أخر الأخبار

.

لم يبق لي الحق من صاحب



لم يبق لي الحق من صاحب


عراق للعروبة
ضرغام الدباغ


هذا قول شهير لسيدنا علي كرم الله وجهه، قالها يوم اعتورته السيوف، وأتسع معسكر خصومه بسبب مواقفه المبدأية الصريحة وعدم قبوله بمبدأ المداهنة في الحق قولته الشهيرة " لم يبق لي الحق من صاحب ". 

والمداهنة هي الملاينة ، وهي المداراة ، وإظهار غير ما يبطن في نفسه ، وهي من آيات المنافق ، وهي غش وخداع . وضرب من ضروب النفاق السياسي وغير السياسي، قولة الحق حسنة والساكت عنها شيطان أخرس، وكلما عظمت عواقب قولة الحق عظم أجر قائله، وعن حديث للرسول (ص) قوله " إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر ".

ومنذ مطلع شبابي وعملي في السياسة، وأنا معروف بين رفاقي بالصراحة التامة، وهو ما تسبب لي بالمتاعب لأني ببساطة أعتقد أن من يداهن ومن ويساير فهو يمارس نفاقاً وتقرباً وانتهازية، وهناك حالات كثيرة لا تحتمل المجاملة. ولا أنكر أن هناك حالات قليلة تستحق موقفاً فحواه احتمال القليل تجنباً للأكبر، وفي تحمل موقف غير مقنع، بالسكوت والتغاضي والتغافل لتجنب موقفاً أكبر، ولكن لا ينبغي تأييد الخطأ على أية حال. أما المداهنة فهي ممارسة للنفاق بكل معنى الكلمة، لا ينبغي على السياسي وغير السياسي احتماله .

هناك مواقف صعبة تواجه الإنسان، السياسيون منهم على وجه الخصوص، وهناك من يحاول أن ينتزع منك موقفاً، ولا يخلو الأمر من إحراج أو مجازفة، وربما خطورة، ولكن الذكاء واللباقة قد توفر مساحة من الألفاظ والمصطلحات بحيث تتجنب السير فوق حد السكين، ولكن في كافة الأحوال عدم تأييد الباطل. السكوت عن الحق أيضاً مثلبة غير صغيرة، لذا قال الحكماء " الساكت عن الحق شيطان أخرس ".

لقد عايشت شخصياً مواقف صعبة، الخطورة فيها تقارب المجازفة بالحياة، وقف رجال فيها مواقفاً لا تنسى، وقد قال أحد القادة الشجعان يوماً كلمة مأثورة قبل إعدامه " الرجال مواقف "، وبعضهم قال بنفس المعنى " الحياة وقفة عز ".

لاحظ رجاء كم يحض الإسلام، وتقاليدنا القديمة منها والحديثة، على المواقف النظيفة القوية .

نقول هذا ونحن نعلم أن ليس من السهولة أن يكون كل رجل شجاعاً يتحمل وزر موقفه وكلمته وعهده ... ولكن الحياة عبارة عن امتحان لمعدن الرجال . فليس الرجل من حمل اللقب الفلاني، يل أن يكون في ساعة يستطيع أن يثبت فيها أصالة معدنه ونبل جوهره ..

0 التعليقات: