أخر الأخبار

.

من الرابح في قضية اختطاف الصيادين القطريين





من الرابح في قضية اختطاف الصيادين القطريين




عراق العروبة
مروان ياسين الدليمي



انتهت مسرحية اختطاف الصيادين القطريين في العراق وبقيت الشبهات تحوم حول الدور الذي لعبته فيها اطراف عراقية حكومية خاصة داخل التحالف الوطني الحاكم ابتدأ من عملية الاختطاف وانتهاء بعملية التفاوض والافراج عن المختطفين .

عملية الاختطاف من بدايتها كانت تحمل اكثر من علامة تشير على انها مجرد لعبة اقليمية تأتي في اطار الضغط والابتزاز ،يقف خلف ادارتها اطراف سياسية تسعى من ورائها الى تحقيق اهداف مرتبطة بطبيعة الصراع القائم في المنطقة حول سوريا والعراق واليمن والبحرين، مابين محور ايران ومحوردول الخليج العربي، وليست مسألة الاختطاف مرتبطة بعملية ابتزاز مالي،على اعتبار ان المختطفين رعايا دولة خليجية ،عددهم 26 ومن بينهم اثنان من افراد الاسرة الحاكمة.

معظم الاسئلة التي تم طرحها من قبل المراقبين تمحورت في الاطار الاتي :كيف يمكن ان تتم عملية الاختطاف مع ان الصيادين دخلوا العراق بطريقة رسمية،بمعنى ان الحكومة العراقية كانت تعلم بكل تحركاتهم ابتدأ من اللحظة التي دخلوا فيها الحدود العراقية،ومن المؤكد ان هناك عدد من العناصر الذين جندتهم لمرافقة الصيادين كانوا على اتصال دائم مع المسؤوليهم في بغداد ليخبروهم بتحركاتهم خطوة اثر خطوة.

من هنا فإن اي مراقب للحالة العراقية يدرك جيدا ان عملية الاختطاف تقف ورائها ميليشيات تتلقى دعم ومساندة من قبل جهات عليا لها رصيد مرتفع في الحكومة.

ينبغي هنا التذكير بأن بعض قادة الميليشيات العراقية لم يكن يخشى التصريح علنا بين فترة واخرى بانه لن يتردد في ان يغزو اراض دول مجاورة سماها بالأسم في ما لو طلبت منه مراجعه الدينية سواء التي في العراق او ايران،وبعضهم كان يتفاخر من على شاشة الفضائيات بانه اطلق صواريخ على اراضي تلك الدول من غير ان يراعي القوانين التي تنظم العلاقات ما بين الدول وتصون سيادتها.

تلك التصريحات كشفت حقيقة التواطىء القائم مابين الميليشيات والحكومة العراقية إن لم يكن تقاسم ادوار متفق عليه بينهما في اطار الصراع الاقليمي الدائر مابين طهران ودول الخليج ،وإلا كان يتوجب على الحكومة العراقية ان تتخذ موقفا واضحا وتصدر امرا بموجبه يتم محاسبة من يطلق مثل هذه التصريحات .

في مطلع الاسبوع الماضي كانت الحكومة العراقية قد اقدمت على رفع شكوى الى نظيرتها الحكومة الاردنية مطالبة اياها بمحاسبة ومعاقبة مواطنين اردنيين اساءوا الى شخصيات سياسية ورجال دين عراقيين، وكان من باب اولى على الحكومة العراقية ان تبادر في محاسبة ومعاقبة مواطنين عراقيين تعمدوا الاساءة لدول مجاورة قبل ان ترفع شكواها الى الاردن .

وبنفس السياق اعقب تلك الشكوى ايضا تنديدا من قبل السيد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي ونائب رئيس الجمهورية نوري المالكي طال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بعد ان انتقد فيه الحشد الشعبي واعتبره ميليشيا طائفية وطالباه بالاعتذار واعتبرا ماجاء على لسانه يعتبر تدخلا في شؤون العراق .

وإذا كان موقف اردوغان يوضع في باب التدخل والاساءة للحكومة والدولة العراقية،ماذا يمكن ان نسمي عملية اختطاف الصيادين ؟

في العراق نرى العجب العجاب في مواقف يعبر عنها غالبية القوى الفاعلة في المشهد السياسي العراقي، فمن جهة يصبح لديك تصور وكأنهم لايفهمون شيئا في الدبلوماسية والعلاقات الدولية وفي ابسط صورها، ومن جهة اخرى يتشكل لديك اعتقاد بانهم لاينطقون بما تمليه عليهم مصحلة بلدهم ، بقدر ما ينفذون مصالح دول اخرى ، وإلا مامعنى ان يتم خطف صيادين دخلوا بصورة رسمية ويختفون لمدة تزيد على العام والنصف (منذ شهر كانون الاول 2016 )ومن ثم نكتشف ان شروط الخاطفين التي تم تسريبها الى الصحافة لاعلاقة لها بمصالح العراق وامنه الوطني بقدر ما كانت تعبر عن مصالح ميليشيات تابعة لدول اقليمية،وكانت كالاتي :

‏- فك الحصار عن اربع مدن سورية محاصرة من قبل القوات المعارضة للنظام والسماح لدخول أهالي مدينتي كفريا والفوعة (الشيعيتان )من دخول مدينة حلب0
-اطلاق سراح بعض المقاتلين الايرانيين الاسرى لدى جبهة النصرة
– استلام حزب الله اللبناني فديه قدرها مليار دولار ونصف مع اطلاق سراح بعض مقاتليه الاسرى لدى بعض الفصائل السوريه

الا يكفي ما يعيشه العراق من ورطة كبيرة مع قوى الارهاب لكي تصبح اعلى مؤسسة سيادية وسيطة لصالح قوى تمارس الارهاب داخل وخارج العراق ؟ 

واين ستذهب الفدية التي تبلغ قيمتها مليار ونصف دولار ،هل سيتم بها اعادة بناء الجسور والمستشفيات والمدارس والبيوت التي دمرت في العراق نتيجة للحرب الدائرة ضد قوى الارهاب ؟ 

هل ستذهب لتتعويض المهجرين والنازحين ام انها ستذهب الى لتمويل الميليشيات ؟
اخر ماصرح به زعيم احدى المليشيات العراقية التي تقاتل في سوريا الى جانب النظام في دمشق “لن نخرج من سوريا حتى لو ذهب بشارعن سدة الحكم ” .

وقد جاء هذا التصريح متزامنا مع تطورات سياسية باتت تشهدها منطقة الشرق الاوسط بعد مجيء ترامب الى البيت الابيض ودعوته الى ضرورة انهاء الملف السوري ورحيل بشار عن الحكم .

وهذا الموقف الذي عبر عنه الزعيم الميليشياوي يفنّد مااعتاد ان يصرح به وزير خارجية العراق ابراهيم الجعفري عندما يسأله الصحفيون خارج العراق حول موقف الحكومة العراقية من المليشيات التي تقاتل في سوريا فكان يجيب دائما”نحن لاعلاقة لنا بكل الذين يذهبون للقتال في سوريا،ولن نستطيع ان نمنع احد”..هذا الجواب يضع الحكومة العراقية في مأزق اكثر مما يجنبها المسؤولية بما يجعلها لاتملك الحق في ان تدين اية دولة يتسلل عدد من مواطنيها الى داخل الاراضي العراقية لقتال القوات الحكومية .

التقارير الصحفية والاستخباراتية تشير الى ان عملية نقل الميليشيات تتم عبر مطار بغداد الدولي وبرحلات يومية الى دمشق ويتقاضى هؤلاء رواتب وامتيازات اعلى بكثير من المقاتلين في صفوف الحشد الشعبي او الجيش العراقي الذين يقاتلون داخل العراق ، وعندما يقتلون في سوريا يتم دفنهم في العراق بمراسيم رسمية وشعبية يحضرها مسؤولون وزعماء وبرلمانيون .

مامصلحة العراق من ذلك ؟

مالذي يجنيه عندما يتحول ابنائه الى مقاتلين بالوكالة للدفاع عن مصالح انظمة ودول اخرى تتجنب الدفع بمواطنيها الى تلك الحروب ؟

العراق غارق بالدم نتيجة مايرتكبه تنظيم داعش من جرائم ، فلماذا لم يتعظ ساسته ويجنبوا بلدهم سياسة الوقوع في شراك الاخرين وصراعاتهم ؟

والسؤال الاهم : مالذي خرج به العراق من عملية خطف الصيادين ؟

آن لساسة العراق ان لايصدعوا رؤوسنا بموضوعة السيادة التي دائما ما يرددونها بمناسبة ومن غير مناسبة،لانهم اول من فرط بها، فلاعتب على اي سياسي اجنبي عندما يتجاوز عليها، فالحديث عن السيادة العراقية بات مضحكا بقدر ماهو مؤلم .

احد العراقين علق حول موضوع خطف الصيادين في صفحته على الفيس بوك قائلا “عملية الخطف ايجابية ،لان قطر داعمة للارهاب !” .

وعلى افتراض ان قطر داعمة للارهاب، فهل هناك مايدعونا الى ان نقتنع بأن هناك خطف ايجابي وخطف سلبي ؟

الخطف يعني الخطف والقتل يعني القتل بغض النظر عن الاسباب والدوافع والظروف،فكيف اذا كان الخطف او القتل يتم خارج اطار القانون بمعنى ان عملية القتل اوالخطف لم تقدم عليها قوات حكومية ضد مجموعة مطلوبة للعدالة،بل تمت ضد رعايا دولة اجنبية دخلوا بطريقة رسمية،فاين الايجابي بعملية الخطف ؟

عملية الاختطاف بكل مراحلها اضرت كثيرا بالعراق ، شعبا ودولة..العراق الذي يقاتل ويدفع الدم وهو يواجه قوى الارهاب ، الذي تهجر شعبه وخسر الكثير الكثير من مستقبله وفرص بنائه،كما ان هذه العملية منحت الميليشيات فرصة أن تتغول على حساب الدولة التي اصبحت خادمة لها ولزعمائها .


اظن بان علينا ان نعيد قراءة المفاهيم من جديد واولها مفهوم السيادة ،لكي نعرف فيما إذا كان من الممكن تطبيقها على العراق .





0 التعليقات: