الباب العالي وقصة المواشي
الباب العالي وقصة المواشي
عراق العروبة
د. خضير المرشدي
من موروثنا الشعبي ... يقال أن والي بغداد إستلم رسالة مستعجلة من ( الباب العالي ) في ( الاستانة ) يطلب فيها تزويده بموقف عن حالة ( المواشي ) في العراق ، فإجتمع الوالي مع كبار المسؤولين في ديوانه ، ليسألهم عن ماهو المقصود في مضمون رسالة الباب العالي ، فليس من المعقول إن الباب العالي بجلالة قدره وسموه وعلو مقامه وإنتشار سلطانه ، يقصد بالسؤال حالة ( الحيوانات المواشي ) ، وكانت وجهة نظر الوالي إن الباب العالي غير معني بهذه الامور الثانوية الصغيرة .
اذن لابد وإنه يعني برسالته الهامة شيءٌ آخر أهم وأعظم وأسمى . عرض والي بغداد وجهة نظره هذه على الحاشية قائلاً لهم : وصلتني هكذا رسالة من الباب العالي وأرى انه يسأل عن الذين أمورهم ( ماشية ) من المسؤولين بغية تكريمهم وترقيتهم ... وبعد فتح باب المناقشة أيّده جميع من حضر من المسؤولين ، عدا ( القاضي ) حيث وقف معترضاً بشدة وقال ان الباب العالي بحكم مسؤوليته عن السلطنة يرغب بمعرفة حالة المواشي أي الثروة الحيوانية في البلاد لما لها من اهمية كبيرة في حياة الناس في كل زمان ومكان . وهو لا يقصد ماتقولون على الاطلاق .
الأمر الذي أغضب والي بغداد ومن معه من الحاشية على هذا ( القاضي ) الذي اعتبروه متمرداً وتهجموا عليه واتهموه بما ليس هو فيه ، وغدروا به وقرروا الانتقام منه حينما كتبوا الى الباب العالي رسالة جاء فيها :
(( حضرة السلطان الموقر ... لكم منا السمع والطاعة ... حفظكم الله لنا ورعاكم ، وادام ظلّكم على ربوع السلطنة ... أما بعد :
فإن جوابنا الذي نال إجماع القوم هو :
(( كُلّنا مواشي عدا القاضي )) ...
وللقصة بقية ... فحينما استلم الباب العالي جواب الوالي وحاشيته ... ترك لهم المجال ليكملوا المهمة في ادارة ( الولاية ) وانتظر طويلاً حتى تبيّن له مستوى الخراب الذي أصاب جميع مفاصل ( الولاية ) فخاب ظنه وأصابه ألاسى والحزن والحسرة لِما تعرض له من تضليل وكذب وتلفيق ، ولِما أصاب الولاية من انكسار وتراجع بسبب فعل هؤلاء الشياطين ... وحينما قرر أن يبطش بهم بعد أن اكتشف زيفهم وكذبهم ، وتأكد له إنهم أوهموه بما هو باطل وجدهم قد تلاشوا عن الأنظار . ليعود ويبحث عن هذا ( القاضي ) ليشكره على وعيه وفهمه وبعد نظره ... لكن ذلك كان بعد فوات الاوان حيث وجد إن القاضي قد إنتقل للعيش في ولاية أخرى خالية من ( المواشي ) ....!!!
0 التعليقات: