أخر الأخبار

.

مقالة (دكتور) مضطر



مقالة (دكتور) مضطر


عراق العروبة
سلام الشماع



كتب أحد الأساتذة الأكاديميين ممن عمل معنا في الصحافة الوطنية العراقية ودرس الإعلام حتى صار أستاذاً بمادته، في صحيفة (الخليج) الإماراتية، مقالاً عنوانه (دفاعاً عن محمد المسفر)، وليس لي ولا لغيري أن يطعن في مكانته العلمية، ولكنه بدا في هذا المقال متهافتاً ومدفوعاً ومجبراً ومضطراً على الكتابة مهاجماً من عاتب الدكتور القطري محمد المسفر، بنحو جعل من نفسه قيماً على العراقيين، وأخذ يوزع عليهم (كميات) الوطنية، وهاجم حتى الذين خاطبوا المسفر وعاتبوه بتهذيب عالٍ، ويبدو أن هذا (الأستاذ) ما عاد يفرق بين العتب وبين الهجوم منذ أن ترك مجال الصحافة وانزوى في قناة (الجزيرة) القطرية، محللاً سياسياً تحت الطلب .

وإني لا أتهم هذا الزميل الدكتور الذي كنت أكن له الاحترام والتقدير إلى أن ثبت لي أنه لا يختلف عن الكتاب والمختصين المأجورين، وهذا وصف لا ينتقص منه فكثير مثله يؤمنون بمبادئ ثم يديرون إليها ظهورهم بعد أن يكتشفوا أن ثمة ما يدر عليهم الفلوس والعيشة المستقرة الرغد غير المبادئ التي باتت عاجزة عن توفير ذلك لهم، والدكتور ليس نسيج وحده في هذا، وليس معنى أني أرى مثل هذه النماذج انتهازية ومنتفعة فاحتقرها، أنها ليست محترمة لدى غيري .

إن هذا الدكتور يقول في مستهل مقالته (ليس من طبعي الدخول في جدل شخصي على الملأ مع أحد)، وهذا بالضبط ما نعرفه عنه وعن أمثاله، الذين يتوارون خلف ستار خوفاً على منافعهم ومكاسبهم التي تؤثر عليها المجابهات والجدل العلني والموقف الصريح الواضح، ولذلك قلنا أن أحداً أو ظرفاً ما أجبره على كتابة ما كتب، وربما كان لراعي مؤتمر باريس دور في هذا الإجبار والاضطرار فإن جيشه الإلكتروني أخذ يوزع بفرح بالغ، وعلى نطاق واسع، هذه المقالة وكأنهم حققوا بها انتصاراً كاسحاً على منتقدي مؤتمر باريس الفاشل ومعاتبي الدكتور المسفر .

إني شخصياً أحترم الدكتور المسفر ويوم كتبت المقالة العاتبة عليه كانت القسوة التي اتسمت بها تعبيرا عن إحساسي بخيبة الأمل لصدور أحكام غير علمية ولا موضوعية وقاطعة منه تخص الشأن العراقي، وكتب الناشط السياسي كاظم عبدالحسين عباس داعيا المسفر إلى مناظرة تلفزيونية حول كبوته في مؤتمر باريس، كما كتب الأستاذ صلاح المختار مقالة نمت عن عمق العلاقة بينه وبين المسفر عنوانها (كبوة رجل كريم) كانت كلها أسئلة مهذبة موجهة إلى المسفر، أما الكاتب العراقي المعروف هارون محمد فقد كتب مقالة بليغة غاية في التهذيب وحسن الخطاب والعتاب، ولكن الدكتور المضطر عدّ أن هؤلاء (قلة) شطت عن الحق وأوغلت كثيراً في الخطأ، وبعضهم فقد مع هذا الإسفاف صلاحيته ككاتب أو كسياسي، ولست أدري أين الإسفاف فيما كتب هؤلاء السادة الذين كانت أغلب كلماتهم، كلمات مودة إلى رجل لم ينسوا مواقفه القومية الجريئة تجاه العراق وشعبه في أصعب الظروف وأحرجها وأقساها، ولكن عتباً حاراً رافق تلك الكلمات، والذي يحب يعتب كما يقول أهلنا ؟

وانظر إلى الطريقة المفضوحة التي يتبعها الدكتور المجبر لتجيير ما يزعم أنه دفاع عن محمد المسفر إلى تسويق لمؤتمر باريس الفاشل، وللهجوم على من كتب في معارضة هذا المؤتمر، فهو يقول (أؤكد أني لم أجد عراقياً لم يستنكر هجوم هؤلاء على المسفر، حتى لو كانوا ضد ما قال الرجل في باريس؛ لذلك يمكنني القول بكل ثقة إن من كتب ضد الدكتور محمد المسفر لا يمثل غير نفسه مهما كان عنوانه، وإن العراقيين "يعرفون أوادمهم"، ولذلك فهؤلاء القلة قد شطوا عن الحق وأوغلوا كثيراً في الخطأ، وبعضهم فقد مع هذا الإسفاف صلاحيته ككاتب أو كسياسي، فلكل شيء حدود، ولن نقبل أن يساء لصورة العراقي بهذا الشكل المسف).

إن من حقي أن أطالب الدكتور المدفوع اضطرارا إلى مهاجمة خيرة كتاب العراق ووصفهم بالإسفاف والمسفين وهم في مقام أساتذته بلا شك، أن يأتي إلي بإحصائية من جهة موثوقة تؤكد أنه فعلاً لم يجد عراقياً لم يستنكر ما وصفه بـ(هجوم هؤلاء على المسفر)، على الرغم مما في وصفه من خطأ فاضح فأولئك السادة عاتبوا المسفر عتاب محب ولم يهاجموه، كما بينا، كما أنه أساء الوصف والأدب، في آن، عندما اعتبر أولئك (جزءاً لا يتجزأ من أعداء بلادنا بما في ذلك المشروع الإيراني دون أن تغير ذلك عناوينهم أو مزاعمهم الوطنية)، وهو يعلم علم اليقين أن الذين يقول عنهم هذا الكلام تمسكوا بوطنيتهم على الرغم من الفقر المدقع الذي رافقها وما خانوا مبادئهم ولم يسكتوا يوماً على من شتم هذه المبادئ، كما فعل غيرهم، ولم يركضوا وراء المشاريع الفاشلة المضرة بالعراق طمعاً وراء دولارات ستزول ومعها ذكرهم، بينما سيخلد التاريخ أسماء المخلصين الثابتين على مبادئهم.

ومن الغريب أن يتجاوز هذا الدكتور حدوده فيقول: "فلكل شيء حدود، ولن نقبل أن يساء لصورة العراقي بهذا الشكل المسف"، فمن هو لينصب نفسه وصياً على العراق وقيماً على شؤونه بحيث يقبل عن كلامنا أو لا يقبل، فإذا أعطاه مؤتمر باريس مثل هذا الحق، فقد أعلنا أننا لسنا معنيين بهذا المؤتمر وقضي الأمر الذي فيه تستفتيان، ودوى في الآفاق الفشل المريع للمؤتمر و(راحت فلوسك يا صابر)، وإذا كان يتحدث بلسان بعثي، كما كان، فلماذا يردّ علينا ولم يرد على المسفر عندما قال أن البعث انتهى؟

 وإذا كان يتحدث بلسان عراقي، فما وجدنا عراقياً يسمع تصريحات بإنكار وجود القوى الوطنية العراقية ويسكت!!! فليقل لنا الدكتور من هو بالضبط ليتحدث بهذه الأمور الكبار؟

ورحم الله القائل:
"ولو أني بُلِيتُ بهاشميٍّ خُؤولته بنو عبدِالمَـــــــــدان
لهان عليّ ما ألقى ولكنْ هلُّموا وانظروا بمن ابتلاني"


وفي صدري الكثير ولكني أكتفي بهذا في (مهاجمة) هذا الدكتور، وليس في (عتابه)، وقد أعود إلى هذا الحديث إذا استوجب الأمر.



0 التعليقات: