إيران ... في ضوء إستراتيجية الأمن القومي الامريكي ...
إيران ... في ضوء إستراتيجية الأمن القومي الامريكي ...
عراق العروبة
د . خضير المرشدي
إن من يراجع إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي لعام ٢٠١٨ وما تلاها من تفسيرات من قبل عدد من المسؤولين الامريكان ، يجد أن أولويات المواجهة للمرحلة المقبلة قد تغيرت ، حيث أن روسيا والصين أعتُبِرتا من مايسمى دول المراجعة أو ماأطلق عليهما بالدول ( التحريفية ) التي تهدد نفوذ ومصالح الولايات المتحدة في العالم ، وإحتلا الاولوية الاولى في استراتيجية الادارة للمرحلة المقبلة ، ليأتي بعد ذلك الحديث بأولوية أقل عن مايسمى بالدول المارقة كإيران وكوريا الشمالية مع تراجع في أسبقية محاربة الاٍرهاب والذي أطلقت عليه الادارة صفة ( المنظمات الارهابية الدولية ؟؟ ) ، والذي لم يعد يمثل الاولوية رغم التركيز عليه في أكثر من مكان !!!
إن المتغيّر الجيوستراتيجي الابرز في السياسة الخارجية الامريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط هو مايتعلق بالموقف من إيران كدولة مارقة تهدد الامن القومي العربي ، وتهدد السلم والاستقرار في دول المنطقة والعالم بسبب دعمها ورعايتها لقوى الأرهاب والتطرف والفساد والطائفية .
فبالرغم من أن الإدارة الامريكية أكدت على موقفها بالحد من تدخل النظام الايراني في شؤون دول المنطقة ودعمه للإرهاب ، إلاّ إنها ركزت على استخدام الوسائل السياسية والدبلوماسية في التعامل مع إيران مثلما أشار لذلك وزير الدفاع الامريكي ، نافياً أن تتضمن إستراتيجية الامن القومي الأمريكية ضربات وقائية سواءاً ضد كوريا الشمالية التي بدأت علاقات تطبيعية بالفعل مع الولايات المتحدة بعد لقاء القمة بينهما ، أو ضد إيران والتي تشير بعض التسريبات الى إنها بدأت فعلاً بلقاءات دبلوماسية وفنية بين الطرفين على مستوى المستشارين تجري في إحدى الدول ، تمهيداً للقاء قمة بين رئيسي البلدين ولعقد إتفاق إستراتيجي بين الدولتين تنفيذاً لأحد بنود الاستراتيجية القومية الامريكية الذي يدعو لبناء اتفاقيات جديدة مع كوريا الشمالية وإيران .
بمعنى آخر إن أميريكا غير مستعدة لعمل عسكري ضد إيران سواءاً كان مباشراً أو غير مباشر مثلما إنها غير مستعدة لذلك ضد كوريا الشمالية ، وما يؤكد ذلك هو التنسيق الامريكي الايراني الجاري في العراق وتأييد الادارة الامريكية لنتائج الانتخابات العراقية بغض النظر عن مساهمة ميليشيات إيرانية إرهابية فيها من ناحية ، ومارافقها من عمليات فساد وتزوير وفضائح من ناحية ثانية ، واعتبرت إن مجرد تغيير النتائج يعد سابقة خطيرة وتهديداً للدستور ، وهي العارفة تماماً إن إستمرار العملية السياسية بهياكلها الهزيلة ودستورها الحالي لن يحقق إلاّ مزيد من الهيمنة الايرانية على العراق !!!
نستنتج من هذا إن الموقف الامريكي ضد إيران لايتعدى التهديدات والتصريحات الدبلوماسية وفرض العقوبات من جانب واحد ، ناهيك من أن العقوبات الاقتصادية لن تكون مؤثرة على إيران ، مثلما حصل مع العراق ، بسبب إختلاف شبكة العلاقات الدولية بين إيران من جهة ، والدول الاخرى بما فيها دول عربية من جهة ثانية ، إضافة الى أن خارطة هذه العلاقات قد تغيّرت عن فترة الحصار الاقتصادي المطلق الذي فُرِض على العراق عام ١٩٩٠ - ٢٠٠٣ والذي إشتركت فيه جميع دول العالم وفي مقدمتها الدول العربية ( الشقيقة ) !!!! .
0 التعليقات: