أخر الأخبار

.

نظام يخاف صورة صدام لا يستحق إلا الازدراء


نظام يخاف صورة صدام لا يستحق إلا الازدراء !!!


عراق العروبة
هارون محمد



ذكرتني عملية إلقاء القبض على بائع متجول في كرخ بغداد، وبحوزته ساعتين عليهما صورة الرئيس الراحل صدام حسين، وإحالته إلى القضاء وفق تهمة (4 ارهاب) بحكاية تناقلها عدد من مرافقي أعضاء مجلس الحكم الانتقالي في آذار العام 2004، وسواء كانت الحكاية صحيحة أم من صنع الخيال الشعبي العراقي، الذي يُبدع في أوقات الشدة وأيام المحن، بالسخرية والاستهزاء بالظلمة والفاسدين، إلا أنها ذات مغزى ومعنى.

تقول الحكاية، التي جرت أحداثها في الأيام الأخيرة من سلطة الحاكم الأمريكي بول برايمر، إن أعضاء مجلس الحكم الانتقالي، أثقلوا عليه في اجتماع عقد برئاسته، بطلباتهم ومطاليبهم الخاصة، من زيادة الرواتب والمخصصات المالية وعدد السيارات وأفراد الحمايات، حتى أن محمد بحر العلوم طلب امتيازاً له، بصفته أكبر الأعضاء سناً (والعمر إله حوبة يا مستر) كما جاء على لسانه، وهو ما أسعد عدنان الباجةجي، الذي احمرت خدوده فرحاً، عندما سمع بحديث بحر العلوم وكان، وقتئذ، في الامارات، لأنه أكبر منه بعامين حسب دفتر نفوسه وشهادة جنسيته، في حين طالب إبراهيم الجعفري وجلال طالباني وعبدالعزيز الحكيم وحميد مجيد الموسى ومحسن عبدالحميد، بتخصيص مكافآت مالية إضافية لهم بصفتهم رؤساء أحزاب (جماهيرية) تحتاج إلى التمويل لتغطية أنشطتها السياسية وفعالياتها الإعلامية، ولا يصح التعاطي معهم مثل بقية الأعضاء أمثال: موفق الربيعي وبحر العلوم وسمير الصميدعي ومحمود عثمان ودارا نوالدين وكريم ماهود واحمد البراك ونصير الجادرجي وغازي الياور ورجاء الخزاعي ووائل عبداللطيف ويوناديم كنو وصون جابوك، الذين وصفهم الحكيم يومها بأنهم (ازكرتية.. لا ماما ولا دادة) في الوقت الذي وقف احمد الجلبي وعزالدين سليم والكردي صلاح الدين بهاء ومندوبا إياد علاوي ومسعود بارزاني المناوبان، يتفرجون على المناقشة بين أصحاب الطلبات والحاكم الأمريكي، الذي بدأت تظهر على معالم وجهه العصبية والامتعاض.

ولما تعالت توسلات المطالبين بالامتيازات، وقف برايمر وقال لهم: أنتم طماعون لا ينفع معكم غير صدام حسين الذي يعرف كيف يتصرف مع هكذا أشخاص، وغادر قاعة الاجتماع غاضباً، وبعد دقائق قليلة، وإذا بصدام حسين وهو يرتدي بزته العسكرية وعلى كتفيه رتبة المهيب حاملاً عصا رأسها مكور، يدخل عليهم من الباب الرئيس للقاعة، صائحا فيهم (قيام)! وتراكض الجميع نحو الأبواب الجانبية فارين ومرعوبين وكان آخرهم عبدالعزيز الحكيم، الذي تعثر مرتين بعباءته، ولوحظ ان حميد مجيد الموسى كان أسرعهم في الركض وكأنه العداء الشهير سامي الشيخلي، بينما اصطدم محسن عبدالحميد بالتركمانية جابوك من الخلف، فصاحت به: هاي اشبيك أعمى، فرد عليها: والله يا أختي هسه عميت! ولم يبق في القاعة غير جلال طالباني الذي منعه (كرشه) المنتفخ من الفرار، ومحمد بحرالعلوم الذي لم يتمكن من الهرب لعجزه.

فتوجه صدام إلى جلال وقال له: أنت والخيانة رفيقان، وإذا غفرت لك في السابق إساءاتك المتكررة، فاليوم أطلعها من خشمك فتل فتل، وقبل أن يضربه بالعصا، تكوّم طالباني على الأرض من هلعه وراح في غيبوبة، فصاح صدام على خدم القاعة اجلبوا (سطل) من مياه الحمامات ورشوه عليه، واستدار على الثاني وقال له: أنت بحر العلوم؟ فرد الأخير: أبداً سيدي هذه دعاية مغرضة، أنا اسمي محمد نهر القائد! وضحك صدام حتى يقال إنه جلس على الكرسي ودمعت عيناه من فرط الضحك، وتبين لاحقاً أن برايمر استعان بشخص عراقي يقال إنه من البصرة كان يعمل مع الأمريكيين، يُشبه الرئيس صدام في طول قامته وقسمات وجهه ونبرات صوته وطريقة كلامه، وسرحه ليُخيف اللحوحين والثرثارين من أعضاء المجلس.

فإذا كان الذين أصبحوا رؤساء ووزراء وقادة ومسؤولين كبار، قد أطلقوا سيقانهم وسابقوا الريح جزعاً من شبيه لصدام، فلا يجوز العتب على من أدنى منهم أو لومه إذا أفزعتهم صورة لصدام.. إنه نظام مهزوز ويخاف من ظله، ولا يستحق غير الازدراء.

0 التعليقات: