الدليل إلى السعادة
الدليل إلى السعادة
عراق العروبة
فاروق يوسف
السعادة كالجمال لا أحد في إمكانه أن يضع تعريفا محددا لها، فهي تُعاش بطريقة شخصية، لا تغري ألغازها بالاقتراب منها، ذلك لأنها تقع خارج المناطق التي تعمل فيها الحواس المباشرة .
للسعادة حواسها التي تبرمج عملها في مناطق خفية من النفس البشرية، يابستها تشف عن البحر وبحرها لا يسطو على اليابسة ، ولأنها تعدي فإن الكثيرين لا يفضلون مجالسة إنسان سعيد ، ربما لشعورهم بأنه لا يشاركهم تعاستهم ، فهو من وجهة نظرهم شخص أبله لا يربكه ألم الوجود ، غير أن ما لا نعرفه عن السعيد أنه كائن رقيق ، تمسه عذابات الآخرين قبل أن تمسهم ، فهو ليس مريضا بسعادته كما يظن الآخرون .
السعادة ليست مرضا شخصيا، ما يربك في السعادة أنها تتمسك بفرديتها، فهي ليست ظاهرة قطيعية، هناك أفراد سعداء وما من مجتمع سعيد، لو كانت هناك مجتمعات سعيدة لما احتجنا إلى القوانين .
السعادة هي قانون يضمن الوصول إلى حقيقة الجمال في أبهى صوره، حين يكون المرء سعيدا فإن الزهور التي يراها في طريقه تشهق بعطرها بطريقة مختلفة، تحبه الزهور بسبب مشيته السعيدة، الطبيعة تخلص لجمالها حين يمر بها الناس السعداء .
ما لا نعرفه عن السعادة يمكننا أن نعثر عليه في وجوه السعداء، وهم بشر لا يخونهم شعورهم العميق بالحب، الحب هو النبع الذي تنبعث منه أبخرة السعادة، بالرغم من عذابه فإن العاشق شخص سعيد، لقد وهبته الطبيعة قدرة استثنائية على أن يعثر على روحه الهائمة في جسد آخر .
يسعدنا الحب لأنه يخرجنا من ذواتنا، السعادة ليست قفصا، إنها فضاء، ما يخيف فيها بريتها .
السعادة كائن بري لا يمكن تدجينه، السعداء كائنات حرة، كائنات لا تزال قيد التشكل، فهي لا تنتسب إلى ماضيها، كما أنها لا تكترث كثيرا بمستقبلها .
ما يتركه السعداء من أثر قد لا يقود إليهم تماما، غير أنه سيكون بمثابة دليل يقودنا إلى معنى أن يكون المرء سعيدا .
0 التعليقات: