أخر الأخبار

.

تذكر يا نصرالله ( ان الامور بخواتيمها ) ؟


تذكر يا نصرالله ( ان الامور بخواتيمها ) ؟


عراق العروبة
صلاح المختار



لخص المحرر السياسي لنشرة (ليبانون ديبيت) الازمة اللبنانية الحالية المتمثلة في العجز عن تشكيل الحكومة بما يلي: (يرأس العماد ميشال عون الماروني الدولة من دون أن يرأسها، ويكلّف الرئيس سعد الحريري السنّي تشكيل الحكومة من دون أن يمتلك أي قدرة على تشكيلها.) ويختتم المحرر تعليقه بما يلي: (في كل الحالات قال السيد حسن اليوم.... ما معناه: في لبنان الأمر لنا، الطائف انتهى، ولا حكومة إلا على ذوقنا ولو... بعد ألف سنة!) ليبانون ديبيت 11 - تشرين الثاني - 2018! ربما اول سؤال يتبادر الى الذهن هو: كيف نجح حزب الله في فرض سيطرته على لبنان؟ دعونا نستخلص العبر والمعاني والافكار :

1- عندما اسسه خميني كان الهدف النهائي والحقيقي لانشاء حزب الله هو السيطرة على لبنان وليس ذلك ممكنا الا بغطاء محكم وذكي يستطيع به خداع الناس. حزب الله الان هو الحاكم الفعلي للبنان وبيده مفاتيحه وهو من يعين ويزيح ولم تعد صيغة التوازن اللبناني التقليدية قائمة وتلك هي الخاتمة التي يبنى اي فهم وتحليل عليها وليس بدايات الحزب واواسط عمله . حسن تمكن من السيطرة على لبنان بسلاح المقاومة وبالشعبية التي كسبها بسبب مقاومة الغزو الصهيوني لجنوب لبنان رغم انه اقسم مرارا وتكرارا بان (سلاح لن يستخدم لتغيير المعادلة السياسية اللبنانية وسيبقى موجها فقط للعدو الصهيوني)!!! لكنه الان كشف ماكان مستورا وهو اخضاع القوى السياسية اللبنانية كلها وفرض ماتريده سيدته اسرائيل الشرقية على لبنان حتى لو ادى لخرابه وهو ما يحصل الان بصورة واضحة مع تعاظم امكانية انهيار لبنان بكارثة مأساوية !

2- من مكن حزب الله من السيطرة التامة على لبنان؟ سيقول السذج والخدج انها اسرائيل الشرقية ولكن الامر اعمق واكثر تعقيدا: صحيح ان طهران هي الداعمة له ماليا وعسكريا وسياسيا ولكن من سمح لطهران بفعل ذلك بكل سهولة هو الغرب الاستعماري والصهيونية العالمية. سيطرة حزب الله كانت متدرجة وواضحة ولم تكن سرية بما في ذلك اقامته لجهاز مخابرات ونصب منظومة اتصالات متطورة واحتكار امن مطار بيروت الدولي ليكون الواسطة الرئيسة لتزويده بكل شيء من طهران وبلا عوائق وكان كل ذلك يتم علنا وبلا اخفاء، وعندما حاولت الحكومة تغيير مدير المطار في عام 2008 ارتكب مجزرة بعداحتلاله لبيروت واسقط قرار الحكومة بتغيير مدير المطار! السؤال المنطقي هو: لم وقفت امريكا بقوة في عام 1958 الى جانب حكومة كميل شمعون وهددت الرئيس جمال عبدالناصر والقوى الوطنية من مغبة التدخل في لبنان وهو ما حمى الحكومة اللبنانية من السقوط الحتمي ؟

ولم شجعت امريكا تدخل حافظ اسد لمنع سحق قوات اليمين اللبناني في المعركة الحاسمة مع المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية فاحتل لبنان وانقذ اليمين من الهزيمة؟الجواب: لان الغرب والصهيونية كانا انذاك يريدان استمرار المعادلة اللبنانية لانها تخدم مصالحهما. ولكن ومنذ الثمانينات اعتمد الغرب معادلة اخرى مختلفة تقول ان النفوذ الايراني اذا انتشر في الوطن العربي يؤدي الى تقسيم الاقطار العربية، واهم الخطوات على هذا الطريق: وجود قيادة ايرانية ترفع شعارات حبيبة على قلوب العرب ونصب خميني تحقيقا لهذا الشرط، وانشاء حزب يقاتل اسرائيل الغربية من لبنان ويستقطب دعم واعجاب العرب فأسس حزب الله، بعد ذلك تبدا اخطر كوارث العرب: تحول ولاء بعض العرب من الولاء الوطني الى الولاء الطائفي ومن ثم تقسيم الاقطار العربية! اليس ذلك اهم اهداف الغرب والصهيونية !

الخواتيم تؤكد بان فرنسا وامريكا تخليتا عن اليمين اللبناني ومنعتا تسلحه ليوازي سلاح حزب الله وكان ذلك تطورا نوعيا واضحا دعمته اسرائيل الغربية فانهار التوازن اللبناني نتيجة الفارق الهائل في التسلح وسيطر حزب الله. وهذا حصل في العراق ايضا حيث قامت امريكا بغزوه وتسليمه لاسرائيل الشرقية والميليشيات الشقيقة لحزب الله، وهو ما حصل في اليمن حيث دعمت امريكا اسقاط نظام الشهيد علي عبدالله صالح الذي حافظ على عروبة اليمن واستقراره طوال عقود فكان اسقاطه مقدمة لنشر الفوضى الهلاكة في اليمن وسيطرة الحوثيين وهم اشقاء حسن! وكذلك فان دخول حزب الله واسرائيل الشرقية الى سوريا تم بموافقة واضحة من امريكا واسرائيل الغربية لان ذلك سيعجل بتدمير سوريا وطنا وهوية وشعبا !

بل الاكثر وضوحا في الخواتيم هو التالي: حينما قررت السعودية دعم القوى اللبنانية بالسلاح واعلنت ان حزب الله ميليشيا ارهابية وان سيطرته على لبنان يجب ان تنتهي وقفت امريكا ضد سياسية السعودية هذه رسميا ومنعتها من تنفيذ تلك الخطة .  فالغرب كما اكدت احداث العقدين الاخيرين كانت له مصلحة ستراتيجية في تعاظم نفوذ اسرائيل الشرقية في الوطن العربي وسيطرة حزب الله على لبنان وكسبه شعبية عربية وهذا الهدف اهم من دعم اليمين اللبناني لانه يؤدي الى تقسيم الاقطار العربية .

3- تدعي اسرائيل الشرقية وتابعها حسن نصر الله ان صعود الحزب وتفوقه على بقية الاحزاب اللبنانية يرجع لضعف امريكا والغرب وليس لعدم رغبتهما في دعم اليمين اللبناني وهذا كلام يتناقض مع واقع العالم والمنطقة، امريكا هي صانعة تسوناميات كارثية في الوطن العربي منذ عام 2011 والتي انهت قوة العديد من الاقطار العربية خصوصا سوريا وليبيا واليمن وقبلها العراق واضعفت بقية الاقطار العربية، وهي قادرة على تكرار نفس السيناريوهات في اسرائيل الشرقية لو كان ذلك مفيدا لها، بل انها تستطيع تفجير الغام اكثر خطورة فيها لان التشكيلة السكانية لاسرائيل الشرقية تتميز بان القومية الفارسية لاتشكل اكثر من 30-35% من سكانها، وهناك معارضة ايرانية قوية تشمل بعض القوميين الفرس لو دعمتها امريكا فعلا لاستطاعت اسقاط النظام مثل مجاهدي خلق و(الاصلاحيين)، وثمة ملايين من الايرانيين تهتف بسقوط النظام في اغلب المدن الايرانية، واخيرا وليس اخرا انتفضت القوميات المستعمرة خصوصا القومية العربية في الاحواز وفي كردستان ايران والبلوش والاذريين وغيرهم ولكن امريكا وليس النظام هي من تركها تذبح ومعها كل الغرب .

القول بان الغرب افتقر للقوة اللازمة لقمع حزب الله واسرائيل الشرقية كذبة كبيرة خصوصا وان دعم اليمين اللبناني بما يحتاجه وانهاء مقاطعته كاف لتحجيم حزب الله في لبنان اما اذا توقفت امريكا واوربا عن معارضة خطة السعودية وكل طرف عربي لانهاء حزب الله والتوسع الاستعماري الايراني وهو هدف ممكن التحقيق بشروط معروفة فان انقلابا ستراتيجيا سيحدث ولكنه لايخدم هدف امريكا وهو اكمال تقسيم الاقطار العربية لذلك ترفض اضعاف اسرائيل الشرقية وحزب الله .

4- حرب عام 2006 الحقت اضرارا فادحة بلبنان وهو مادفع حسن للقول علنا (لو كنت اعرف ان النتيجة ستكون هكذا لما خطفنا الجنديين الاسرائيليين)! وهذا القول بحد ذاته يكشف ان ذكاء حسن وقدراته القيادية محدودة جدا وهو لايملك مؤهلات القائد الذكي والقدير ونجاحاته تعود للدعم الايراني المكثف له بما في ذلك وضع الخطط له وتوجيهه مباشرة، كما ان الغرب لم يضغط لمنع تسلح حزب الله ولا منع سيطرته على لبنان . ان الفشل الاسرائيلي (في حرب 2006) سببه الضعف الشديد للمعنويات الاسرائيلية وليس قوة حزب الله وهي حقيقة معروفة لكل من قاتل من الفلسطينيين والعراقيين جنود اسرائيل الغربية، فصمود حزب الله اذا ليس معجزة وانما هو نتيجة طبيعية لضعف معنويات الجيش الصهيوني والرغبة الغربية في اكساب الحزب سمعة جيدة كي يوظفها ضد العرب وهو ما يحصل الان .

5- ومن الخدمات الستراتيجية التي قدمها حزب الله لاسرائيل الغربية خدمة انقاذها من العمليات العسكرية للمقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية من جنوب لبنان والتي كانت التهديد الرئيس لاسرائيل الغربية في السبعيينات، اذ كانت الحدود اللبنانية مفتوحة للمقاومة لكن حزب الله بعد سيطرته عليها اقفلها فتحقق هدف خطير وهو تحجيم المقاومة الحقيقية السابقة لحزب الله، واهم تطور بعد حرب عام 2006 ونتيجة لها وضع قوات دولية على الحدود بين لبنان واسرائيل الغربية بصورة دائمة لمنع اي عملية مقاومة منها وبقرار من مجلس الامن وافق عليه حزب الله!وهكذا تحقق ما كان غير موجودا قبل سيطرة حزب الله وهو وجود حراس دوليين يمنعون عمليات المقاومة من جنوب لبنان، وهو تطور خدم في النهاية اسرائيل الغربية والغرب معا بجعل الاعتداء على القوات الدولية اعتداء على العالم كله. فهل هذا التطور ثانوي ام انه تطور نوعي وخطير كان سببه حزب الله وضع حدا لاحتمال قيام مقاومة من لبنان ؟

6- بعد تلك الحرب انتهت مقاومة حزب الله حيث لم يطلق رصاصة واحدة على اسرائيل الغربية منذ عام 2006 وحتى الان رغم انها مازالت تحتل مناطق لبنانية مثل مزارع شبعا وقرية الغجر.فلم اوقف المقاومة طوال 12 عاما؟ اوقفها المقاومة بأمر ايراني مباشر لان امريكا حذرت طهران مباشرة بان اي حرب جديدة سيكون الرد عليها ضرب طهران بالذات، اضافة لاكمال حزب الله شروط تأهيله ليلعب دورا داخل لبنان وفي الوطن العربي لصالح اسرائيل الشرقية بعد ان اكتسب سمعة طيبة، فانتهت المقاومة اللبنانية في عام 2006 وحول حزب الله سلاحه للسيطرة على الداخل اللبناني وللتدخل في الاقطار العربية .

تجارب الاف السنين علمت البشر بان الحكم على الاشياء يجب ان يتم في ضوء نتائجها النهائية وليس بداياتها ولا اواسطها ومادام المطلوب هو الحقيقة فيجب انتظار اكتمال مقوماتها، ما يجري هو غزوات ايرانية رسمية للعراق وسوريا واليمن ولبنان ومشروع غزوات اخرى معلنة لدول الخليج العربي وانتشار ايراني في كل الوطن العربي، فهل تلك مقاومة حقيقية ام انها غطاء يمهد لغزو استعماري صريح؟ تذكروا لو ان امريكا والصهيونية ارادا منع تعزز قوة حزب الله وسيدته طهران لكان ذلك سهلا دون شك ولكن العكس كان هو المطلوب اي تعزيز قوة طهران ونفوذها داخل الاقطار العربية كي تنفذ خطة تقسيم الاقطار العربية وهو الهدف السوبرستراتيجي لكل من الغرب الاستعماري والصهيونية العالمية .

مقاومة حزب الله كانت غطاء لتقسيم الاقطار العربية وهو ما تحقق الكثير منه ونرى صورته الاخيرة في ازمة لبنان الحالية. وحزب الله بهذا المعنى الوظيفي ليس سوى اداة الاستعمار الايراني في تغيير التركيبة السكانية للاقطار العربية وتقسيمها وانهاء عروبتها، وهذا هدف مشترك لثلاثة اطراف وهي الغرب الاستعماري والصهيونية وكيانها في فلسطين واسرائيل الشرقية. هذه هي خواتيم ما بدأ يحدث منذ وصل خميني للحكم وهو متخف تحت شعاره الشهير (الموت لامريكا) وشعاره الاخر (الموت لاسرائيل) لكنه طبق عمليا وبدعم غربي صهيوني شعار (الموت للعرب)، ولم يطلق رصاصة واحدة ضد امريكا ولا ضد اسرائيل الغربية، خواتيم نصرالله ترينا وجهه الفارسي وانخراطه قائدا في جيش الاستعمار الايراني مباشرة .

Almukhtar44@gmail. com

16-11-2018

0 التعليقات: