أخر الأخبار

.

في بغداد وبيروت … طلعت ريحتكم ؟



في بغداد وبيروت … طلعت ريحتكم ؟




عراق العروبة
احمد صبري



عندما نرصد مسار حركة الاحتجاجات الشعبية التي اخذت من انهيار الخدمات لاسيما الكهرباء وتغول الفاسدين في هذا القطاع الحيوي شعارا لها نستطيع القول ان مسار الحراك الشعبي يتجه الى تسليط الضوء على طبقة سياسية فاسدة اضرت بالعراقيين وفرطت بثروتهم وحولت العراق الى بازار يتنافس على اقتطاع اركانه فاسدون لايهمهم سوى جني الارباح من هذه التجارة التي وجدت في نظام المحاصصة الطائفية غطاء لتغولهم في الفساد والنهب المنظم وضع العراق على حافة الانهيار المالي والسياسي والاخلاقي  .

ان الفاسدين ومبددي المال العام والمستئثرين بالسلطة وبادواتها وجدوا في المحاصصة التي كرسها الاحتلال في الحياة السياسية الملاذ والمخرج لحمايتهم من المساءلة والملاحقة الى حد استخدام القضاء وسيلة لابطال اي قرار قد يطاول اي مسؤول ناهيك عن استخدامه لتسقيط الخصوم السياسيين وابعادهم عن المشهد السياسي كما جرى خلال السنوات الماضية 
والسنون العجاف التي عاشها العراقيون في ظل نظام قاصر وغير قادر على ادارة شؤونهم والحفاظ على امنهم وثروتهم وسيادتهم هي من دفعتهم الى النزول الى الشارع في حراك شعبي شبيه في اهدافه مع الحراك الشعبي الذي شهدته ست محافظات عراقية عام 2011 ضد سياسة الظلم والتهميش ونظام المحاصصة الطائفية الذي ردت عليه حكومة المالكي حينذك بالقمع واستخدام القوة في فض ساحات الاعتصام .

ومثلما كان الكهرباء والفساد عنوان الحراك الشعبي في العراق فان ازمة النفايات في لبنان وعجز الحكومة عن حلها بعدما طلعت ريحتها كما يقول اللبنانيون وهي مقاربة تكشف ازمة الحكم في البلدين وتخبط الطبقة السياسية في ايجاد الحلول للمعضلات التي تواجه البلدين .

وفي الحالتين فان ماجرى في بغداد وجد صداه في بيروت لان نفس الفاسدين هم من حول العاصمتين الى مكب لنفايات السياسيين الذين تحصنوا خلف نظام المحاصصة الطائفية وتفادوا المساءلة والملاحقة .

ان المقاربة واضحة وجلية بين المطالبات المشروعة لمتظاهري بغداد وبيروت لانها استهدفت طبقة سياسية اخفقت في السياسة كما اخفقت في الحفاظ على المال العام وتذرعت بالحفاظ على مسار التوازن السياسي والطائفي كمخرج للهروب من المساءلة عن الفشل الذي اودى بالعراقيين الى حافة الهاوية كما وضع لبنان في خانق يحتاج هو الاخر الى عملية انقاذيه لاخراجه من ازمته .
وعلى الرغم من الاجراءات الترقيعية التي لجأت اليها حكومتي بغداد وبيروت لامتصاص غضب المتظاهرين ووقف اندفاعهم الى خيارات اخرى فان واقع الحال يشير الى ان مسار الحراك الشعبي لاسيما في العراق يتجه الى اعادة النظر في الاسس التي قامت عليه العملية السياسية خصوصا الدستور ونظام المحاصصة الطائفية والقوانين الاقصائية التي اضرت بملايين العراقيين وقبل ذلك ابعاد القضاء عن استخدامه ضد الخصوم 
فمن دون مراجعة حقيقية لاوضاع العراق وتركة الاحتلال واخفاق الطبقة السياسية في ادارة شؤون العراق فان الحراك الشعبي سيستعر ويتعاظم ويتواصل بقدر الظلم والفقر الذي اصاب العراقيين حتى يبلغ مدياته على جميع الاصعدة .

ومهما حاول البعض ركوب موجة الحراك الشعبي وتقنين مطالبه وحصره بالخدمات من دون ان يسلط الضوء على حيتان السياسة التي تحمي الفاسدين فان قطار التغيير قد انطلق ولم توقفه اجراءات الاحتواء الترقيعية لتغيير مساره لان ريحة الفساد والمتسترين عليه في بغداد وبيروت طلعت ريحتهم  .

0 التعليقات: