وتأتي هذه "البديهيات" اليوم، خاصة حلبجة، تعبيراً عن حاجة قوات الاحتلال لذرائع تشرعن عدوانها على دولة ذات سيادة. بالتحديد أكثر، تتجلى في مذبحة حلبجة بعض أهم ذرائع الاحتلال مثل: 1) أسلحة الدمار الشامل، و2) الديكتاتورية، و3) المذابح الجماعية التي يفترض أنها أنتجت مقابرَ جماعية. ولذلك، صار لا بد من التدقيق بما جرى هناك اعتماداً على المصادر الرسمية الأمريكية نفسها.
ويذكر معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي أن استيراد العراق للأسلحة ما بين عامي 1973 و2002 توزع إحصائياً كما يلي: 57% من روسيا والاتحاد السوفياتي السابق، 13% من فرنسا، 12% من الصين، 1% من أمريكا، وأقل من 1% من بريطانيا. فليس دقيقاً التعميم أن أمريكا سلحت العراق في الثمانينات، وليس في سجل العراق شيء مثل فضيحة "إيران غيت" أو صفقات أسلحة "إسرائيلية" من السوق السوداء أو غيرها، مع العلم أن مسؤولين أمريكيين شهدوا أمام الكونغرس عام 1982 أن "إسرائيل" نقلت أسلحة أمريكية لإيران وجيش لبنان الجنوبي دون أن يتبع ذلك تحقيق بالرغم من مخالفته لنص القانون الأمريكي.
من جهة أخرى، يذكر تقرير محدود التوزيع عن حلبجة لوكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية، اقتطفت أجزاءً منه مجلة الفيليج فويس Village Voice الأمريكية المعروفة في عددها الصادر يوم 1 أيار/مايو 2002 :"معظم الضحايا في حلبجة تسبب بموتهم محلول السيانوجين كلوريد كما بلغنا، ولكن هذا العامل الكيميائي لم يستخدمه العراق يوماً، بل أن إيران هي التي اهتمت به. أما قتلى غاز الخردل في البلدة فمن المرجح أنهم قضوا بالأسلحة العراقية، لأن إيران لم يلحظ أبداً أنها استخدمته". ولعل أشهر تقرير هو تقرير ستيفن بيلتير حول هذا الموضوع.
وفي تقرير أخر عن حلبجة عن مؤتمر دام يومين للملحقين العسكريين في السفارات الأمريكية في "الشرق الأوسط" ومحللين عسكريين وسياسيين من وكالة الاستخبارات المركزية CIA ووكالة الاستخبارات العسكرية DIA ، اعتمد في نتائجه على التقارير الميدانية والمتوفرة للعموم وعلى التقاط الرسائل السلكية واللاسلكية للجيشين العراقي والإيراني من قبل وكالة الأمن القومي الأمريكية NSA ، جاء تقييم ما حدث في حلبجة كما يلي: "على افتراض أن السيانوجين كلوريد هو المسؤول أساساً عن أسوأ حالات استخدام الكيماويات في القتل الحربي للأكراد في حلبجة، وبما أن العراق ليس له سجل في استخدام هذين العنصرين، والإيرانيون لهم سجل من هذا النوع، فإننا نستنتج أن الإيرانيين هم المسؤولون عن هذا الهجوم". ويمكن إيجاد ذلك التقرير الرسمي على الموقع التالي:
0 التعليقات: