أخر الأخبار

.

في صيّف نادر : الحرارة في أوروبا تصل إلى 'الدرجة الحمراء'


في صيّف نادر : الحرارة في أوروبا تصل إلى 'الدرجة الحمراء'



عراق العروبة
وكـــــــــالات

شكّل فصل الصيف لهذه السنة استثناء في دول وسط أوروبا وشرقها، التي تعيش على وقع أحلك الظروف المناخية في تاريخها، مع احتمال أن تطرأ تغيّرات جذرية على طقس المنطقة مستقبلا .

فمنذ المئات من السنين لم تتخط درجات الحرارة في وسط وشرق أوروبا الـ40 درجة مئوية بل حتى الـ30 درجة، وهي الموجة التي شكلت “صدمة معنوية” لمواطني المنطقة، الذين ألفوا الطقس المعتدل في مثل هذه الفترة من السنة، وتساقط وفير للأمطار، التي لا تفتر إلا لأيام معدودات، كما أن هذه الصدمة ارتبطت باتلاف المحاصيل الزراعية وتعثر السياحة واتساع مجال حرائق الغابات وشحّ المياه . 

وأمام هذا الوضع المقلق، أصدرت هيئة المناخ الأوروبية لأول مرة منذ عقود طويلة من الزمن، تحذيرا يصل إلى “الدرجة الحمراء”، يهمّ عشر دول أوروبية غالبيتها في وسط أوروبا، خاصة بعد أن عمّت الحرارة معظم أرجاء القارة، ما أدى إلى وفاة أشخاص، وإصابة المئات بأعراض صحيّة لم يعهدها مواطنو أوروبا من قبل .

وحذّر العلماء من أن موجات الحر والظواهر المناخية القصوى يمكن أن تودي بحياة 152 ألف شخص سنويا في أوروبا بحلول نهاية القرن الحالي إذا لم يتراجع الاحترار المناخي. وعرفت معظم الدول الأوروبية، من روسيا إلى غاية غرب أوروبا، مرورا عبر دول وسط القارة العجوز كهنغاريا وبولونيا والتشيك وألبانيا ومونتينيغرو وصربيا ومقدونيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك، حرائق غابات خطيرة امتدت إلى مساحات شاسعة، ما أجبر البعض من الدول ذات الإمكانات المحدودة في مواجهة مثل هذه الكوارث الطبيعية، إلى طلب المساعدة العاجلة من مؤسسات الاتحاد الأوروبي .

وسجّل ارتفاع كبير في درجات الحرارة، كان استثنائيا وغير مسبوق في بعض الأحيان في البرتغال وجنوب فرنسا وإيطاليا والمجر والبلقان . 

وتجاوزت الحرارة الأربعين درجة مئوية في البعض من المناطق، ما أدى إلى تفاقم الجفاف الذي تشهده تلك المناطق أصلا وشكل تتمة لموجة الحر التي بدأت في يوليو وتسببت بعدد من حرائق الغابات أسفر أحدها عن سقوط 60 قتيلا في البرتغال .

واندلع حريق في شمال البرتغال أيضا السبت، أدى إلى إخلاء مركز للألعاب المائية وإغلاق طريق سريع .

وفي إيطاليا حيث توفي ثلاثة أشخاص بسبب الحر، ارتفع عدد الذين نقلوا إلى أقسام الطوارئ في المستشفيات بنسبة 15 إلى 20 بالمئة في الأيام الأخيرة. وأطلق الإيطاليون على هذه الموجة اسم “الشيطان”.

وفي إسبانيا، أعلنت شبكة التلفزيون الحكومية مساء السبت، وفاة رجل يبلغ من العمر 51 عاما بسبب الحر في أحد شوارع بالما بجزيرة مايوركا. ورفعت درجة التأهب السبت في 12 أقليما إسبانيا يمكن أن تصل فيها الحرارة إلى 42 درجة .

في فرنسا، سجّلت درجات حرارة قياسية جديدة الجمعة في جنوب شرق البلاد وخصوصا في مونبيلييه وكورسيكا حيث بلغت الحرارة 42.7 درجة مئوية حسب الأرصاد الجوية الفرنسية .

ودعت السلطات الصحية الفرنسية السكان إلى الحذر، مشددة على أن الوضع أخطر على المرضى والمسنين .

ولم يشهد التاريخ المعاصر أن بادرت الكثير من حكومات الدول الأوروبية إلى دعوة مواطنيها إلى ترشيد استعمال الماء واستهلاك هذه المادة الحيوية بالحكمة، مقابل تراجع مستوى التساقطات المطرية في الكثير من الدول، التي تميّزت إلى عهد قريب بكثرة مياهها العذبة وخضرتها شبه الدائمة .

وتسبب الوضع المناخي الاستثنائي وموجة الحرّ غير العادية، وقلة التساقطات المطرية في تراجع حجم المحاصيل الزراعية، وذلك ما بين نحو 20 بالمئة في البعض من مناطق جنوب بولونيا والتشيك ورومانيا وبلغاريا ونحو 80 بالمئة في مناطق من البوسنة وألبانيا وصربيا . 



ولمواجهة هذا الواقع المناخي الجديد، بدأت حكومات شرق ووسط أوروبا في التفكير في برامج جديدة تنبني على الاستعمال الرشيد للموارد المائية والتفكير في بناء سدود جديدة وتوفير آليات السقي الموضعي، وتكييف البنيات السياحية مع المعطيات المناخية الجديدة .

وفرض هذا الواقع الجديد على حكومات وسط أوروبا وشرقها إدراج البعد التوعوي في مخططاتها التواصلية مع المواطنين، ودفع المجتمع الى التعبئة أكثر في منحى التعاطي مع الموارد الطبيعية بالحكمة .

وبعد النظر، وإلا ستكون النتائج كارثية في مستقبل السنوات خاصة مع التدهور الواضح للبيئة .

وأكد باحثون أوروبيون في دراسة نشرتها مجلة “ذي لانسيت بلانيتيري هيلث”، “في حال عدم احتواء الاحترار المناخي بشكل عاجل وفي حال لم تتخذ إجراءات التكيّف المناسبة، قد يتعرّض نحو 350 مليون أوروبي سنويا إلى ظواهر مناخية قصوى وخطرة بحلول نهاية القرن الحالي”.

وأشاروا إلى أن 99 بالمئة من محصّلة الوفيات ستسجل في جنوب أوروبا الأكثر تأثرا بموجات الحرّ .

0 التعليقات: