أخر الأخبار

.

أصداف : إعلان “النصر”


أصداف : إعلان “النصر”

عراق العروبة
وليد الزبيدي



من أكثر البيانات المضللة في تاريخ الولايات، ذلك الإعلان الخطير الذي تحدث فيه الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش عن الانتصار الكبير الذي تحقق في الحرب على العراق، ففي صبيحة يوم الأول من مايو من العام 2003 اتجه القائد العام للقوات المسلحة الأقوى في العالم إلى الفرقاطة الأميركية “إبراهام لنكولن” وتجلله فرحة هائلة، ويمشي متبخترا أمام كاميرات الصحفيين، ليلقي خطابه المجلجل، معلنا تحقيق النصر في حرب العراق.

أراد بوش الابن أن يكون هذا اليوم من أهم أيام حياته، فقد تباهى قبل ثلاثة أسابيع من ذلك اليوم بتحقيق النصر الميداني الأكبر، بعد أن تمكنت قواته من احتلال العراق خلال ثلاثة أسابيع من بداية الحرب، وبذلك حقق نصرا ميدانيا حقيقيا، وبقدر ما كان ذلك النصر محسوما قبل بدء الحرب، بسبب عدم تكافؤ القوة بين الطرفين، إلا أن النصر كان مدويا، ويذكِّر بنصر القوات الألمانية في بداية الحرب العالمية الثانية على القوات الفرنسية بعد أن تمكنت من احتلال فرنسا خلال أسبوعين من بداية المعركة، واضطر بعد ذلك الجنرال ديجول للفرار إلى بريطانيا ليحصل على الدعم الكبير من قوات التحالف ضد القوات الألمانية.

إن العبرة ليس في حسم المعركة بصورة نهائية، لكن المهم من يحسم الحرب، وفي الوقت الذي رأى فيه الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش أن الحرب عبارة عن تلك المعركة التي بدأت في العشرين من آذار- مارس من العام 2003، وسارع لإعلان “النصر الكبير” في حرب العراق، دون أن يتأمل المشهد من زواياه المختلفة، ولم يدر في حسبان بوش وقياداته وخبرائه ومستشاريه أن طلقة واحدة ستطلق ضد قواتهم، خصوصا أن أميركا الأولى في العالم وأن العراق منهك بعد حصار تواصل لأكثر من عقد من الزمن، وأن القوة الأميركية قادرة على “العصف” بكل من يقف بوجهها. 

لكن من المفترض أن يقرأ التاريخ بدقة ويراجع كل خطوة ويمحص قراراته، وكان عليه التوقف كثيرا عن حدث خطير حصل في بغداد، فقد سقط جنديان من قواته قتلى بنيران المقاومين العراقيين وذلك بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من احتلال العاصمة العراقية، وأن يتذكر أن أول عملية نفذها المقاومون الفرنسيون ضد القوات الألمانية تمت بعد ما يقرب من سنة ونصف من الاحتلال رغم الدعم الهائل للمقاومة التي قادها الجنرال ديجول، كما أنه لم يتوقف عند خسائر قواته أمام المقاومة العراقية خلال شهر نيسان – أبريل، فخلال عشرين يوما (من العشر وحتى الثلاثين من نيسان- أبريل) قتل المقاومون العراقيون اثنين وعشرين أميركيا – حسب اعتراف القوات الأميركية – وهذا وحده كفيل بالنزول من عربة الغرور وعدم إعلان “نصره” الذي حوَّله العراقيون إلى كابوس ما زال متواصلا.

0 التعليقات: