أخر الأخبار

.

من السلطان العظيم آدم الى ثورة النبي الأمي محمد بن عبد الله (ص)..قوانين الكون لم تتغيّر!


من السلطان العظيم آدم الى ثورة النبي الأمي محمد بن عبد الله (ص)..قوانين الكون لم تتغيّر! 


عراق العروبة
أنمار نزار الدروبي


منذ فجر الخلائق لا زالت التغيرات تطرأ على عالم وجود الكائنات.. التفاعل يسري بين جميع الأشياء وبشكل معقّد جدا ومنتظم لا يتجاوز المقادير الدقيقة للمكونات المعبئة في حاوية الوجود العظيم . العقل البشري هو أعقد صورة أنتجتها المادة من خلا التطور التاريخي كما تعرّفه لنا الماركسية، وهو تعريف ساذج إذا لم يكن سخيفا. إن العقل الإنساني هو البؤرة العظمى التي تستقطب أنوار وأسرار جميع معالم الوجود والكائنات بما في ذلك ما هو خارج عن الإدراك الحسي والتصوّر.. عند هذه النقطة الجوهريّة في ذات العقل تكمن العلاقة بين الخالق العظيم ومخلوقه المنتخب الإنسان. المسألة التي نحن بصددها هي الإرادة، إمكانية العقل على الفعل والتأثير أبعد من حدود قواه الماديّة..صناعة المعجزة.. التحكم في مقدرات العالم وتسخيره؟ وأين هو السّر، ما هو الحقيقي الذي يعجز المنطق عن تفسيره أو تعليله، الى أي غاية تسير حياتنا ووجودنا، أسئلة لا حدود لها.. لكن الأهم في مجمل الأسئلة هو من يدير كل شيء ويحكم مقاليد الوجود حقّا وحقيقة ؟

لا جديد في عالمنا، فالعقل البشري أعجز في كل إمكاناته الذاتية أن يغيّر شيء من معادلات الخلق ومسار أفلاك الطبيعة وتقلباتها، وهو أكثر عجزا عن تعطيل السنن التي تحكم الأشياء أو التلاعب في قوانين الكون، مقابل ذلك، أيمكننا الجزم بأن كل شيء على ما يُرام.. ثم نقتنع بأن الصراع الذي يدور في عالمنا بجميع حيثياته وكوارثه ما هو إلا حالة طبيعيّة تُحسب على توازن الكائنات؟ إن الحياة عند أبسط معالمها المتمثلة في الخليّة الحيّة الى أعقدها كمالا وإجمالا لدى الإنسان موظفة عمليّا ومبرمجة بعناية لإنتاج غاية نموذجيّة عظمى. إذا تجاهلنا وجود هذا التوظيف والغاية فلن يبقى أي معنى لحياتنا ووجودنا غير العبث، وعلينا تقبل فرضية مبدأ الصدفة لكي نبرر عجزنا عن فهم علل التكوين والخلق، بهذا العجز يجب أن نقنع ونسلم بأن كل المخلوقات ليست سوى دُمى تتراقص في تناسلها وفنائها على مسرح العبث أو اللامعنى، إزاء هذا التخبط والضياع هنالك موروث عظيم يرفض الهوس الفكري الى مستوى تحدي قواعد اللعبة العقلانيّة ويفتح لنا ثغرة في جدار الجمود المادي، بالتحديد نتحدث هنا عن النبوّة، وبشكل خاص أعني الأنبياء الثوّار اللذين أحدثوا تغيّرا في الواقع الإنساني إبتداءا من السلطان العظيم آدم مرورا بنوح الذي صنع سفينة البقاء الى إبراهيم الذي هشّم أصنام النمرود ثمّ موسى في عصاه التي ابتلعت أفاعي الطغيان وشقت البحر الأحمر ومرورا بمملكة داوود وسليمان حتى المسيح عيسى بن مريم الذي محق العجل الذي عكفت عليه اليهود ومهّد الطريق لثورة النبيّ الأمي المهدي محمد بن عبد الله في جزيرة العرب. لسنا بشأن استعراض مفاهيم معينة أو إثبات صحة دعوة دينيّة، المنطق الذي نعتمده يتجاوز الصور النمطية وغلاف الأشياء أو المسميات إلا من باب كونها أدلة محددة في سياق الموضوع. قضيتنا تتلخص بفهم حقيقة وجودنا ومقدرات حياتنا كما أسلفت آنفا، وحيث هذا الوجود والخلق قد صدر عن إرادة عظمى فلن يخرج إطلاقا عن سيطرة وهيمنة وتدبير هذه الإرادة، فما كان ولم يكن من قبل لن يخرج عن حدود تكوينه ولن يتجاوز إرادة مكونه وخالقه. 

إن الحقيقة الثابتة لا تحتاج الجدل والتأويل بفرض كينونتها، بل أن النقيض يحتاج الى تبرير علة الخلق وبيان الأصل الذي تشكلت عنه المادة وكل معالم الطبيعة قبل الخوض في ظهور الحياة بكل تعقيدات الأنواع، عقل الإنسان في كل ضروب تجلياته وتخصصه لم يتجاوز عملية البحث في النتائج، بمعنى أوضح هو يعالج القضايا في كونها محصلات ويدور في أفلاك المكونات ليس أكثر . لكن العقل بذاته ليس مستقلا عن الكون الذي ينتمي اليه ولا عن الإرادة السابقة العظمى في إنتاجه، والعقل الإنساني بفطرته يمتلك مؤهلات عظيمة إضافة لكونه مستودع شفرات أسرار الوجود. نعود لمسألة النبوّة من حيث كونها حالة إنسانيّة، بنظرة مبسطة سنرى كل الأنبياء كانوا يسخطون على واقعهم ويدعون الى تغيره وجلهم كان عالما مصلحا، والبعض منهم كانوا زعماء لحركات إصلاحية وثوريّة وتشكلت أحزابا من خلال دعوتهم وخاضوا حروبا وأسسوا دول وأنظمة، ولا نفهم مبررات العلمانية في فصل الدين عن الدولة، كان موسى نبيّا وقائدا لبني إسرائيل وكان داوود نبيّ محارب ورجل دولة، وكذلك سليمان في مملكته وإنجازاته العمرانية وحكمته السياسية، والنبيّ العربي مُحمد الذي قلب كيان جزيرة العرب وأسس لنظام دولة عظمى امتدت حدودها من جنوب فرنسا غربا الى الصين شرقا. جدليّا يعتبر فصل الدين عن الدولة نسفا تاما للدين والنبوّة، لا بأس أن نتقبل وجهة النظر العلمانية من باب قطع الطريق على استغلال الطبقة الدينية الكهنوتية المتطفلة على استغفال عقول البشر، وللعلم تعتبر هذه الطبقة من ألد أعداء الأنبياء ولا تتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم حفاظا على مصالحها ومكتسباتها من الدين، وهم كذلك من أشد الداعمين للطغيان والاستبداد الى حد تبرير فساد السلاطين وإسنادهم بالفتاوى. الدين نفسه ليس منزها عن الفساد، فاليهوديّة والمسيحية ودين الإسلام ليست جميعها كما كانت على عهد الأنبياء أنفسهم. حتى لو قبلنا منطق العلمانية باعتبار الدين من ابتكار العقل البشري فهذا المنطق سيمنح الأنبياء مقدرة عاليه في السياسة وعلم الاجتماع لمستوى خلق رقيب وازع في ذات البشرية و يحد من انفلات عقال المجتمعات بما يعفي من اللجوء الى القوة واعتماد أجهزة أمنية غير محصنة بذاتها عن الفساد والاستبداد. ربما لم يفطن الكثير لموضوع إثبات صدق النبوّة بمنطق العلم، أو جدل الدين الواحد مقابل وهم وأكذوبة تعدد الأديان السماويّة؟ إضافة لحتمية حدوث أخبار النبوّة. لم نسمع بنبيّ يناقض نبيّ آخر ويدحض نبوّة من سبقه، جميع الأنبياء أتت نبوّتهم عن مصدر واحد هو الله. بالمقابل لم تزد العلمانيّة بشيء على الوثنيّة وعبادة الطواغيت، فرعون والنمرود وهتلر وستالين ونماذج كثيرة لا تخلو منهم الأزمنة على نفس القياس والشاكلة، الذين يعبدون الشمس والكواكب أو يعبدون البقرة.

ولنا جولة ثانية إن شاء الله...

0 التعليقات: