العابدين اثني عشر ألف درهم فردّهاد وقال: مدحته لله تعالى لا للعطاء؛ فأرسل إليه زين العابدين وقال له: إنا أهل بيت إذا وهبنا شيئا لا نستعيده، والله عزّ وجلّ يعلم نيتك ويثيبك عليها فشكر الله لك سعيك، فلما بلغته الرسالة قبلها". (حياة الحيوان الكبرى1/20). وذر النهشلي القيرواني" عن القصيدة" وقيل هي لداود بن سلم في قثم بن العباس. وقيل للفرزدق في علي بن الحسين". (طبقات النحويين/216). كما ذكر أبو حاتم: قلت للأصمعي: كيف شعر الفرزدق؟ قال: تسعة أعشار شعره سرقة". (فحولة الشعراء/19).


وهذا أمر عجيب! فالجنة عند الصفويين كما يبدو غير جنة المسلمين، هي مفتوحة الأبواب لمن هب ودب، ومنهم من يقول الشعر في أهل البيت، ولمن يبكي على الحسين، ولمن يمارس المتعة، ولمن لا يؤديِ أي فروض إسلامية، يحب ائمة الشيعة فقط! أي جنة هذه؟ ربما هناك خلط بين الجنة والنار في عقولهم المريضة.

الحقيقة إن الجمع بين الدين والشعر تبدو فكرة غير مستساغة، إلا في حال كون الشعر بأكمله ينصب على العقيدة الإسلامية، ولا يخرج عن ضوابط الإسلام المعروفة، وهذا ما لا نجده في الدواوين المنسوبة لعلي بن أبي طالب، والفقيه الشافعي وغيرهم، مما يجعلنا في شك من أمرها، والله أعلم.

يبدو إن الأحاديث السابقة المنسوبة لأئمة الشيعة شجعت الخميني على الخوض في وحل الغاوين والمنافقين، والحقيقة إن الآية الكريمة((وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ)) تنطبق على الخميني بحذافيرها. في الديوانين المنشورين للخميني بترجمة عن الفارسية أحدهما لمحمد علاء الدين منصور. والثاني لغسان حمدان. وردت فيهما العديد من القصائد التي تفتقر إلى الإلهام الشعري والحدس والأبداع التصويري، والخيال الواسع، والبلاغة الرصينة، ناهيك عن بقية الإلتزامات في الشعر كالبحور والوزن والقافية، ربما لأن شعره بالفارسية، لذا لم يلزم نفسه بها، ولم يتمكن المترجمان من معالجتها، فبقيت جمل ركيكة مضطربة، تحاول أن تجسد الأفكار العقائدية بطريقة رتيبة، ومملة للغاية بسبب التكرار وعدم الترابط بين الأبيات، إنه ديوان شعر لا علاقة له بالشعر، وأخف ما يقال عنهـ ديوان سخيف وممل جدا. 

يتناول الديوان في معظمه كلمات مكررة كالمعشوقة والحانة والسكر والدرويش والخانقاه والحجاب والسفور، والطاووس. من الصعب جدا أن ينتقل القاريء من محطة شعرية الى محطة أخرى دون ان يتوقف ويجر نفسا، أو يدخن سيجارة، او يشرب فنجان قهوة كإستراحة من الملل والسأم والركاكة. علاوة على الأخطاء الإملائية التي يزخر بها ديوانه، مع إنه يجيد اللغة الغربية كنا يفترض وكان على المترجمين أن يلاحظا ذلك ويتلافيانها.

من شعره الركيك على سبيل المثال:

لن يذهب ببغاء بستان المحبة إلى صومعة البوم.


وأنى لصقر الفردوس أن يكون كلبا معلما". (الديوان. ترجمة غسان حمدان/77).
ومنه أيضا:

لقد منح تقبيل حبيبتي وعناقها روحي الحياة

وفي فراقها ما من خبر عن التقبيل ولا العناق


(الديوان/114).

وقوله:

ففكِ عني قيدي لكي أطير متشقلبا

خرقتي الملوثة هذه وسجادة الرياء

(الديوان/144).

ومنه أيضا:

ونحن في حوزة اصحاب النظر كالثلج باردين".(الديوان/157).


كذلك: إني بعوضة ولكني أغدو طاووسا بلطفك" .(الديوان/253). 

ربما من أصدق ما قاله في شعره معبرا عن نفسه وأتباعه في قصيدة بعنوان (اصحال الألم):

في معبد الأوثان

نحن كالرجال أوفياء العهد

مع عبدة الأصنام".
 (الديوان/157).

وفي بعض أشعاره توجد مغالاة لحد الكفر، كقوله في موسى بن جعفر:

وإذا لم يقل موسى بن جعفــــــــــر 


ولي الحضرة الإلهية إنه إمام للخلق

فإني أعلنها صراحة أنه رسول الله 

ومعجـزته ابنــته هذه بــلا شــــــــك

لاحظ ركاكة الشعر، والغاية الخبيثة منه، فهو يعتبر فاطمة بنت موسى بن جعفر معجزة! وهي صبية عليلة، لا ذكر لها في التأريخ سوى إنها كانت مريضة وماتت خلال سفرها للقاء أخيها الرضا. فما هي المعجزة التي أتت بها؟ 


ثم كيف يجرأ على وصف موسى الكاظم بصفة رسول الله (ص)، فيكون نبيا؟ ويتمادى في المغالاة في وصف الفاطمتين:

وهما ابنتان لم يأت مثلهما من 


مشيمة القدرة، ولن يأتي مقدر قــط

وهذا الشعر نفسه قد حوره من شاهنامة الفردوسي:

من هذا العالم إلى أربعمئة سنة لاحقه

لن يرى العالم مثل هذه النطفة



ويصف الفاطمتين بقوله:

الأولى صارت على فرق الأنبياء تاجا

والثانية على رأس الأولياء مغفرة".
(الديوان/308).

قد فهمنا فضل فاطمة بنت النبي (ص) على أبيها فقط، وأنها بنت رسول الله لا غير. لكم ما هو فضل فاطمة بنت موسى الكاظم؟ 


وهل الفاطمتان أفضل من مريم العذراء وآسيا زوجة فرعون وخديجة؟ 

ثم أفضل بماذا؟ ولماذا؟ ماذا قدمتا للإسلام لتكون إحداهما تاجا فوق الأنبياء، والأخرى كالذات المقدسة بيدها صك الغفران؟ 

كالعادة فبرك الشعوبيون أحاديثا هزيلة ونسبوها لأئمة الشيعة منها: عن الصادق " إن للجنة ثمانية أبواب، ثلاثة منها لأهل قم، تقبض فيها إمرأة من ولدي، واسمها فاطمة بنت موسى، تدخل بشفاعتها شيعتنا الجنة بأجمعهم". (بحار الأنوار60/288). وعن الرضا "من زارها عارفا بحقها فله الجنة". (عيون أخبار الرضا2/267) دون أن يكلف نفسه بتعريفنا ما هو حقها؟ وعنه أيضا " من زار المعصومة بقم، كمن زارني". (رياحين الشيعة5/35). وعن الجواد " من زار قبر عمتي فله الجنة"، (كامل الزيارات/536). أحاديث تافهة تفضح نفسها بنفسها بأنها من صنع الصفويين وليس لأئمة الشيعة.

حاول الخميني ان يجمع بين الإسلام (نور فاطمة) والزرادشتية (قوى النور والظلام) في شعره حيث يذكر في ديوانه:

ولا عجب لهذا الممكن لأن نوره من الزهراء التي نورها من علي ونوره من الرسول

ونور الله في الرسول الأكرم ظاهر وتجلى نوره على علي الحيدر القائد

وشع منه على حضرة الزهراء ثم ظهر من ابنه موسى بن جعفر

هو ذاك النور الذي خلقته مشيئة كن وهو العالم الذي ينير العالم

ذاك النور هو النور الذي من تجلي القدرة أضفى على آنسات الوجود زينة وبهاء

ولو علم الشيطان بهذا النور ما قال عن آدم إنه من تراب وهو من طين وهو من نار

شرف الممكنات كلها من هذا النور وإلا لبطلت عن بكرة أبيها

(الديوان/ ترجمة محمد علاء /213)

وحول نور فاطمة المزعوم أجاب جواد التبريزي عن سؤال يتعلق بحضور فاطمة في مجالس النساء بقوله " الحضور بصورتها النورية في امكنة متعددة في زمان واحد، لا مانع منه، فإن صورتها النورية خارجة عن الزمان والمكان، وليست جسما عنصريا ليحتاج إلى الزمان والمكان". (للمزيد راجع صراط النجاة للخوئي3/438). انه طرح زرادشتي واضح المعنى والمغزى.

في قصيدة الخميني بعنوان (الإنتظار) عن المهدي المزعوم، يتجاوز الخميني بشكل سافر على القرآن الكريم بقوله: 

ان القرآن كله فصل مختصر في مدحه

سلطان الدين ملك الزمان 

مالك رقاب الرجال والنساء".(الديوان/213). هل هناك ذكر للمهدي في القرآن الكريم؟ ورد ذكر الحمار والنمل ولم يرد ذكر المهدي.

ويتلاعب الخميني في شعره بألفاظ القرآن الكريم، ولا يحصر الآيات بين أقواس كقوله": 

قل للمدعي حسبك جنة النعيم".(الديوان/46) ويقصد بها سورة الشعراء/58 (( وإجعلني من ورثة جنة النعيم)).

وقوله: العارفون بوجهك، كلهم ظلوم وجهول". (الديوان/50) في إشارة إلى سورة الأحزاب/72(( وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا)) وقوله" ان كنت آدميا فما حدث لعلم الأسماء؟(الديوان/85). من قوله تعالى في سورة البقرة/31(( وعلم آدم الأسماء كلها)) وأيضا" قل لجميع الموابذة، إن طريقنا يختلف وطريقكم، فلكم دينكم ولي ديني". (الديوان/124). من سورة قل يا أيها الكافرون آية/ 6((لكم دينكم ولي دينِ)). وكذلك يفعل مع الأحاديث النبوية الشريفة كقوله" ان الفقر فخر إن فرغ المرء من العالم".(الديوان/77) وهو من حديث النبي(ص) " الفقر فخري، وبه أفتخر".

الخلاصة التي تخرج منها بعد قراءة ديوان الخميني هي: 

1. تمجيد الشاعر المزعوم لملوك المجوس

له قصيدة بعنوان (شيخ المجوس) مطلعها: 


العهد الذي كنت قد عقدته مع الشيخ بائع الخمر".(الديوان/123). 

ويشبه قلبه بدير المجوس بقوله: 

كروب عشقك بروحي غير أني لا أفصح عنها لأحد 

لا أقدر نشر مكنون قلبي لأمريء 

فليس في دير المجوس هذا من يكتم الأسرار" .(الديوان/64). 

وكذلك قوله: 

اعتكفت من بعد هذا بباب شيخ المجوس

إذ أغناني عن كلا الدارين برشفة من خمرة". (الديوان/74).

ومنها أيضا: 

كنٌ خادم شيخ المجوس 

ففي مذهب العشق ما من حاكم 

غير المعبودة حاملة الكأس".(الديوان/102). 

وقوله: 

جئت الى باب شيخ المجوس صاحب الأسرار 

طردوني عن زقاقك بإذلال". (الديوان/130). وقوله: 

وأنا جئت مترنما إلى دير المجوس بقلب حزين 

وتوجهت من الدير الى المسجد".(الديوان/130). وقواه: 

فلا تحقرن كوخ شيخ المجوس 

فأني أشم عطر الحسناء من بابه وجدرانه".(الديوان/148). 

وقوله: 

في بلاط شيخ المجوس 

شيوخ عبيد مضاجعون للمحبوبة" .(الديوان/161). 

لكن أية محبوبة تلك التي يضاجعها العبيد؟

وقوله: حلٌ الربيع فمزقوا عمامة الزهد

وإذهبوا إلى شيخ المجوس واستشيروه".(الديوان/356). إنه يحن لدينه الحقيقي المجوسية.

لاحظ ما يقول في هذه القصيدة في مدح آل ساسان له بعنوان ( وصف الربيع ومدح أبي صالح إمام الزمان) :

إستولت قوته على ما بين بلاد العرب واقليم إيران (يقصد المهدي)

وما بين اعالي بلجيكا حتى حدود غازان 

والهند والقوقاز والحبشة والبلغار والتركستان والسودان 

على طراز السهل والجبال بإتساع بحر عمان 

لقد تلت دولته ومجده في العظمة دولة آل ساسان". (الديوان/325). 

بمعنى حتى دولة المهدي المزعومة تأتي عنده في العظمة بعد دولة آل ساسان! بل انه يشبه المهدي بأحد ملوكهم بقوله: 

وأمر الرعد ان يكون جاهزا بإمتثال أمره 

كأنه الملك جمشيد". (الديوان/326)

كلمات ساسان، المجوس، شيخ المجوس، جمشيد، الدير هي الغالبة في قصائده الركيكة.

2. تمجيد عيد النوروز

تتردد في اشعاره أعياد النوروز والمهرجان المجوسيين دون بقية أعياد المسلمين، ولم يأتِ على ذكرهما مطلقا، مع إنه أشار الى عيد الشيعة الذي يسموه الغدير. من قصائده قصيدة بعنوان عيد النوروز ومطلعها: 


هبت ريح النوروز على السهل والجبال". (الديوان/29). وكذلك: 

ما دام تهب ريح النوروز كل سنة في البستان 

وينبعث من غيوم آذار الريحان والزهر الى الأرض".(الديوان/315). 

وقوله أيضا: 

أحال النوروز القديم من جديد خيالا للشباب".(الديوان/319). وقوله: 

في هذا النوروز تسمع الجلبة والثورة 

في الجنان الثماني وللملائكة أيضا في عالم اللاهوت".(الديوان/329). 

ومنها:

فهذا النوروز إقترن بميلاد المهدي". (الديوان/329). حيث توجد روايات منسوبة لجعفر الصادق تشير بأن ميلاد المهدي المزعوم كان في النوروز.

3. الإشادة بكسرى الفرس

يشيد الخميني بقصائده بالأكاسرة ومنهم كسرى الذي مزق كتاب النبي (ص) وشتمه، حيث يصف كسرى بالمقتدر، ويتغنى به، وبتاجه الذي كسره عمر الفاروق ووزعه على المسلمين ومنهم علي بن أبي طالب، كما في قوله: 


إذ حولتني بجرعة واحدة إلى كسرى المقتدر". (الديوان/108). وأيضا: 

لا تتكلموا عن عرش سليمان 

ولا كرة جمشيد فتاج كسرى الملك لدي". (الديوان/141). أن كرة جمشيد حسب الاساطير الفارسية كرة بلورية يرى فيها الملك جمشيد العالم كله. الأكاسرة: جمع مفرده كسرى، من اللفظ الفارسي خسرو، وهو لقب ملوك الفرس قبل الإسلام (فرهنگ جديد رازي/ 277).

وقوله: 

في حزنك يا وردتي البرية يا من أنت لي ككسرى". (الديوان/147). وقوله: 

فيا كسرى الفلك المعلى 

انظر برهة كرما". (الديوان/314) 

وقوله: 

فإنبعث إيها الكسرى من غيبتك 

وأعن أهل الإيمان". (الديوان/332). لاحظ يشبه المهدي بكسرى ويناشده البعث.

4. نظرة الغلو عند الخميني

وهي نظرة لها إمتداد وجذور عميقة في الفكر المجوسي والزرادشتي القديم، وتتجلى في قصائده عن المهدي وفاطمة المعصومة وغيرها. علاوة على بدعة نور فاطمة بنت محمد (ص) المستمدة من صراع قوى النور مع الظلام في العقيدة المجوسية والزرادشتية، وعقيدة المخلص المستمدة من العقيدة الزرادشتية. ويلاحظ ان نفس العنجهية الفارسية والغطرسة الفارغة تغلب على أشعار الخميني على الرغم من اصوله الهندية.


جاء في كتاب (تثبيت دلائل النبوة) بأن المجوس أدعوا بأن موعودهم المنتظر (الميت الحي) هو( ابشاوثن إبن بشاسف) ويقيم في حصن يقع ما بين خراسان والصين. كما جاء أيضا في السفر المجوسي (بونداهش وكذلك باهمان ياشت) بأن" آخر رسل المستقبل سيتجدد في زمانه ويصلح الكون ويقيم القيامة". ومن الكتب القديمة أيضا التي تناولت فكرة المنقذ ما ذكره الهمداني بأن" المجوس يدعون لهم منتظرا حيا باقيا من ولد بشتاس يدعى بشاوثن، وإنه في حصن عظيم بين خراسان والصين". 

وجاء في مقتضب الاثر لإبن عياش وبحار الأنوار للمجلسي" لما جلى الفرس عن القادسية وبلغ يزدجر بن شهريار ماكان من رستم وادالة العرب عليه وظن ان رستم قد هلك والفرس جميعا وجاء مبادر وأخبره بيوم القادسية وانجلالها عن خمسيين الف قتل ، خرج يزدجر هاربا في اهل بيته ووقف بباب الايوان وقال: السلام عليك ايها الايوان ها انا منصرف لكني راجع اليك أنا أو رجل من ولدي لم يدن زمانه ولا آن اوانه. قال سليمان الديلمي فدخلت على أبي عبد الله فسألته عن ذلك وقلت له: ماقوله أو رجل من ولدي؟ 

فقال: ذلك صاحبكم القائم بأمر الله عز وجل فهو ولده". وهذا كلام صريح بأن القائم من سلالة يزدجر وليس من سلالة النبي (ص).


5. سرقات الخميني

أن الكثير من أشعار الخميني مسروقة من إبن العربي والحلاج وابن الفارض والشعراء الفرس. 


على سبيل المثال لا الحصر:

قال ابن العربي: 

وبيت لأوثان وطعبة طائف وألواح توراة ومصحف قرآن

أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه، فالحب ديني وإيماني

ويذكر الخميني: 

المسجد والصومعة والمعبد والدير والكنيسة

حيث يمر ذكرك وهو سكينة فؤادي

نحن حجب وأستار وأنقاب وألثام

والحجب هي ذاتها سري الغامض 

(الديوان/42)



6. الخميني يعترف بأصوله الهندية

عندما أشارت بعض المقالات الأجنبية والعربية إلى الأصول الهندية للخميني، إنتاب البعض الغضب والهيجان، وأخذوا يشككون بهذه المقالات ويعتبرونها ذات أهداف مغرضة! والمثير في الأمر إن المعارضين كانوا من العرب وليسوا من الفرس! وهذا طلسم يصعب فك رموزه عندما يكون العرب أشد تعصبا للجنس الفارسي من الفرس أنفسهم! 


روى ابن أبي شيبة أن جماعة من الصحابة قالوا لسلمان الفارسي" صلِ بنا يا أبا عبد الله أنت أحقنا بذلك! 

فقال: لا! أنتم بنو إسماعيل الأئمة، ونحن الوزراء". وروي عن سلمان أيضا قوله: اثِنْتَانَ فَضَلْتُمُونَا بِهَا يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ لاَ نَنْكِحُ نِسَاءَكُمْ وَلاَ نَؤُمُّكُمْ". (السنة2/336) والحديث النبوي الشريف "يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله". وقال النبي (ص)" إن الله أذهب عنكم عيبة الجاهلية وفخرها بالأباء. إنما هو مؤمن تقي، أو فاجر شقي. الناس كلهم بنو أدم، وأدم من تراب". 

وتجدر الإشارة بإن اللقب النرجسي الذي أسبغه الخميني على نفسه (روح الله) يعود إلى النبي يوسف، حيث جاء في التلمود" وكانت روح الله مع يوسف". (التلمود/130)!

نشر موقع (Burbuja) الإسباني مقالا بعنوان (من هو الخميني؟) إستند إلى وثائق سرية تشير بأن الخميني لم يلد في إيران، ولا تجرِ في عروقه الدماء الفارسية، وإنما هو أبن سيدة هندية من كشمير. وأنه لم يكن يستحق لقب آية الله، الذي تكرم به شريعة مداري للخميني عام 1964 كي ينقذه من حكم الإعدام الذي أصدره شاه إيران بحقه، على إعتبار إن الحائز على لقب (آية الله) يُعفى من حكم الإعدام. ويدعي صاحب المقال الوثائقي بأن والد الخميني هو(William Richard Williamson) أي (وليم ريتشارد وليامسون) وهو من مواليد 1872 في بريستول، وأورد الكاتب أسماء شهود يؤيدون كلامه، ممن عملوا في شركة النفط الإيرانية البريطانية (بريتيش بتروليوم)، كشهادة الكولونيل آرشي تشيشولم ( Archie Chisholm) الذي تولى رئاسة تحرير صحيفة (فاينانشال تايمز). ويشير التقرير بأن وليامسون إعتنق الإسلام وغير إسمه إلى (الحاج فضل الزبيري) وإنه تزوج من(7) سيدات من العرب والهند. وإن أحد أبنائه هو (الخميني).

وبغض النظر عن مدى صحة المعلومات الواردة في المقال، فأن الذي يدعم آراء المتشككيين في أصول الخميني هو رفضه الحديث عن أصوله، وعدم معرفة النسابين شجرته العائلية، حيث يتوقفون عند أبيه أو جده. وهذا الأمر يثير العديد من علامات الإستفهام، ولم يتمكن نظام الملالي من الإجابة عنها.

وسواء كان الخميني من أصول هندية أو غيرها، فإن عدم فك لغز أصله ساعد على تثبيت أصوله غير الفارسية. ومع هذا فإن العرق الهندي بحد ذاته لا يعني إهانة للخميني، فالعرق الهندي ليس أقل أهمية ومكانة من العرق الفارسي، والحضارة الهندية أكبر وأهم مما يسمى الحضارة الفارسية. والهند حاليا أهم وأقوى وأكثر تقدما من جمهورية إيران. ولا نفهم سر الإنزعاج من الأصول الهندية للخميني إلا إذا اعتبر البعض ان الأصل الهندي لا يشرف الخميني، وهذا حمق وغباء لا مثيل له. 

فطن الخميني بأنه من الصعب أن يَقنع الناس بأنه من سلالة علي بن أبي طالب إذا بقي على أصوله الهندية، ولذا فمن الأفضل أن يتوارى خلف جدار العنصر الفارسي، وذلك لأن الفرس لا تهتم بالأنساب. فخيرهم يعجز عن ذكر إسم جده الرابع أو الخامس، قد قال المتنبي:

وإنّما الـناس بالملـــــــوك وما تفلح عُربٌ ملوكها عجم

لا أدبٌ عندهم ولا حسب ولا عهودٌ لـــــــــهم ولا ذمـم

ولأن بعض من ذرية علي بن أبي طالب عاشوا في بلاد فارس، فيمكن أن يُطعم لقبه الهندي بجذع من شجرة علي زورا.


لكن محاولة الخميني لإثبات نسبه للأئمة لم تثبت نجاحها، فالكذب حبله قصير، وسرعان ما يتعثر لسانه بكلامه ويعود إلى أصوله الهندية. وربما نسبه غير الحقيقي فضحه الله تعالى على لسان الخميني نفسه. أن إدعاء النسب جريمة مخلة بالشرف، لأنه يخلط الأنساب، ويُضيع الحقوق، علاوة على أنه كذب صريح، ومخالفة للشرع. فقد ورد في الحديث النبوي الشريف " ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر بالله، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار". (صحيح البخاري6/539). وآخر" لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفر". (صحيح البخاري12/54). 

لاحظ مثلا ترجمة غسان حمدان لسيرة الخميني، حيث يذكر" ولد عام 1902 في خمين إبن أصغر لأب كان الزعيم الديني لمدينته، ولأم من عائلة دينية هي الأخرى، كانت معروفة ومحترمة في خمين". (ديوان الخميني/7). هذا كل ما جاد به لنا مترجم ديوانه عن أصول الخميني! وكذلك بقية الكتاب الذين تحدثوا عن سيرته، ان كانت أمه معروفة ومحترمة فأين المعلومات التي تثبت ذلك يا رجل؟ 

نحن لا نطعن بأمه ـ معاذ الله ـ لكنها نكرة، وغير معروفة، وليس كما يزعم الكاتب كذبا. 

عن ترجمة حياة الخميني في موسوعة ويكيبيديا ورد" هاجر أجداد الخميني من موطنهم الأصلي نيسابور الواقعة في شمال شرق إيران الى مملكة عودة الواقعة غي شمال الهند، والتي كان يحكمها حاكم شيعي من أصول فارسية. إستقرت العائلة المهاجرة في قرية كنتور. جد الخميني سيد أحمد موسوي الهندي ولد في كنتور، اضطر لمغادرة الهند عام 1830 الى مدينة النجف العراقية. وعام 1834 غادر النجف الى فارس ليستقر عام 1839 في مدينة خمين. وتزوج في خمين لاحقا وانجب ثلاثة بنات وثلاثة أبناء، أحدهم كان السيد مصطفى أب الإمام الخميني. تزوج مصطفى نحو 1882 مع هاجر آغا خانم بنت آقا ميرزا احمد، وكان أحد أولادهم روح الله الخميني". تشير بعض التقارير إلى أن أجداد الخميني موطنهم الأصلي مملكة أوده الواقعة في شمال الهند، والتي كان يحكمها حاكم شيعي من أصول فارسية، وبسبب الانتشار البريطاني في الهند اضطر جد الخميني المعروف بـ (سيد أحمد"، إلى مغادرة الهند عام 1830م إلى مدينة النجف العراقية.

لكن من هو الحاكم الشيعي من الأصول الفارسية المشار اليه؟ ومن هم أجداد الخميني بالإسم؟ ومتى جرت الهجرة الى مملكة عودة؟ من هو احمد موسوي؟ إنها مجرد ألقاب آغا وخانم وآقا وسيد وموسوي! ولا شيء مثبت تأريخيا حول صحة إقامتهم في النجف وتنقلاتهم المذكورة بين الهند وفارس والعراق.

وردت إعترافات الخميني بأصوله الهندية في ديوان شعره الذي ترجمه غسان حمدان (12) مرة، وقد حار فيها المترجم كما يبدو فيها! ثم فسرها في هامش ديوانه بقوله " تخلص الإمام الخميني أو توقيعه الأدبي"، ولا نفهم ما يقصد من العبارة اللغز! ربما يعني تخص وليس تخلص، وتبقى العبارة غير واضحة! 

جاء في شعر الخميني مما يثبت أصوله الهندية:

لا يفصح الهندي عن أسرار حبك

ما أنا فاعل وهي مكشوفة بلونها". (الديوان/40).

وقوله:

وإني لأقتفي أثرها كل ايامي مثل الهندي

مع إنني لا أوفق في رؤيتها كل أيامي". (الديوان/59).

وقوله:

لأحملن روحي بكفي وأعجل بها الى ميدان الوغى

نظم الهندي هذا مع ان استاذا قد أنشد". (الديوان/69).


ويصف نفسه:

ذلك المسافر الذي أقام في وادي الروح


لا يغادر مقامك قط مثل الهندي". (الديوان/72) . 

كذلك" قوله: 

أنت ملكة جمع الحسان 

والهندي هو المفتون بك 

وكل ما يملكه من حياة، نثره ترابا على عتبتك(الديوان/83). 

وأيضا قوله:

قد أتى الهندي من الهند الى رأس زقاقك 


أنى له أن يتناجى مع ملك شيراز وطوس؟".(الديوان/120). 

وفي قصيدة له بعنوان (شيخ المجوس) يناجي شيخه بقوله: 

ولن تسمع أنت من فم الهندي حديثا آخرا 

غير حديث عن صفاء الخمر، وكلام بائع الخمر".(الديوان/124). 

ويحدث نفسه قائلا:

فأسعد قلبا يا هندي من عاقبة الأمر". 


كذلك قوله: إن سمع قصيدة الهندي 

هذي شاعر شيراز وذلك الأديب البليغ".(الديوان/309). يقصد بالشاعرين حافظ الشيرازي وسعدي الشيرازي. 

ومنها: 

مادام بقيت الولاية مقررة على ولي العصر 

والنبوة لمحمد، والخلافة لحيدر 

وما دام شعر الهندي من الرحيق كالسكر المكرر".(الديوان/333). 

كذلك قوله:

شجيرة حبك في قلب الهندي لا تثمر 


غير التنهدات والحسرة".(الديوان/349). 

ويناجي نفسه أخيرا بقوله: 

فلا تقرأ حديث ليلة وصالك يا هندي 

فأني أخشى عيون الحاسدين السيئة".(الديوان/149). علاوة على إشارات أخرى منها حديثه عن نهر جيحون الذي ينبع من جبال بامير في الهند ويصب في بحر آرال في روسيا بقوله: 

فمن همٌ لقاء وجهك 

تمتليء المآقي كنهر جيحون".(الديوان/105). ربما له ذكريات مع النهر بإعتباره يقع في موطنه الأصلي الهند!

هذه نماذج من شعر الخميني التي لا ينفِ فيها أصله الهندي، فلماذا يتنطع المتنطعون ويدعون أصوله الفارسية؟

حفيدة الخميني تعلن الحقيقة أمرا محيرا!

نفت (عاطفة إشراقي) حفيدة مؤسس النظام في إيران الراحل روح الله الخميني، أن يكون الأخير من أصول هندية، مضيفة أنَّ " لدينا جذورًا روسية من طرف الأب" وتقصد بذلك، جد الخميني وهو أحمد الموسوي الذي تشير المعلومات إلى أنه هندي الأصل. وقالت عاطفة إشراقي التي تعيش في لندن منذ سنوات عديدة، في معرض ردّها على أسئلة وجهتها لها مجموعة من الإيرانيين عبر الإنستغرام، فيما إذا كان جدها الخميني من أصول هندية " ليس للعائلة جذور في الهند، وإنما لديه (الخميني) جذور روسية من جانب الأب".

الحقيقة لا نعرف ان أئمة الشيعة لهم ذرية في روسيا والهند، ولكن ما لا يقبل الجدل، وما يثبته شعر الخميني إنه من أصول هندية.



هوامــــش


1. نشر ديوان الخميني بترجمتين:

أ. ديوان إمام، أشعار الإمام الخميني. ترجمة عن الفارسية غسان حمدان. دار التنوير. بيروت 2009.

ب. الديوان. الإمام الخميني. ترجمة محمد علاء الدين منصور. من منشورات المجلس الأعلى للثقافة في مصر. سنة 2004، ضمن سلسلة المشروع القومي للترجمة العدد 674.

2. راجع القاموس فرهنگ جديد رازي، محمود سعيدي پورآذينفر انتشارات فرد.

0 التعليقات: