أخر الأخبار

.

ميليشيات إيران والعداء للعرب الشيعة قبل السنة!



ميليشيات إيران والعداء للعرب الشيعة قبل السنة!


عراق العروبة

جلال عارف



لا يحتاج الأمر إلى تصريح إضافي من مسؤول إيراني «كبر أم صغر» لكي نتأكد من أن التدخل الإيراني في سوريا والعراق واليمن ولبنان وغيرها من الأقطار العربية يجري وفق مخطط واحد، وأن كل الفصائل المرتبطة بطهران، والتي تقاتل على الأرض العربية، تعمل بتعليمات من قيادة إيرانية واحدة؛ لا تريد خيراً بأي قطر عربي.

لكن ما يستوقف النظر الآن هو هذه الجرأة التي تكاد تبلغ حد الوقاحة في إعلان المسؤولين عن نشر الإرهاب المرتبط بإيران، أن هدفهم هو الحرب الطائفية بين السنة والشيعة على امتداد الوطن العربي، وربما الإسلامي كله. ثم هذا الإصرار على نشر أكذوبة تمثيل إيران للشيعة، ومحاولة التدخل في الشؤون الداخلية لأقطار عربية عاش كل مواطنيها– على مدى مئات السنين– في ظل أخوة تجمع أبناء الوطن الواحد، وعاش فيها المسلمون السنة والشيعة بالذات في محبة ووئام، يبنون أوطانهم معاً، وتختلط دماؤهم في الدفاع عن تراب هذا الوطن ضد أي عدو.. حتى لو جاء يرفع أعلام إيران، أو يدعي كذباً نصرة فريق من العرب على فريق آخر.

لم يكن عبثاً أن تقوم الولايات المتحدة الأميركية بتدمير العراق وتفكيك دولة عربية كبرى مثله، ثم تسلم مصيرها للأيادي الإيرانية لكي تدخل العراق في جحيم الحروب الطائفية والمذهبية، بينما واشنطن تؤكد أن العراق سيكون النموذج (الديمقراطي بالطبع!) الذي تريد تعميمه في المنطقة العربية!.

كانت اللعبة قد انكشفت قبل ذلك بسنوات طويلة، وبعد قيام الثورة الإيرانية التي اختطفها– كما حدث عندنا– المتأسلمون. يومها توقعنا أن يتم تصحيح الأخطاء التي وقعت في عهد الشاه، لنفاجأ برفض إعادة الجزر الإماراتية المحتلة، وببدء حملة تحت شعار «تصدير الثورة الإسلامية»، والحقيقة أنها خطة لتوسيع النفوذ الإيراني لا علاقة بها بالإسلام، ولا تريد إلا إشعال الفتنة المذهبية لتخدم أغراض السياسة ومصالحها.

وليس عبثاً أن تكون نتيجة سنوات طويلة من «الصراع» الذي اتخذ في النهاية عنواناً رئيسياً هو الملف النووي الإيراني هي التوافق الكامل بين واشنطن وطهران، ليتحول «الشيطان الأكبر» كما كانت توصف أميركا من جانب إيران إلى حليف مؤتمن! وليقال للشعب الإيراني الذي علمه أن يهتف «الموت لأميركا» طوال ثلاثين عاماً.. أن هذا كله كان من باب المزاح أو من قبيل «دلع الأحبة»! بدليل هذه التصريحات التي توالت من الرئيس الأميركي وإدارته عن التحالف المحتمل بين البلدين أو اللغة التي أعادت للأذهان حديث رجل الشرطة الذي كان يطمع شاه إيران يوماً أن يلعبه في المنطقة لصالح الأميركان، والذي تطمح السلطة في إيران الآن لأن تلعبه ولو بتدمير كل شيء لمصلحتها التي أصبحت هي نفسها مصلحة «الشيطان الأكبر» سابقاً!. لكن.. لماذا التلويح الإيراني بورقة الطائفية الآن؟ ولماذا الاعتراف بما لم يعد يجهله أحد عن وقوف إيران أمام ما يحدث من كوارث في العراق وسوريا ولبنان واليمن تحت زعم أنهم يملكون حق تمثيل الشيعة في كل مكان.. خاصة في الوطن العربي؟

احتمالات كثيرة ينبغي أن نضعها أمامنا في هذا الشأن، ونحن نشهد التحركات الدراماتيكية في مواقف كل القوى الكبرى والإقليمية والمحلية، والتوافقات الجديدة التي تتم وتغيير المواقع والتحالفات.

فهل تريد طهران أن تثبت حضورها في أكثر من موقع، لكي يكبر نصيبها من الصفقات الموعودة؟! وهل تريد أن تقول إنها تمتلك «الكارت الشيعي» في المنطقة حتى لو كان ذلك يتصادم مع الحقيقة، ويصعد التوتر مع باقي الأطراق؟

أم أن طهران ترى تراجع «الدواعش» وتريد أن تقول للقوى الكبرى إن الرهان عليها هو الأفضل؟ خاصة مع ما تمر به تركيا من أزمات لن تنتهي سريعاً، ولن تتركها بغير جروح دامية وصراعات داخلية ستستمر طويلاً؟!

في كل الأحوال فإن علينا أن نتعامل بحكمة وبمسؤولية في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها الأمة. وعلينا أن ندرك أننا ما زلنا ندفع ثمن الغياب العربي الذي سمحنا به، وتركناه يورثنا كل هذه المخاطر، وما زلنا ندفع ثمن «التأسلم» الذي أفسد محاولة أجيال جديدة لإصلاح الأمور، ووضع نفسه في خدمة مخططات معادية، وقفز إلى الحكم ليجهض ربيعاً كان يمكن أن يثمر سريعاً، لولا عناية الله وسقوط حكم الإخوان في مصر، لكان الأمر أسوأ بكثير .

وهنا ينبغي أن نضع نقطة فاصلة.. وهي أن محاولة إدخال المنطقة في حروب مذهبية هي مسؤولية مشتركة بين التطرف الذي جاءنا من إيران ليحاول اختطاف التمثيل الشيعي، والتطرف الذي بدأ من «الإخوان» وامتد إلى «القاعدة» و«داعش» في محاولة لاختطاف التمثيل السني. ولعل القارئ العزيز لا يحتاج إلى تفاصيل كثيرة على أن الخطوط كانت وستظل موصولة بين التطرف والإرهاب هنا وهناك، بل لعل ما نسمعه من رجال الحرس الثوري الإيراني من تصريحات متحدية هو من قبيل مد يد العون للتطرف الإخواني– الداعشي، برفع سقف التحريض الطائفي والمذهبي الذي لن يقابل إلا بمثله!ويتبقى سؤال هو الأهم في كل ما يجري على أرضنا، وهو: ما الذي يجمع كل الأطراف الدولية والإقليمية المتصارعة على امتداد أرضنا العربية؟! وما الذي يجمع هذه الأطراف مع جماعات الإرهاب التي تستخدم الدين، أو تحاول إثارة الفتن الطائفية والمذهبية ؟

أليس هو العداء للعروبة التي لم ننهض إلا في رحابها، ولم نتوحد إلا بها، ولن يكون لنا طريق للنجاة من كل ما نواجهه من مخاطر إلا بالتمسك بها. أعداؤنا يعيدون رسم خرائط المنطقة، يدمرون دولاً بأكملها، ويطلقون علينا أحط أنواع الإرهاب باسم الإسلام الحنيف، ويفتحون نار جهنم بإثارة حروب السنة والشيعة مرة أخرى. والكارثة أننا نعرف الحل ولا نتحرك إليه: أن نكون عرباً، أو لا نكون شيئاً إذا انتصرت مخططات الأعداء! .


0 التعليقات: