أخر الأخبار

.

أصداف : المقاومة في “فيلم”


أصداف : المقاومة في “فيلم”


عراق العروبة
وليد الزبيدي



ظهرت أفلام كثيرة تتحدث عن قصص المقاومة في دول كثيرة بعضها تعرض للاحتلال من قبل دول أخرى ، وأفلام تظهر مقاومة أبناء البلد ضد أنظمة فاسدة وديكتاتورية، لكن ما يعرضه فيلم “قطار الليل إلى لشبونه” من تأليف باسكال مرسييه وإخراج بيل أوجست وإنتاج ألماني في العام 2013م يختلف عن الكثير من الأفلام التي ناقشت ذات الثيمة، لدرجة أنني أعتقد أن كل من يريد أن ينتج عملا سينمائيا أو تليفزيونيا يتناول قضية المقاومة في بلده أن يشاهد هذا الفيلم ويدرسه بعناية فائقة، إذ يحمل بين ثناياه الكثير من الدروس، كما أنه يبعث بالرسائل المراد إرسالها بطرق في غاية الدقة والأناة ، تبدأ قصة الفيلم – الوثيقة – بتعرف استاذ جامعي على فتاة تقف على الجسر محاولة الانتحار، ويقنعها بالعدول عن ذلك وتذهب معه إلى الجامعة، حيث يلقي المحاضرات على تلاميذه، لكنها سرعان ما تختفي، ليجد كتابا كان معها، يشدّه الكتاب بقوة، لدرجة أنه يغادر الجامعة لمتابعة الفتاة ويسافر إلى لشبونة عاصمة البرتغال ، وهناك تبدأ رحلة البحث عن مؤلف الكتاب، الذي طٌبعت منه مائة نسخة فقط .


يتمكن من الوصول إلى بيت المؤلف، يلتقي شقيقته، يدور بينهما حديث دقيق وشيق، لكنها تتصرف معه بحدة، رغم ذلك لم يرتدع ذلك الأستاذ الجامعي، ويؤدي هذا الدور الممثل البريطاني جيريمي وهو الدور الرئيسي في الفيلم لمدرس تاريخ لغات سويسري، ريموند جريجوريوس، والكتاب يبحث في تاريخ المقاومة البرتغالية من خلال طبيب شارك في المقاومة ضد ديكتاتورية حكم سالازار، (1889- 1970) وهو سياسي برتغالي. شغل منصب رئيس وزراء البرتغال وحاكمها المطلق (1932- 1968) .

وتذكر المصادر التاريخية والسياسية، أنه قد حكم البلاد حكما ديكتاتوريا فاشستيا، طوال ست وثلاثين سنة، وترك حكمه الكثير من المآسي التي يتذكرها البرتغاليون، ويحاول الفيلم تناولها عبر أحداث دراماتيكية ، فهناك نوع من الصراع بين الرجل المقاوم والرجل الطبيب ، وكيف تنتصر مهنة الطبيب – المقاوم على المباديء التي يؤمن بها – وضمن سياق الفيلم ، يؤكد أن مهنة الطبيب تتلخص في تخفيف الألم عن الإنسان دون أن ينظر إليه من زاوية أخرى ، وإن كان يختلف معه في سياقات حياتية واجتماعية ، لكنه في الوقت نفسه لا يتخلى عن المباديء التي يؤمن بها .

صحيح أن هذا الفيلم يقدم وثيقة تاريخية هامة يكشف فيها عن طبيعة الحكم الذي تسلط على البرتغاليين في تلك العقود ، كما أنه يؤرخ للرجال والنساء من البرتغاليين الذين تصدوا لهذا الحكم ، ويكشف عن خطط عسكرية واسعة عمل على تنفيذها نساء ورجال المقاومة ، إلا أنه لم يقدم كل ذلك في إناء تقليدي طالما اتبعته أفلام كثيرة تناولت ذات الموضوع ، ففي فيلم ” قطار الليل إلى لشبونة” ينجح المؤلف والمخرج وكادر الإنتاج من موسيقى وتصوير وتمثيل في تقديم تحفة فنية ضمن مقاربة متميزة ، توثق للحكم الظالم والشعب الثائر الرافض لذلك النوع من التسلط .

0 التعليقات: