أخر الأخبار

.

تعطيل العقل بالدين


تعطيل العقل بالدين!!


عراق العروبة
صادق السامرائي




الأمة وعبر أجيالها المتعاقبة تعطل عقولها وتختصرها بالموضوعات الدينية , فأجيالنا بأزمانها وعصورها تستهلك طاقاتها ووقتها وجهودها في موضوعات دينية , لا تساهم في قوتها وتنمية قدراتها الحضارية , ولا تعزز وجودها الإيجابي المعاصر.

فأجيال الأمة من أكثر أجيال الدنيا غوصا وإجتهادا وكتابة في الموضوعات الدينية , وفي خزائنها عشرات المئات من الموسوعات التفسيرية لكتاب واحد , والمجلدات الفقهية التي أمعنت في توريط الأمة بما يضرها ولا ينفعها , حتى أوصلتها إلى ما هي عليه من الضعف والهوان.

ولا تزال الأجيال المعاصرة على ذات السكة التبديدية للطاقات الإبداعية , وهذا واضح فيما يطغى على الكتابات والإبداعات بأنواعها , فالسائد أنها تتناول موضوعات دينية وتريد أن تغصب المكان والزمان على التماهي معها , بينما الدنيا تسير نحو آفاق علوية ذات أنوار علمية وإبتكارية وقدرات تصنيعية غير مسبوقة , وأجيالنا منشغلة بالتفسير والتأويل والتكفير والإفتاء المستطير.

فما قيمة الكتابة في الموضوعات الدينية التي تناولتها الأجيال الغابرة وعانت من مراراتها وويلاتها , وما أوجدته من تفاعلات سلبية بين أبناء الدين الواحد , حتى أن الأمة قد قتلت من أبنائها بإسم الدين ما لم تقتله أمة غيرها , فحروبها في معظمها ضمن دائرة الدين الواحد , بعد أن تحقق توظيف الطائفية والمظلومية والتكفير بأساليب ذات مردودات إجرامية فائقة الجودة.

ولو تابعتَ أي موقع أو صحيفة لتبين بأن الطاغي فيها الكتابات المتناولة لموضوعات دينية , ولا تجد ما يتفاعل مع الحاجات الأساسية للحياة , فلا إبداع علمي , إقتصادي , زراعي , تجاري , إليكتروني أو غيره من مفردات العصر , التي تتناولها الأقلام في المجتمعات المتنورة.

إن الكتابة في المواضيع الدينية لا تقدم أية خدمة حضارية للناس , وإنما تساهم في بناء الجدران وتعقيد الفهم والتصور , وإبتعاد الناس عن الدين لأنه لا يتوافق عمليا مع الطرح القولي أو المكتوب , فلكلٍّ دينه المتصوّر بمخيلة هواه , وكلٌ يحسب أن دينه الحق وغيره دينه الباطل , ووفقا لهذه الدوغماتيات السائدة تساهم الكتابة في الموضوعات الدينية بحفر الخنادق وتدمير الجسور التواصلية , وتدفع إلى التنافر والتعادي وفقدان الثقة ما بين الناس.

ومن الأصلح للأمة أن تقلل من هذا السلوك الذي أوردها الويلات ووظفها للتداعيات والدمارات الماحقة لهويتها ومعاني وجودها القويم.

فهل من إعادة نظر بسلوكنا العقيم الذي نضفي عليه سمات دينية؟!!

0 التعليقات: