أخر الأخبار

.

أصداف : صدمة وترويع “أخرى”


أصداف : صدمة وترويع “أخرى”


عراق العروبة
وليد الزبيدي



عندما أطلق الأميركيون استراتيجية “الصدمة والترويع” قبل الشروع بغزو العراق في ربيع العام 2003، اعتقد الغالبية العظمى من الأميركيين وفي مختلف بقاع الأرض، أن هذه الاستراتيجية قد وضعت بعناية كبيرة جدا، وأن القائمين عليها لم يتركوا شاردة أو واردة إلا وأخضعوها للتدقيق والدراسة العلمية، وينطلق هؤلاء في رؤيتهم من عوامل عدة يقف في مقدمتها نجاح المفكرين والسياسيين في الولايات المتحدة في استراتيجية “الحرب الباردة” التي حققت أهدافها قبل السقف الزمني الذي وضعه الأميركيون لها بما يقرب من عقد من السنوات، ففي الوقت الذي انهار فيه الاتحاد السوفيتي بداية تسعينيات القرن العشرين، تنبأ الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيسكون بأن الانهيار سيكون في نهاية القرن العشرين كما جاء في كتابه الشهير (نصر بلا حرب 1999).

لكن الواقع اختلف تماما في استراتيجية “الصدمة والترويع” التي يعد منظرها الأميركي (هارلن أولمان) الأستاذ بالكلية العسكرية الأميركية منذ العام 1996، وتلقف خطوطها العريضة مجموعة المحافظين الجدد، الذين تبنوا جميع الخطط والأفكار التي من شأنها إحكام السيطرة على العراق، وجاءت قناعات الكثيرين بهذه الاستراتيجية من عوامل القوة التي استندت إليها القوة الأميركية، وبالمقابل وهن وضعف العراق البلد الصغير قياسا بدول الغزو التي تتقدمها الولايات المتحدة وبريطانيا وتدعمها وتؤازرها الغالبية العظمى من الدول العربية ودول المنطقة والعالم، فقد أنهك الحصار العراق ودمرت لجان تفتيش الأمم المتحدة قدراته العسكرية، كما أن الولايات المتحدة تقف على قوة عسكرية هائلة وقوة اقتصادية وإعلامية يضاف إلى ذلك هيمنتها على القرار الدولي والمنظمات والهيئات الأممية.

في النظرة الأولى اعتقد الأميركيون أن “الصدمة والترويع” حققت كامل أهدافها بعد أن تمكنت قوات الغزو من احتلال العراق وبسط سيطرتها على العاصمة بغداد خلال ثلاثة أسابيع من بداية العمليات العسكرية، إلا أن أول مؤشر ظهر في الأسابيع الثلاثة التي تلت احتلال العراق، إذ تمكن المقاومون في العراق من قتل اثنين وعشرين أميركيا خلال هذه المدة، وعندما أعلن الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش في الأول من مايو 2003 بيان “النصر” من فوق الفرقاطة الأميركية لنكولن، كانت عوائل الجنود الأميركيين تستقبل يوميا جثامين الذين تقتلهم المقاومة العراقية. فكانت تلك “الصدمة العراقية” الأولى.

أما “الصدمة العراقية الثانية” فقد حصلت خلال حرب “الفلوجة الأولى” بعد عام من بداية الاحتلال نيسان ـ ابريل 2004، عندما خرج المتحدث باسم القوات الأميركية في العراق مارك كيميت وقال في مؤتمر صحفي ما نصه (لقد تمكن المسلحون من قطع جميع طرق إمداد القوات الأميركية).

وتواصلت الصدمات في السنوات اللاحقة تحت وقع هجمات المقاومين في العراق، فكان الجيش الأميركي يعيش أصعب ساعاته، ولم تتوقف قوافل القتلى في طريقها إلى الولايات المتحدة عبر القاعدة العسكرية الأميركية في ألمانيا.

وإذا توقفت “الصدمة والترويع” الأميركية بعد أسابيع من بداية الاحتلال في ربيع العام 2003، فإن “الصدمة والترويع العراقية” ما زالت مستمرة، وقد قال الرئيس أوباما في العام 2011، إن آثار حرب العراق ستؤثر على جيل كامل من الأميركيين.

0 التعليقات: