أخر الأخبار

.

أصداف : أخطر ما في “ القفزة الكبرى “


أصداف : أخطر ما في “ القفزة الكبرى “


عراق العروبة
وليد الزبيدي




يسأل عدد من الأصدقاء والقراء الكرام عن تفاصيل “القفزة الكبرى إلى الأمام” التي تحدثنا عن بعض جوانبها في هذه الزاوية قبل مدة، وقلنا إن الرئيس الصيني الأسبق ماوتسي تونج، قد أطلق تلك القفزة وتواصلت من العام 1958 حتى العام 1961، ورغم أن “قفزته الكبرى” لم تكن موفقة على الإطلاق، بل نتجت عن تطبيقها كوارث حقيقية حلّت بالشعب الصيني وتسببت بمقتل ما يقرب من خمسة وأربعين مليون إنسان في الصين، إلا أن الصينيين خضعوا لحكمه الطويل وتكتمت السلطات الصينية اللاحقة على التفاصيل الكارثية الدقيقة الناجمة عن الكارثة، التي خطط لها نفذها ماوتسي تونج في بلاد يعد سكانها من أكثر سكان البلدان في العالم .

حياة الرئيس ماو شهدت الكثير من الأحداث الكبيرة والدراماتيكية وقد امتدت حياته بين العامين (1893و1976) وهو زعيم الثورة الصينية ومؤسس جمهورية الصين الشعبية، ولد ماوتسي تونج في 26 ديسمبر عام 1893 في قرية شاوشان في إقليم هونان لوالد فلاح صارم بنى نفسه حتى أصبح تاجر حبوب .

أغرب مشهد يمكن أن يراه المرء عندما يشاهد تلك الجزئية من “القفزة الكبرى إلى الأمام” التي اكتشفها ماو ولم يتردد في تطبيقها وإنزالها على أرض الواقع، تلك المشاهد التي خرج فيها مئات الملايين من الصينيين في وقت واحد، يحملون الرايات والعصي ليمنعوا العدو من الهبوط على الأرض، إذ تقضي خطة ماو في قفزته الكبرى أن يحارب العصافير التي تملأ سماء المدن الصينية، واتخذ قرارا بقتلها والقضاء عليها، وجاءت الفكرة للرئيس ماو، بعد أن رفع خبراء الأمن الغذائي في دولة الصين تقارير تحذر من مجاعة عاصفة ستضرب الشعب الصيني، وقالت تقارير أخرى إن سبب المجاعة يكمن في التهام العصافير للحبوب وأكلها للكثير من المزروعات. وبدون دراسة وتمحيص دقيق، أعلن الرئيس ماو حربا شرسة على العصافير للقضاء عليها، دون أن يدرس هو أو الخبراء النتائج الكارثية التي ستحل بالصين بعد القضاء على العدو “الأكبر” في بلاد الصين، وخرج الصينيون جميعا يقاتلون العصافير كل بطريقته الخاصة، فسقط الكثير من العصافير نتيجة للضرب المباشر، أما العدد الأكبر فقد سقط ميتا بسبب الجوع والعطش بعد أن منع الصينيون العصافير من النزول إلى الأرض .

لكن حصل ما لم يكن بالحسبان، فبعد أن خلت سماء الصين من العصافير التي قالوا إنها السبب في عدم توفر الغذاء الكافي للصينيين، خرجت أعداد مهولة من الحشرات وتكاثرت بطريقة مخيفة، إذ تبين أن العصافير كانت تقضي على أعداد كبيرة من تلك الحشرات وتمنعها من التهام المزروعات، وشنّ الأعداء الجدد حملات واسعة لقضم الزرع، وانتهى الأمر بمجاعة خطيرة لم تشهد الصين مثيلا لها، ما نتج عن ذلك وفاة ما يقرب من خمسة وأربعين مليون مواطن صيني .

لذلك يؤرخ الكتاب والباحثون للكارثة الكبرى التي تسببت بها “القفزة الكبرى” التي أطلقها الرئيس الصيني ماو .

0 التعليقات: