أخر الأخبار

.

لماذا الفلوجة هي 'رأس الأفعى'؟!..



لماذا الفلوجة هي 'رأس الأفعى'؟!..


عراق العروبة 
د. جاسم الشمري



منذ أكثر من أسبوع تقريباً انطلقت عمليات ما تسمى تحرير الفلوجة من قبضة تنظيم داعش، ومن يومها وحتى الآن والإعلام المحلي والدولي منشغل بتسليط الضوء على تلك المعركة، التي لم تنطلق عملياتها البرية بشكل تام وواضح حتى اللحظة – وفي ساعة إعداد هذا المقال هاجمت القوات العراقية المدعومة بالحشد الشعبي المدينة من ثلاثة محاور ولم تتمكن تلك القوات من دخول المدينة-، وما زالت القوات المتواجدة على حدود المدينة تحاصرها من كل الجهات، وتقصفها بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من البر والجو .

السؤال الذي يطرح هنا هو لماذا هذا الاهتمام الحكومي والإيراني بمعركة الفلوجة؟.

قبل الجواب على هذا التساؤل نحاول أن نستعرض بعض مشاهد ساحة المعركة الدائرة حالياً في مدينة الفلوجة الغربية .

المواجهة اليوم بين طرفين، الطرف الأول هو القوات الحكومية المدعومة بـ(17) فصيلاً من مليشيات الحشد الشعبي، والملاحظ هنا أن هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها عن أسماء هذه الفصائل الشيعية بهذا الوضوح الغريب، وهذه الفصائل المليشياوية هي: " لواء أنصار المرجعية، ولواء علي الأكبر، وفرقة العباس القتالية، وفرقة الإمام علي، وقوة أبي الأحرار الجهادية، وقوات بدر، وسرايا عاشوراء، وسرايا أنصار العقيدة، وكتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق، وسرايا الجهاد، وسرايا الخراساني، وفيلق الكرار، ولواء المنتظر، ولواء مجاهدي الأهوار، وكتائب سيد الشهداء، وسرايا السلام".

وكذلك نلاحظ في هذه المعركة التواجد الإيراني العلني عبر تواجد قاسم سليماني زعيم الحرس الثوري الإيراني، والذي نشر صوره وهو يجتمع مع زعماء المليشيات ومنهم هادي العامري، وهنالك تسريبات من ارض المعركة تؤكد وجود أكثر من 70 ضابطا وجنديا في معسكر المزرعة القريب من مدينة الفلوجة .

أما بالطرف المقابل فهنالك تنظيم داعش الذي يسيطر على الفلوجة منذ قرابة العامين.

والسؤال الملح هنا هل كل من في داخل الفلوجة هم من مقاتلي تنظيم داعش؟؟!.

بعيداً عن العواطف سأحاول أن انقل تصريحات المسؤولين الحكوميين تؤكد حقيقة السكان في الفلوجة.

يوم الثلاثاء الماضي أكد صباح كرحوت رئيس مجلس محافظة الأنبار أن داعش تمثل 5% من مجموع السكان المدنيين في الفلوجة وفي ذات اليوم أكد فالح العيساوي رئيس مجلس مدينة الفلوجة أنه يتواجد (70) ألف مدني في داخل المدينة، فإذا كان داعش يمثل 5% فقط من مجموع سكان الفلوجة والبقية هم من المدنيين العزل فهذا يعني أننا أمام كارثة إنسانية سترتكب ضد الفلوجة بحجة مقاتلة داعش ودليل الكارثة هو التصريحات الطائفية التي أطلقها زعماء المليشيات والتي تؤكد أن الحرب هي حرب طائفية وليست حرباً لبسط النظام والأمن في البلاد .

ومن بين تلك التصريحات ما قاله نوري المالكي زعيم حزب الدعوة أو رئيس الوزراء السابق أن الفلوجة هي رأس الأفعى .

وأيضاً تصريحات أوس الخفاجي قائد مليشيا أبو الفضل العباس الذي ذكر في كلمة أمام عناصر مليشياته إن "الفلوجة هي منبع الإرهاب منذ 2004 وحتى يومنا هذا، ولا يوجد فيها شيخ عشيرة آدمي، ولا إنسان وطني ولا ملتزم دينيا، حتى في مذهب أهل السنة، وأن هذه المعركة فرصة لتطهير العراق، لاستئصال ورم الفلوجة منه وتطهير الإسلام منها، فهذا شرف لا بد من المشاركة فيه وأن نناله، ويجب أن نكون من السباقين في هذه المدينة"، بحسب مقطع فيديو بثه الإعلام الحربي .

ولا أعتقد أن هذه الأفكار والتصريحات الهدامة ستخدم العراق .

وبالعودة إلى سؤالنا في بداية الحوار وهو لماذا الفلوجة، نجيب :

تمييع الخلافات السياسية بين غالبية الكتل السياسية في العملية السياسية والمستمرة على المستويين الحكومي والبرلماني منذ عدة أشهر، وذلك للضغط على الأطراف المعارضة وإحراجها بموضوع أن مصير العراق كله معرض لخطر داعش، وأن العملية السياسية برمتها في خطر، وبذلك يمكنهم ولو بصورة مؤقتة تجميد تلك الخلافات .

إظهار تماسك التحالف الوطني الشيعي الذي بات واضحاً للجميع انه لم يعد متماسكاً، وصارت أوراقه معرضة للتناثر في أية لحظة .

تنفيذ أحقاد طائفية وتغيير ديموغرافي في بعض المناطق القريبة من بغداد من جهة الانبار، والنجف بحجة مقاتلة داعش، وبذلك ربما سنشهد نزوحاً لبعض عوائل المليشيات لتلك المناطق بعد انتهاء المعارك .

إيصال رسائل لبعض دول الخليج وبالتحديد المملكة العربية السعودية أن المليشيات قادرة على ضرب المملكة، والتي استهدفت سابقاً في أكثر من هجوم، والدليل على ذلك أن من يضمن استقرار الانبار سيضمن السيطرة التامة على النخيب القريبة من السعودية، وما صور نمر النمر على الصورايخ في معركة الفلوجة إلا رسالة واضحة من تلك المليشيات .

الأمر الآخر المهم هو صرف الأنظار عن المظاهرات الشعبية والغضب الجماهيري المشتعل في بغداد ومدن الجنوب والوسط وهو ما دعا رئيس الحكومة للطلب من الجماهير تأجيل المظاهرات إلى ما بعد معركة الفلوجة .

هذه الأسباب وغيرها هي التي دفعت حكومة العبادي المدعومة من الإيرانيين إلى تعجيل معركة الفلوجة على الرغم من الصعوبات الميدانية والفاتورة العالية المتوقعة من هذه المعركة.




0 التعليقات: