أخر الأخبار

.

فنون دعم اسرائيل الغربية لاسرائيل الشرقية



فنون دعم اسرائيل الغربية لاسرائيل الشرقية



عراق العروبة
صلاح المختار







ثمة تطوير لاسلوب مخابراتي تتبعه اسرائيل الغربية تجاه اسرائيل الشرقية ونغولها العرب وهو التركيز مؤخرا على (كشف) علاقات انظمة عربية بها وتأكيد انها علاقات جيدة، بل ونشر لقطات تؤكد (عمق) العلاقات مع عرب ثم ترويجها واضافة لقطات قديمة عن تلك العلاقات، مصحوبة بتعليقات خبيثة جدا تؤكد بان اسرائيل الغربية تقف مع الانظمة العربية (السنية ضد ايران والشيعة)! وحينما وضعنا كلمة (كشف) بين قوسين فلان هذا الكشف ليس كشفا بل اعادة نشر ما كشف منذ عقود طويلة وهي اعادة توظيف لاثبات اطروحة مخابراتية للموساد وهي ان اسرائيل الغربية تقف مع (السنة) ضد (الشيعة) في هذه المرحلة الخطيرة من تنفيذ مخطط سايكس بيكو الثانية التي تلعب فيها الصهيونية الامريكية دور المهندس واسرائيل الشرقية المدير التنفيذي . 

ولان ملالي طهران عادوا لعادتهم القديمة التي تخلو عنها رسميا بعد توقيع الاتفاقية النووية وهي اعادة رفع شعاراتهم القديمة مثل معاداة امريكا واسرائيل الغربية لنظام الملالي ووقوفهما مع (السنة) العرب ضد (الشيعة الايرانيين)، لذلك لابد من تسليط الاضواء على الاسباب التي تدفع المخابرات الاسرائيلية والغربية لهذا التكتيك : 

1- ليس ثمة شك في ان انظمة عربية خليجية وغير خليجية اقامت علاقات مع اسرائيل الغربية بعد كامب ديفيد في نهاية السبعينيات وتوج ذلك بمشروع عربي للاعتراف بالكيان الصهيوني مقابل الانسحاب من الاراضي التي احتلت عام 1967، هذه حقيقة لا تنكرها الانظمة العربية. فالقصة اذا ليست وليدة ما بعد تصاعد الصراع العربي الفارسي عقب غزو العراق وانما هي من ظواهر الواقع العربي الرسمي بعد حرب عام 1967. ما الجديد اذا الذي يستدعي الضجيج الايراني الصهيوني حولها؟ 

2- دأبت اسرائيل الغربية في خطتها المخابراتية على اظهار ان العدو الحالي لها هو اسرائيل الشرقية وهذا التصوير مستند الى حقيقة معروفة وهي ان مناهضة الصهيونية تشكل احد اهم معايير تقييم اي نظام ودولة وحزب فالجماهير العربية تدعم من يناهض الصهيونية وكيانها وداعميها ولهذا اذا اراد اي نظام او حزب الحصول على شعبية عربية عليه مناهضة الصهيونية صدقا او تمثيلا، وهذا بالضبط الدافع الرئيس وراء ترويج اسرائيل الغربية والغرب المتصهين لفكرة معاداتهما لنظام الملالي في طهران ومعاداة هذا النظام لهما. وهي خطة مكشوفة. 

3- اكثر من ثلاثة عقود من الحرب الكلامية بين نظام الملالي والغرب المتصهين واسرائيل الغربية لم تؤدي الى تنفيذ التهديدات المتبادلة، تلك الحرب الكلامية وطبقا للواقع كانت الوسيلة الرئيسة لخلق وادامة فكرة ان اسرائيل الشرقية ونغولها العرب في حالة حرب دائمة مع الغرب والكيان الصهيوني لاجل كسب كتل عربية بالتضليل من قبل نظام الملالي او شراء ضمائر عرب – مثل الجواسيس الذين يقودون المؤتمر القومي (العربي) - وتحويل هذه الكتل الى ادوات دعاية تغطي وتبرر جرائم اسرائيل الشرقية في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها، وهي اشد بشاعة من جرائم امريكا واسرائيل الغربية. فكيف يمكن تصور مرور عمليات الغزو والتوسع الامبريالي الايرانية في الوطن العربي من دون وجود نغول وجواسيس عرب يدافعون عن تلك الغزوات معتمدين على الحروب الصوتية بينهما والتي اعيدت تغذيتها بافتعال حرب بين لبنان واسرائيل الغربية (2006) خدمت اسرائيل الغربية وتوأمها اسرائيل الشرقية والحقت ضررا فادحا بلبنان وزادت من صعوبة فضح خيانة حزب الله العظمى للبنان والامة العربية ؟ 

خلال اكثر من ثلاثة عقود شهدت المنطقة كلها دعما متصاعدا وثابتا من قبل امريكا واسرائيل الغربية لاسرائيل الشرقية وتوج بتسليم العراق من قبل امريكا لاسرائيل الشرقية عندما انسحبت منه! ثم كرس كل ذلك بدعم امريكا لعمليات الابادة السكانية للعرب وتهجير اكثر من 16 مليون عربي من العراق وسوريا وتوطين فرس واجانب محلهم والتي قام ويقوم بها نغول اسرائيل الشرقية في العراق وسوريا بدعم رسمي من الطيران الامريكي والذي شكل عامل التفوق الرئيس في نجاحات اسرائيل الشرقية. ولعل دعم اوباما الرسمي خلال اواخر رئاسته وحتى شهر مضى تقريبا لاسرائيل الشرقية وتخليه عن حلفاءه العرب علنا والاعتراف بان امريكا والغرب يدعمان (التوسع الشيعي ضد السنة) كان اخر تطور في الخطة المخابراتية الغربية والصهيونية. ومما يلفت النظر انه حتى الشهر الماضي اي قبل تسلم ترامب الرئاسة ان الاعلام الصهيوني والغربي كان يروج لسياسة اوباما القائمة على دعم ما سموه ب(ايران الشيعية) ضد السعودية ومن معها من (السنة) . 

4- ومن المفارقات الطبيعة التي لابد من الانتباه اليها لاهميتها ان وجود علاقات بين انظمة عربية واسرائيل الغربية لم يؤدي الى دعم اسرائيل الغربية لتلك الانظمة ضد التهديدات الايرانية العلنية مكافئة لها على اعترافها بها او التعاون معها بل بالعكس كانت تل ابيب تواصل خطة تمكين اسرائيل الشرقية من تقسيم الاقطار العربية بما في ذلك تلك التي اعترفت بها وتعاونت معها لان اسرائيل الشرقية تنشر الفتن الطائفية وهي الضامن الاعظم لحماية اسرائيل الغربية من خطر تحرير العرب لاراضيهم المحتلة منذ عام 1948. النهج الايراني المتميز باشغال العرب بحروب طاحنة يجعلهم ورغما عنهم مدافعين وعاجزين على شن اي هجوم لتحرير اراضيهم المحتلة من قبل الصهاينة وهنا يكمن احد اهم اسباب دعم الغرب والصهيونية لنظام الملالي . 

مقابل ذلك نرى بوضوح بان اسرائيل الشرقية لا تعد لا ماضيا ولا حاضرا عدوا فعليا لاسرائيل الغربية لاسباب ستراتيجية وعقائدية وهي عدم وجود تناقضات رئيسة بينهما بل بالعكس فقد اثبتت التجارب التاريخية والحالية وجود قاسم مشترك بينهما وهو معادة العرب منذ كورش محطم بابل الى غزو العراق بينما بين العرب واليهود صراع وعداء قديمين تجددا في العصر الحديث بظهور الصهيونية .
5- وعندما يقوم اوباما بمغازلة اسرائيل الشرقية رسميا يأمر خامنئي برفع كل الشعارات المعادية لامريكا من مدن دولته ويتحول زواج المتعة بينهما الى زواج كاثوليكي، وعندما يدعم الغرب الرسمي (ايران الشيعية ضد الانظمة العربية السنية) يمارس رموز نظام الملالي رقصا خليعا في تخل مذهل عن وقار مصطنع! ولكنهم عندما يقوم عرب في الحكم بنفس الخطوات التي قاموا بها يشهرون بهم (فيرون القشة في عيون عرب لكنهم لايرون جذع النخلة في عيونهم) كما يقول السيد المسيح ! 

في ضوء الملاحظات السابقة يمكننا تأكيد ان التحول الجديد في الدعاية الاسرائيلية الغربية والذي يروج لفكرة انها تدعم (الانظمة السنية ضد ايران الشيعية) هو مد حبل انقاذ اخر لاسرائيل الشرقية ومحاولة لمعالجة التدهور الكبير في سمعتها كي تواصل حروبها المدمرة ضد العرب ولا تتوقف الا بعد تقسيم الاقطار العربية، لان ذلك اذا تحقق (يضمن امن اسرائيل لنصف قرن) كما تقول المصادر الصهيونية . 

وكما صار اوباما مختصا بمد حبال الانقاذ لاسرائيل الشرقية كلما اوشكت على الغرق واخرها منحها 120 مليار دولار لم ينتظر تحويلها بالطرق العادية فارسلها لها بطائرة خاصة كي لا تعجز عن مواصلة حربها التدميرية في العراق وسوريا، وهو ما دفع ترامب لمهاجمة ذلك بقوة، فان الدعاية الاسرائيلية الغربية الحالية هي ايضا تمد حبال انقاذ لاسرائيل الشرقية كلما اوشكت على الغرق. وبناء عليه يصبح السؤال التالي ضروريا: كيف يمكن التحول بهذه السرعة الفلكية من موقف دعم (ايران الشيعية) الى ادعاء دعم (الدول السنية) ؟




0 التعليقات: