أخر الأخبار

.

التحامل على الرواية العراقية





التحامل على الرواية العراقية




عراق العروبة
وارد بدر السالم



أكاديمي عراقي يحمل شهادة عليا نشر في صحيفة عربية قبل أيام مقالاً متشنجاً عن الرواية العراقية ألغى فيه الماضي والحاضر، وبطبيعة الحال لم يترك أفقاً للمستقبل السردي في البلاد، وبطريقة بدا فيها تحامله على السرد العراقي برمته واضحاً، وقبلها بالطريقة نفسها قال في لقاء تلفزيوني إن الذين يكتبون الرواية العراقية صبيان، بمعنى أنهم لم يتعلموا بعد أصول الكتابة السردية بشكلها الصحيح، وفي الحالتين -عدا تكفيره في مجالسه الشخصية لكل الروائيين - لم يقدم الدليل على مثل هذا التحامل وهو الأكاديمي المعني بتوخي المنهجية العلمية والدقة والبرهان والدليل .

وعلى الصحيفة ذاتها طالعنا روائي عربي بمقال عن ذاكرة الرواية العربية، وهو مقال ملتبس إلى حد مّا حينما ألغى فيه من تلك الذاكرة الرواية العراقية بالجملة ولم يفتح صفحة منها سوى أنه ” تذكر” أحدهم، وأظن أن ذلك قد حدث بسبب جغرافي لا أكثر. لكن هذا لا يعفي من أن يكون الروائي قد تناسى أسماء كثيرة وكبيرة في عالم السرد العراقي الذي نجح خلال السنوات الأخيرة في أن يخترق الحصار القديم ويتقدم إلى الصفوف الأولى لا سيما في مسابقات الجوائز العربية المعروفة كالبوكر الإماراتية وكتارا القطرية، ونظن أن السيد الروائي هو من الأسماء المعروفة في هاتين الجائزتين وهو يعرف بدقة عدداً من الأسماء الروائية التي نالت الجائزتين ويعرف المنافسة الطبيعية للأسماء الروائية العراقية التي كشفتها المسابقتان على مدار دوراتهما الروائية .

إلغاء الجهد السردي من قبل أكاديمي عراقي والتحامل عليه من دون سند نقدي لا يمكن الاعتداد بهما، فهما حلقة مفرغة من تسرع نقدي يكشف عن سهولة التعاطي مع مشهد ثقافي كامل، وتقويض الإنتاج السردي المهم من قبل روائي عربي معروف لا يحقق أصلاً القصدية من تهميش سلسلة الإبداعات الروائية المتتالية التي تتضافر على إنجازها أجيال عديدة في منافسة حرة واعدة، فإن كان الروائي العربي المشار إليه قد تناسى أو نسي أو لم يقرأ الرواية العراقية فهو خطأ ضمني في التعاطي مع الآخر ما دام يريد تشكيل مشهد عربي لذاكرة الرواية العربية، وإلا كيف له أن ينسى أو يتناسى أسماء مثل فؤاد التكرلي وغائب طعمة فرمان ومهدي عيسى الصقر وأحمد خلف وآخرين لهم حضور قديم وجديد في المشهد الثقافي العربي .

حتى الأجيال الجديدة ما بعد الريادة وما بعد بعدها أيضاً تمكنت من أن تخطو خطواتٍ واثقة بجهدٍ سردي لافت. لكننا سنضطر إلى إعادة سيرة الجوائز العربية، فهي على الأقل لا تزال طرية في الذاكرة بحضورها متعدد الطبعات والانتشار والترجمة، وهذه إشارة إلى الناقد الأكاديمي العراقي الذي ألغى كل الجهود السردية العراقية بجرّة قلم؛ ومن ثم إلى الروائي العربي الذي قرأ “فرانكشتاين في بغداد” لأحمد السعداوي، وأجزم بوصفها رواية بوكرية، كما قرأ لمحسن الرملي وسنان أنطوان وإنعام كجه جي وميسلون هادي . 

ولا يمكن ألا يكون قد قرأ لعلي بدر كاسم روائي عربي معروف ومنتشر، ولا أعتقد أنه لا يعرف عبدالخالق الركابي الذي اشتغل معه على مشروع روائي في دولة خليجية، مثلما أظن أن كتّاباً عراقيين مهاجرين لامعين منذ عقود زمنية بعيدة لا بد أن يكونوا قد لفتوا انتباهه كلطفية الدليمي وعالية ممدوح ونجم والي وعواد علي وصلاح صلاح وعبدالستار ناصر ودنى غالي.. وآخرين .

سنلفت أنظار الناقد العراقي المتنكر لسرديات العراق ومعه الروائي العربي إلى أن هناك اسماً عراقياً حاز جائزة كتارا في دورتها الماضية، وهو مرشح ساخن الآن لنيل جائزة البوكر العربية بعدما وصل إلى القائمة القصيرة؛ أقصد: سعد محمد رحيم .





0 التعليقات: