أخر الأخبار

.

حروف حب الى الموناليزا العربية


حروف حب الى الموناليزا العربية


عراق العروبة
كريم القاســـم




(الى كل موناليزا عربية …

الى التي تنحني لها موناليزا دافنشي …

الى التي تقدح الخاطر أنى تشأ وحيثما تكن ….

الى عنصر الحب ومعدن التضحية والوفاء …

بين يديكِ حروفنا …. )

الموناليزا صورة ليستْ هي الأخيرة ، فماعندي صورة مُشرقة مُثيرة ، لايحتويها مَتحف او زجاج ، انما هي قنديل دائم الاسراج ، مليحة فكيهة مضيئة ، هادرة راعفة جريئة ، لا سبيل لريشة دافنشي على رسمها ، ولا إطاراً يجرؤ أن يحددها ، أغار عليها من ريحٍ تلامسها ، واخاف عليها من اشباحٍ تزاحمها ، ففي العمرِ مخالبُ ضبعٍ وأظافر بشرية ، تقتلع الجَمال وتحيلهُ الى خرائبٍ وثنية ، فلا يهذبُ النفوس الا الحب ، فهو الترياقُ المُجرَّب إن خالطَ اللُّب .

العمرُ فُتات ، والسُنَنُ آيات ، والحبُ سُبات ، إن أيقَضَتْهُ الروحُ هَفَا ، وان هَمَسَ اليهِ القلبُ حَبَا ، نَما فكان كوناً وحياةً ، وشبَّ فصارَ نوراً ومشكاةً ، يسري في ثنايا الجسد كالروح ، وينسل منه فيتركهُ طائرا مذبوح ، عظيم الثقل ، خفيف الظل ، يُطرِبُ النفوس ، ويغلب الناموس ، يطيرُ بكَ فوق الغَمام ، ويُرقِصُك مِن غيرِ أنغام ، ليلهُ لحظات ، ونهارهُ ساعات ، إن أصدَقْتَهُ أربى ونَمى ، وان أكذَبْتَه ذبُلَ وذوى ، جريءٌ صريح ، نقيٌّ قريح ، هو الحبُّ جوهرة الوجود ، ويبقى الهدف المنشود ، فإذا غاصَ في الفؤاد واعتصرَ الاكباد ، بات النَـفَـسُ مقطوعا ، والحال مفجوعا ، فيُحيل صاحبه الى جسدٍ نحيل ، ويُحيل القلبَ الى كائنٍ عليل ، لاتكشفهُ فتهتك سِترهُ ، ولا تفضحهُ فتُمزِق سِرّهُ ، يُحِب السِرَّ ويكرهُ الإفشاء ، داءٌ ليسَ لهُ دواء ، فيا لهُ مِن جاذبٍ لقلبين ، ويا لهُ مِن مازجٍ لحالين ، يزيحُ عنهما كل غشاوة ، ويضفي على حالهما طلاوة ، لاسبيلَ الى زواله ، ولاطريق لكبح وصالهِ ، يهبط من غير جناح ، ويصعد من غير رياح ، ان أمَرَتْهُ العين أطاع ، وإن غادرَ السرَّ شاع ، حرفان اجتمعا فأتعبا مَنْ خالفَ الفطرة ، وأسعدا مَن عرفَ العِبرة ، لايثبتُ الوجودُ إلا بهما ، ويزول الكون بزوالهما ، هما مصدر الآهات ، وهما منبع الكلمات ، لايغرد البلبل الا بهما ، ولاترقص الازهار الا بذكرهما ، ينمو كنمو اجسادنا ، ويموت ان ماتتْ عواطفنا ، حيٌّ وليس من الاحياء ، يروي الذات كقطرة ماء ، يزلزلُ الروحَ ويُنكي الجروح ، يثور كالبركان ، ويُقدِحُ الوجدان ، فلا جيوش الدنيا تصدّهُ ، ولا اسلحة العالم تبعده ، أذلَّ الملوكَ واسقطَ تيجانهم ، واسعد الفقراء وغيَّرَ احوالهم ، لايصنعه صانع ، ولا يقنع به قانع ، القوة تكمنُ فيه ، فيجذب من يوافيه ، لاتحدّهُ الحدود ، ولا تُكَبلَّهُ القيود ، حرٌ كالطائر في الفضاء ، يدفُّ بجناحيه على الارض وفي السماء ، فياله من كائنٍ غريب ، وياله من لفظٍ عجيب ، كتبَ فيه الشعراء حتى اتعبهم ، ولاصَقَ العشاق حتى ارهَقهَم ، قدرة الله في العباد بانَتْ ، وحكمته في الأنام إستبانتْ ، فالحكيم مَن مازجهُ بالعقل ، والغافلُ مَن مازجهُ بالجهل .
…………………..

0 التعليقات: