أخر الأخبار

.

اشتراطات لكتابة المقالة الادبية



اشتراطات لكتابة المقالة الادبية


عراق العروبة
مهدي شاكر العبيدي



اختتم الدكتور قيس كاظم الجنابي مقالته الرصينة المتماسكة والتي كرسها وادارها حول فحاوى كتاب ( تطفل على السرد) لمؤلفه الكاتب والشاعر الاستاذ حميد سعيد ، مما نشرته جريدة الزمان الغراء (على جاري العادة حين يُستدل في سياق مقال بصحيفة ما ) ، قلت اختتمها بجملة تعابير باذخة وموحية للقارئ بالمقاصد الحقيقية التي تطوي عليها نفسه ونفس اي كاتب اخر يماثله في نزوعه لأن تعم الوسط الادبي شيات من توقٍ (للرقي الحضاري ) ، ويعني هذا ترفع ارباب مهنة القلم عن الصغار وما يشين بخلاقهم ويضائل من قيمتهم في عيون الملأ ، وبوسعنا أن نُخرج من المقصد ذا ما يفيد ان لا جدوى من ركام المقالات التي يتولى عنها كتبة عهد عنهم اترابهم وعشراؤهم قبل ان ينفضّوا عنهم ويبتروا علائقهم بهم ، فرط ايغالهم باستهوان مالدى غيرهم من توجه ، وتمادٍ بانتقاص ما اسماه الكاتب ” بضاعة الاخرين” ويعدون ذلك الى الثلب والقدح والنيل من السمعة تمشيا وتساوقا وانويتهم ، وكأنهم يبتغون الاستئثار بالمجد الادبي الموهوم ، وما دروا ان اللاهث وراءه يمضي ايامه في معسرة واقلال ، وكان العالم اللغوي المصري ابراهيم انيس اسبق من سواه للتفطن ووعي هذه الحقيقة لذا نصح لشقيقه عبد العظيم انيس ان يتخصص بعلم الرياضة، بدلا من الادب (الذي لا يُعيش ) ويوفر القوت ويغني عن الحاجة ، لكن يعول لأجل التبريز فيه على موهبة الفرد بعد مجهود ذاتي وانقطاع كلي وتام لتمحيص الكتب والدوريات .

ومن بين اشتراطاته الاخرى لفن المقالة بعد ان يعلنها للقارئ مخفيا تحذيره له من ان يغرى بالتورط فيه ، (لأن كتابة المقالة ليست حقلا تجريبياً لانصاف الموهوبين او المتطفلين على الادب ) بل (هي فن صعب وسهل ممتنع يحتاج الى ثقافة عالية ولغة ادبية ثرية وولع ذاتي بالكتابة ) .

وليسمح لي الاديب الاريب ان يصدع بطلبي منه بعد انطواء عهود الكتابة الزاهرة التي استطار فيها صيت روادها المستوفين في شخوصهم وسِيرهم وسواء تصرفهم وتعاملهم مع الاخر ، وممن تعلمنا منهم وجاريناهم مقتفين ، قدر امكاننا وجهد طاقتنا تحصيلَهم الثقافي الرفيع ولغتهم العالية فضلا عن ولوعهم وشغفهم بالكتابة ، واولاء المتميزون نجموا من سائر البلدان العربية في العقود الماضية ، وكانت بلاد النيل منها المحطة الاساسية الاولى التي يرنو صوبها من يروم ائتماماً بالفصول الضافية التي اسلفها ادباؤها النازعون لتجسيد خطراتهم وميولهم وانظارهم الوجدانية والتفكيرية ، وبمبعدة عن الانتحال والاعتمال والتحذلق ، وكان منهم طه حسين والعقاد والمازني وعبد العزيز البشري وفؤاد الشايب ورئيف خوري وصدر الدين شرف الدين وسائر كتاب مجلات صدرت في العراق ابان اربعينيات القرن الماضي وقبلها امثال الهاتف والبيان والدليل والعقيدة والشعاع وعالم الغد والجزيرة .

اقول ليسمح لي الكاتب الفاضل ان استفسر منه ، افي مكنته ان يجهر باستبعاد انفار من المدخولين الطارئين على الصنعة الادبية بعد ان كدروا اجواءها بهذرهم ولغوهم ان فلانا ً مبدعٌ يرجح على غيره في وزنه ومقداره ، ومرتجاهم من هذا السخف الامعان في (انتقاص بضاعة الاخرين) ملوين في ذلك كشحا عن الشتائم المقذعة التي يكيلها لهم من صيروا من ذواتهم ذيولاً وتبابعة لهم في كل محفل وناد ، مما يغري بسلكهم في رعيل الحشرات البشرية التي تحسن اللدغ بالسنتها وهي اخطر المخلوقات في هاته الارضين في حين ان نظيرتها وقرينتها الحيوانية تلدغ باذنابها على نحو ما فصل فيه واستقراه العالم المصري الدكتور احمد زكي رحمه الله والذي بخست ثورة يوليو شأنه واشتطت في عقابه واستبعدته من ايما وظيفة ومركز وذلك بجريرة شقيقه الذي كان قائداَ لطائرة الملك فاروق لا غير ، فتعوض عن عطالته بانصرافه لتحرير مجلة العربي الكويتية زمنا !

0 التعليقات: