أخر الأخبار

.

الحشد الشعبي يقود العراق الى نكبة جديدة


الحشد الشعبي يقود العراق الى نكبة جديدة !

عراق العروبة
هارون محمد


ثمة تعبئة شيعية في العراق، تصاعدت خلال الايام القليلة الماضية، وخصوصاً عقب زيارة وزير الخارجية الامريكي جورج بومبيو، الى بغداد (الثلاثاء) الماضي، تستهدف ابعاد ايران وحمايتها من ضربة او هجوم امريكي قد تتعرض لهما قريباً أو لاحقاً، وذلك من خلال اشغال واشنطن بمعركة جانبية في الاراضي العراقية، وهذا يعني في المفاهيم العسكرية المتعارف عليها، ان العراق سيكون ساحة صدام متقدمة في المواجهة العسكرية عند اندلاعها بين البلدين، مع ما يترتب عليها من أخطار مدمرة للعراق، وتجنيب ايران مخاطر الحرب، خصوصاً وان الاخيرة تعمل جدياً، وتحرص كثيراً، على دفعها، خارج حدودها، خوفاً من تداعيات الداخل الايراني، المحتقن شعبياً، والمتضرر اقتصادياً.

واذا صدقت التقارير التي نُشرت او تسربت عن زيارة بومبيو البغدادية، ومفادها ان مساعدين للوزير الامريكي كانوا يرافقونه ، قد اجتمعوا مع مسؤولين في جهازي المخابرات ومكافحة الارهاب العراقيين، واطلعوهم على خطة ايرانية تقضي بقيام قوات الحشد الشعبي باحتلال بغداد وحصار المنطقة الخضراء والسفارات الامريكية والاوربية فيها، ومهاجمة اقرب قاعدتين امريكتين الى العاصمة، التاجي وبلد، شمالي بغداد، عند اطلاق اول صاروخ امريكي على ايران، او حدوث اول اشتباك جوي بين طيران البلدين، او نشوب اول مواجهة بحرية بينهما، فان ذلك يعني ببساطة ان العراقيين سيدفعون ثمن مواجهة عسكرية كارثية في نتائجها وآثارها، وهم أساساً لا علاقة لهم بها، ولكن لان فصائل الحشد مصرة على خوض حرب بالنيابة عن الجيش والحرس الثوري وفيلق قدس وغيرها من القوات الايرانية، انطلاقا من العراق.

وصحيح ان رئيسي الجمهورية برهم صالح والحكومة عادل عبدالمهدي، طمئنا الوزير الامريكي، وضمنا له حماية القوات والقواعد والمصالح الامريكية في العراق، الا ان الصحيح ايضاً ان الاثنين غير قادرين عسكرياً وميدانياً، على لجم قوات الحشد او منع تحركاتها، واذا استثنينا برهم الذي منصبه فخري وليس تنفيذياً، فان عبدالمهدي رغم انه قائد عام للقوات المسلحة، الا ان سلطاته لا تتعدى غير الاشراف عن بُعد على وزارتي الدفاع والداخلية، من خلال مكتب القائد العام، الذي هو عبارة عن سكرتارية له، ليس من صلاحيتها التدخل في شؤون هيئة الحشد لا من قريب او بعيد.

ان تتبع مسار التصعيد الامريكي الايراني، الذي بلغ درجة خطرة في المرحلة الراهنة ومن نتائجها الزيارة السريعة للوزير بومبيو الى بغداد (الثلاثاء) الماضي، والاعلان عن جاهزية حاملة الطائرات ابراهام لينكولن لخوض الحرب، يعطي انطباعاً بان المواجهة العسكرية بين واشنطن وطهران، باتت قريبة، وقال بعض الخبراء العسكريين والمحللين السياسيين، انها قد تحدث عقب انتهاء شهر رمضان وعيد الفطر المقبل، لتكون متزامنة مع تنفيذ اولى صفحات صفقة القرن التي بشر بموعد البدء بها مستشار ترامب وزوج ابنته جاريد كوشنر، وهي الصفقة التي قسمت الدول العربية المقسمة أصلا، ولكنها ستخلق أجواء مخيفة في المنطقة، من ناحية حالة الارباك والترقب والانشغال بمسارات الحرب الامريكية الايرانية من جهة، ومتابعة مجريات تطبيقات الصفقة من جهة اخرى.

ولان العراق الرسمي الحالي معني بالحالتين، صفقة القرن التي ذكرت تقارير اوربية وامريكية، ان حكومته ستتلقى ثمناً بمليارات الدولارات، لانعاش اقتصادها المضطرب، مقابل موافقتها على اسكان مئات الالاف من الفلسطينيين في مناطق الغرب العراقي، حددتهم بعض المصادر بمليون فلسطيني، ومعني ايضاً رغم أنفه بالمواجهة الامريكية الايرانية التي سيكون العراق في القلب منها، وابرز ساحاتها، الامر الذي سينتج انقساماً عمودياً وافقياً في البنية الهشة للمجتمع العراقي، قد يقود الى اقتتال طائفي جديد أخطر من اقتتال عامي 2005 و 2006، خصوصاً وان قطاعات واسعة من السـّـنة العرب تتمنى ان تنشب الحرب الامريكية الايرانية اليوم وليس غداً، بعد ان عانت كثيراً من التدخل الايراني، وانتهاكات وجرائم المليشيات الشيعية الخاضعة لها.

واذا كانت صفقة القرن عند الشروع بها، لا تترك آثاراً دموية او تخريبية في العراق بعد انحسار الاهتمام بالقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية حكومياً وحتى شعبياً، منذ نيسان (ابريل) 2003، الا ان الحرب الامريكية الايرانية ومشاركة اطراف وتنظيمات شيعية عراقية فيها، ستسفر عن نتائج أقل ما يقال عنها، انها مرعبة ، وتشمل كل العراق من شماله الى جنوبه، وعلامة ذلك ان الحشد الشعبي وهو جيش شيعي خالص مكون من مليشيات طائفية مسلحة ومعروفة بولائها لايران، منتشر في بغداد والمناطق والمحافظات السنية أكثر بكثير من المحافظات الشيعية التي يقتصر تواجده فيها، لاغراض تنظيمية حزبية، بينما نفوذه في العاصمة ومحافظات الموصل وصلاح الدين والانبار وديالى وكركوك وشمال بابل، اكبر من نفوذ الجهات الحكومية والاجهزة الامنية والعسكرية النظامية، وهذا يعني ان وجود قوات الحشد في هذه المحافظات، ليس فقط للتحكم فيها، سياسياً واقتصادياً وأمنياً وعسكرياً، وانما جعلها مكاناً وقواعد للاشتباك مع القوات الامريكية، وبالتالي تحويلها الى أهداف لهجمات الامريكان الذين اثبتوا انهم استخدموا كثيراً سياسة الارض المحروقة في العراق، وآخرها في الموصل عند عمليات تطهيرها من مسلحي داعش، ولا يفّرقون بين المدنيين والاهداف العسكرية.

ان نشوب مواجهة عسكرية امريكية ايرانية، وتعبئة قوات الحشد الشعبي لخوضها والمشاركة فيها دفاعاً عن طهران في الساحة العراقية، سيقودان البلاد الى نكبة جديدة تفوق في خطورتها، المحن الكثيرة التي عاش تحت وطأتها العراقيون منذ الاحتلال الامريكي الى يومنا الراهن، ولن تمر سلاماً على العراق، الا اذا تفهم أقطاب الشيعة وعقلاؤهم، وخاصة المرجع السيستاني، ان العراق ليس جزءً من ايران، او وكيلاً عنها في قتال اعدائها.

0 التعليقات: