حذار من ضياع هويتنا !
حذار من ضياع هويتنا !
عراق العروبة
د . سليم نـــزال
قد يبدو التحذير غريبا من الوهلة الاولى لكنى بصراحة اعتقد انه سؤال مشروع فى ظل التخبط الذى تعيشه بلادنا . نحن فى ازمة حقا و هى ازمة لها علاقة بالهوية . و سؤال الهوية الذى يجيب على من انا او من نحن ؟ هناك توجه غير قليل فى منطقتنا ممن يسعى ان يبحث عن هويته فى التاريخ البعيد . المصرى يركز على الفرعونيه هذا مع العلم انه لم توجد قط فى التاريخ هوية اسمها الهوية الفرعونية . لكن المقصود الهوية المصرية القديمة ايام الفراعنة . و فى لبنان نجد تركيز على الهوية الفينيقيه و هى جزء من الكنعانية التى كانت منتشرة لغة و ثقافة فى ازمنة بعيدة . و العراقى يركز على الاشورية او السومرية . و الفلسطينى يركز على الجذور الكنعانية من اجل ان يستقوى بها فى مواجهة عدو يريد تدمير وجوده و مصادرة ماضيه لكن هناك من يغالى فى هذا . كما يوجد حركة امازيغية فى بلاد المغرب العربى منها المعتدل الذى يكتفي بمطلب الاعتراف بلغته و ثقافته كمكون اساسى من الهوية المغاربية الى جانب المكون العربى و منها ما يذهب الى التطرف و يجد فى اسرائيل داعما .
و حتى بعض السوريين بداوا يتحدثوا عن الجذور الارامية . نحن بكل صراحة مثل وضع التاجر المفلس الذى يبحث عن الماضى عندما كان الحال افضل . و الطريف فى الامر اننا نتحدث عن كل هذه الامور باللغة العربية . و نحن نعرف ان اللغة هى العامل الاساسى المكون للقومية . قولى هذا لا يعنى بالطبع انى انفى نهائيا التاريخ القديم . لكن الحقيقة ان التاريخ القديم لا يقدم لنا عمليا اى شى فى الوقت الحاضر عدا من هو موجود فى المتاحف و الحضارات التى تنتهى فى المتاحف يعنى انها ماتت و لا تاثير لنا على الواقع الان . كما تحدثت فى السابق عن الفرن الحضارى الذى عرفته منطقتنا و التى ادت فى النهاية الى عمليات صهر ثقافية واسعه اوصلتنا الى ما وصلنا اليه الان
.
و لذا كتبت فى اكثر من مناسبة ان التاريخ العربى لا يعادل فقط الجزيرة العربية فقط بل هو حصيله الفرن الثقافى عبر المراحل السابقه . فى امريكا واجهوا هذه المشكلة و هم بصدد بناء قومية حديثة قواها مهاجرون . و رغم ان العنصر الاقوى كان العنصر الانجلو ساكسونى الا انهم اخترعوا تعبير صحن السلطه كنوع من رؤيتهم لبلادهم . و صحن السلطه فيه مكونات عدة من بندورة و خس و خيار الخ الا ان هذه العناصر جمييعا انصهرت فى صحن السلطه .
لو قلت مثلا انى كنعانى ماذا يعنى هذه على مستوى الواقع الحقيقى و ليس المتخيل؟؟؟؟؟؟ . اما عندما اقول انى فلسطينى فهذا يحدد بدقة من انا . لانه يدل على انتمائى الوطنى كما يدل على انتمائى الى المحيط العربى لانه لا يمكن ان تكتمل الهوية الفلسطينية بدون الانتماء العربى حتى لو كانت فلسطين مستقله .
ان الازمة التى نمر بها الان خاصة بعد التخريب الذى قام بها الاسلام السياسى و فشل الاحزاب القومية قبلها قد دفع بنا او بالبعض منا ان يفتش على هوية متخليه لاجل ان يهرب من الواقع الحالى و هو واقع محزن جدا . لكن فى نهاية المطاف لا يستطيع الانسان ان يخرج من جلده كما يقال فى المثل العامى . نحن ننتمى الى الثقافة العربية لانها الثقافة الوحيدة التى نملكها . و سواء هربنا منها ام لا فانها المكون الاساسى لثقافتنا و لوجودنا . و لا مناص لنا سوى العمل المضنى لاجل تخليصها من الكوارث التى حلت بنا . و هو نضال طويل و شاق لا بد من خوضه بكل شجاعة .
0 التعليقات: