أخر الأخبار

.

صلاح المختار - خبثونيا : المشهد السابع


صلاح المختار - خبثونيا : المشهد السابع


عراق العروبة
صلاح المختار



المسرحية كتبت في عام 1897في بازل في سويسرا والمؤلف الظاهري هو الحركة الصهيونية العالمية التي ولدت رسميا في ذلك الاجتماع وبعدها بدات المسرحية تعرض على العالم في مشاهد تترك بين مشاهدها فواصل استراحة ، والان نصل الى المشهد السابع وهو مشهد شمول جزيرة العرب ذاتها بموجات الكوارث العربية ونرى في هذا المشهد جوهره وهو تصنيع كارثة اخرى ولكن بتفاصيل مختلفة عن مشاهد الكوارث التي سبقتها ، مسرحها السعودية وكافة الدول الخليجية.في العشرة عقود التي مضت عشنا مشاهد الكوارث وهي تترى : مشهد كارثة الاحواز ( عرض في عام 1925) وكان ضمها لبلاد فارس – التي اسميت ايران لاحقا- شرط لابد منه لتأهيلها لمنع العرب من التفرغ للمشهد القادم وهو مقاومة احتلال فلسطين من قبل الصهاينة (1948) ، ثم جاء المشهد الاكثر حسما وخطورة وهو مشهد العراق المحاصر ووصل ذروته الدرامية بالغزو !

وقبل ان نستفيق من هول كارثة العراق بدأ عرض مشهد ليبيا ولم ننتظر طويلا فعرض مشهد سوريا وهي تحترق ، ولم نكد نفهم ما يجري في مسلسل الكوارث حتى تفجرت كارثة اليمن ، كل ذلك حصل وسط اضطراب كامل في فهم ما يجري وعجز عن الوصول للاسباب الحقيقية له ومن يحركه فعلا وماذا يريد في الواقع ؟؟!! انها مسرحية القرن الجديد الاكثر اثارة وسفكا للدماء وتدميرا لمدن ومحافظات وتهجيرا للملايين ، وكل الخسائر المادية الخيالية الارقام من العرب فقط ،وكل التهجير من العرب !! والان يبدو ان موعد المشهد السابع قد حان ومسرحه بلاد الحرمين !

ميزة هذه المسرحية الغارقة في مستنقعات الدم والخراب الشامل انها وان بدأ كل مشهد فيها قبل غيره الا انها جميعا تشكل مسلسلا مترابطا : المشهد الاول يعقبه الثاني والثالث يعقبه الرابع وهكذا الى النهاية ! وكما كانت كارثة العراق بدأت بالكذب والتلفيق ومنها انطلقت جحافل الغزو وبفضلها حشدت الجيوش والرأي العام والمال والاعلام وكل شيء لضمان عرض كارثة تتوهج نارا وتفور دما فان المشهد السعودي يراد له ان يكون ايضا مشهد شرذمة ودم ونار تحرق الاخضر واليابس . 

والمشهد السابع تميز بانه دخل مرحلة الخاشقجية عندما طلب ترامب مليارات السعودية وادعى انه مقابل حمايتها والافانها لن تبقى اسبوعين ! فردت عليه السعودية قائلة (باننا وجدنا ككيان وطني قبل امريكا وبقينا رغم تأمر سلفك اوباما علينا وسنبقى ولن ندفع) ! هنا كان يجب تفجير احداث اخرى درامية فعرضت علينا مسرحية جمال خاشقجي التي حظيت باكبر تغطية اعلامية بعد تغطية الاعداد الاعلامي لكارثة العراق، لدرجة انه لم يسبق ان تفرغ تقريبا الاعلام العالمي والعربي لقضية عامة او خاصة مثلما تفرغ للتصعيد ضد السعودية في قضية خاشقجي الذي تحول بعد موته الى نجم مشهور وهنا تكمن مأساته وهي انه لم يتمتع بهذه الشعبية والشهرة ولم يعلم بها ! 

ان الضجيج وتسخير عشرات الاشخاض والجهات والدول لترويج قصة فقدان ثم موت خاشقجي على انها (جريمة العصر) قام على طمر مالا يمكن لذاكرة الاحياء ان تنساه وهو اكثر من 300 اعلامي قد قتل او اغتيل او فقد في العراق وكانت مخابرات امريكا واسرائيل الشرقية وراء تلك التصفيات الدموية البشعة ومع ذلك مارست امريكا ومازالت تمارس صمت الموتى وكأن من فقدوا الى الابد وكلهم مثل جمال خاشقجي في المهنة لاقيمة لهم ولا يجب ادانة قاتليهم ! ! واغتيلت اقطار في مقدمتها العراق وسوريا ولم يرفع صوت مسؤول غربي ! وقتل اكثر من ستة ملايين عراقي منذ عام 1991 وحتى الان وهجر وشرد ما بين ستة وثمانية ملايين عراقي من ديارهم وتحولوا الى لاجئين بفضل الغزو وحروب امريكا علينا ،ومع ذلك مرت مرور الكرام ولم تحدث ضجة ولا طلبات محاكمة من قاموا بالابادات الجماعية ومن دمروا محافظات واحياء ومدن كاملة في العراق !

وفي سوريا هجر اكثر من عشرة ملايين سوري ودمرت محافظات كاملة وهي اكبر هجرات العالم بعد الحرب العالمية الثانية ، ومع ذلك لم تحدث ضجة ابدا ، وفي الاحواز وفلسطين يقتل ويجرح يوميا العشرات دون اي اهتمام حقيقي بمصيرهم ! ولكن خاشقجي اصبح اكثر قيمة من اقطار عربية دمرت بالكامل واهم من عشرات الملايين من العرب الموتى والمهجرين والمشردين في القارات !!

فلم ينعى الغرب ومعه اطراف اخرى خاشقجي بطريقة متطرف الغرابة مع تعمده اهمال ملايين الحالات المماثلة ؟ هل حقا ان الغرب يحترم ادمية خاشقجي ولذلك جعل قضيته ام القضايا الان ؟ اللافت للنظر هو ان ناعي خاشقجي ومهما تعددت الاسماء هو نفسه مبيد ملايين العراقيين والسوريين والفلسطينيين واليمنيين والليبيين ومهجر اكثر من 15 مليون عربي من وطنهم ! انه امريكا ونغولها واسرائيل الشرقية ونغولها ، ونستطيع ان نمضي في عد الكوارث الجماعية التي لحقت بنا نتيجة اعمال امريكية وايرانية واسرائيلية ومع ذلك تجاهلها الاعلام وسكت عنها ! فلم اذا هذه الضجيج المتطرف في قضية جمال خاشقجي والذي وصل حد هستيريا حولت من يقوم بها الى وحش كاسر لا مثيل لوحشيته وتجرده من اي معيار موضوعي واخلاقي ؟ 

1-المخرج الامريكي يريد لهذا المشهد ان يكون الذروة التي تحصد من خلالها امريكا تريليونات الدولارات التي تجمعت في حسابات دول مجلس التعاون الخليجي منذ اول قطرة نفط وليس تريليونات السعودية وحدها وهذه التريليونات هي السبيل الوحيد في هذه المرحلة لانقاذ الرأسمالية الامريكية من الانهيار الداخلي طبقا لمؤشرات واضحة ابرزها تجاوز الدين العام عشرين تريليون دولار ،ويجب ان يطفأ بما سيصادر وهو ما جمعته دول مجلس التعاون وحرصت على جعله ضمانة مستقبلها والان حان وقت سرقة تلك الضمانة كلها وليس ربعها ولا نصفها وسط ضجيج اعلامي يسد مسارات اي خبر اخر غير مقتل خاشقجي !

2- لماذاكانت الحملات الغربية والصهيونية تركز على مخاطر (الثقافة السعودية التي تولد الارهاب) كما كان الاعلام الغربي يدعي وكان الضغط يتركز على تغييرها واحلال ثقافة تسامح وانفتاح تعطي للمراة دورا فعالا وتطالب بالاصلاحات خصوصا تغيير التعليم ...الخ والان عندما اخذ بن سلمان يقوم بتلك الاصلاحات خلافا للتوقعات واستجابة للضغوط الغربية ، وبغض النظر عما اذا كان مقتنعا بها ام لا نرى الغرب يهاجم بشدة بين سلمان ، لماذا ؟ هل كان الغرب حقا يريد التغيير الثقافي والاجتماعي في السعودية ؟ ولكن السؤال الاهم منه هو : هل من مصلحة الغرب والصهيونية انهاء التربية السلفية التي تستنسخ الحاضر والمستقبل من ماض من المستحيل ان يعود رغم انها –السلفية- تجهض اي مشروع نهضوي قومي عربي وتوفر تربية جعلت امريكا المستفيد الاكبر منها لانها كانت ومازالت خير حجج الابتزاز وشن الحروب على العرب والحصول على مئات المليارات ؟ 
يقينا امريكا هي التي تريد افشال خطط الاصلاح في السعودية اكثر من اي طرف اخر لهذا فان نجاحات بن سلمان في تقييد المراجع الدينية وتغيير الكثير من القوانين وانهاء الكثير من الممارسات خصوصا منح المرأة دورا مهما والانفتاح الفكري شكل نسفا للكثير من المبررات التي كانت تستغل للتعبئة ضد السعودية والعرب .

3-وما دام الغرب خصوصا امريكا هي المستفيد الاكبر من التربية السلفية في السعودية واقتراب بن سلمان من غلق وكرها لابد من طرح سؤال منطقي : هل الفريق الامني السعودي الذي قتل خاشقجي مخترق خصوصا وان بعض افراده ان لم يكن كلهم تدربوا في امريكا ، واحد مؤشرات ذلك وجود طبيب تشريح ضمنه؟ وهل ما قام به الفريق بتوجيه من اخترقه لايجاد مبرر تصعيد الحملة على السعودية وزيادة الضغوط عليها واكمال شروط تفجير ازمات فيها ؟ ام ان مراكز القوى التي ضربت في السعودية هي المحرض ؟ اما اذا كان بن سلمان هو الامر بالقتل فانه يقوم بنسف ما حققه بنفسه وحفر سقوطه بأظافره بتقديم مبررات ذلك !

4-لوحظ بشكل لافت للنظر مطالبات اعضاء في الكونغرس الامريكي وفي حكومات اوربية طرح مطلب انهاء بن سلمان واستحالة التعاون معه ! لنفترض ان بن سلمان هو الامر بالقتل هل هذه الجريمة يمكن ان تكون مبررا لشن هذه لحملة على السعودية وبن سلمان رغم ان العالم يشهد كما شهد ماضيا ابادات لمئات الصحفيين بواسطة مخابرات امريكا وجيوشها وبواسطة غيرها واغتيل رؤوساء دول ووزراء وناشطين ولم يوضع شرط العزل لمن قتلهم !!! فهل خاشقجي اكثر قيمة من الاف الضحايا وملايين المشردين ؟ الا يشاهد العالم الان يوميا اغتيال عشرات الفلسطينيين والعراقيين والاحوازيين والسوريين واليمنيين والليبين بطريقة بالغة التحدي للرأي العام دون اي تعاطف غربي ؟ 

في التساؤل التالي نرى مخلب مخابراتي قوي جدا : هل مطلب ازالة بن سلمان سوف يفضي الى انسجام النظام السعودي ام انه وسيلة لاشعال صراعات بين اطراف العائلة السعودية التي بعد تحطم رابطة التفاهم السلمي الذي استمر عقودا وهيمنت محلها عقلية اقصاء الاخر ولو باستخدام العنف ؟ اخطر ما في مطلب ازالة بن سلمان انه اذا حدث سيكون اللغم الاخير الذي ينسف المركب السعودي كله لاستحالة اعادة اللحمة بين الاسرة الحاكمة وطغيان روح الانتقام من بن سلمان وهو ما يجعل الملك سلمان عاجزا عمليا عن اعفاءه لان اي بديل سوف يقوم بالانتقام عاجلا او جلا ، وتلك هي لحظة تفجير المركب السعودي وغرقه بالجميع ؟

5-لماذا اتخذ اكثر من تحدث من الكونغرس موقف العداء لبن سلمان والملك سلمان والسعودية بينما الادارة اتخذت موقفا معتدلا؟ انه توزيع الادوار بين اطراف العملية السياسية الامريكية وليس اختلاف الاجتهادات والهدف واحد وهو وضع السعودية امام الجلاد الرحيم الذي يقدم للضحية كأس ماء بعد جولة التعذيب بينما الجلاد الاخر يواصل التعذيب بلا اي استراحة او تقديم قطرة ماء ، وفي هذه الحالة يجد الضحية ان الجلاد الرحيم يستحق المكافئة ، فتحصل امريكا على اكثر مما ارادت اصلا من مال .

6- قال ترامب انه غير راض عما اعلنته السعودية ولكنه يصدقها !؟ لم ترك ترامب المجال لاتهام السعودية بتناقض موقفه؟ لان المطلوب هو قيام ترامب بمزيد من الضغط للحصول على المال السعودي فالان هو الجلاد الرحيم لكنه اذا شعر ان الضحية لايريد تقديم المال المطلوب سيتحول الى جلاد لا يرحم .

7-الغرب ايضا قسم الادوار فبعضه يرفض التفسير السعودي رفضا واضحا مثل المانيا ، بينما وزير المالية الفرنسي يؤكد بأنه يمكن الحفاظ على علاقاتنا مع السعودية رغم ما حصل ، وزراء اكثر من دولة واحدة تنتقد وتهاجم السعودية واخرين يتبنون موقفا معتدلا يطالب بانتظار نتائج التحقيق ! هل ذلك ايضا وسيلة لطمأنة الضحية المعدة للافتراس وجعلها لاتبادر لانقاذ نفسها معتمدة على من ايد او تبنى موقفا معتدلا ؟ 

8-بالمناسبة ثمة امر مهم جدا وهو ان جوهر الموضوع طبقا للقوانين الغربية هو عدم توجيه اتهام الا بعد توفر الادلة وانهاء التحقيق فلم اذا تتسابق اطراف امريكية واوربية الان لتوجيه اتهامات قبل انتهاء التحقيقات التركية ولا نقول السعودية ؟ الجواب هو الملاحظات الواردة في اعلاه واهمها اكمال متطلبات تحويل السعودية الى عراق اخر وفلسطين اخرى . تذكروا هذه هي لعنة اغتيال العراق ونتائجه الحتمية .

Almukhtar44@gmail.com
24-10-2018

0 التعليقات: