أصداف : مسلسل تشرنوبيل
أصداف : مسلسل تشرنوبيل
عراق العروبة
وليد الزبيــدي
يختصر المسلسل التلفزيوني الذي شاهده الملايين خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة واحدة من أكبر الكوارث التي شهدها العالم في أبريل ـ نيسان من العام 1986، عندما حصل انفجار هائل في مجمع تشرنوبيل النووي في الاتحاد السوفيتي، وتكتمت السلطات السوفيتية في زمن الرئيس جورباتشوف على التفاصيل، لهذا لم يتصور العالم حجم الكارثة التي بدأت منذ ذلك الوقت بطحن آلاف البشر، وما زالت آثار ذلك الحدث الخطير تتداعى في منطقة الانفجار ومساحات شاسعة محيطة بها.
صحيح أن نسبة كبيرة جدا من مشاهدي المسلسلات في مختلف أرجاء العالم ربما لم يسمعوا بتشرنوبيل على الإطلاق، لكن المسلسل استطاع استحضار التاريخ بأسره، وعرض للفاجعة التي ضربت البشر وكل شيء حي بصورة جلية.
يتناول المسلسل القضية التي طالما تعرضت للكتمان من قبل السلطات السوفيتية في أواخر ثمانينيات القرن العشرين وحتى من قبل السلطات المتعاقبة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في العام 1991، ورغم أن كاتب المسلسل كريج مازن ومخرجه يوهان رنك كان باستطاعتهما تقديم عدة مواسم وبعشرات الحلقات، نظرا لكثرة الأحداث وتداخلها وثراء المادة التي ينطوي عليها المسلسل إلا أنهما اعتمدا التكثيف الدقيق لمجريات الأحداث، لهذا اقتصر المسلسل على موسم واحد ضمن خمس حلقات وأنتجته المؤسسة الأميركية الشهيرة (HBO) المنافسة لنيت فليكس.
بدون شك يكشف المسلسل عن الكوارث التي تتسبب بها الحكومات لشعوبها، وإذا كان ثمة الكثير من المصائب التي تعصف بالناس في ظل الحكومات من اعتقالات وتعذيب وإخفاء قسري، فإن كوارث أخرى تدمر حياة الناس، على سبيل المثال الحروب والفساد الذي ينتج عنه المجاعات وتخريب التعليم والبيئة والصحة وتراجع التنمية على أوسع نطاق، وبالنسبة لكارثة تشرنوبيل فإنها ضربت في أعماق المجتمع الذي صادف حظ الناس العاثر أن يقطنوا تلك البقعة من الأرض، واختار القائمون على المسلسل مشاهد هي أقرب إلى الشهادات لناس عاشوا تفاصيل تلك الكارثة المدوية، من بينها عمليات إطفاء قاع المفاعل حيث تطوع عدة رجال لتنفيذ تلك المهمة القاتلة، والمشهد المؤثر لزوجة رجل إطفاء يصاب بالحروق من الحريق الهائل الذي اندلع في تشرنوبيل، وعندما يحاول التخفيف من هول المصيبة على زوجته المخلصة، وكان في أسوأ حال، يذكرها أنه وعدها بزيارة موسكو العاصمة، لكنهما في موسكو وهو في دقائق الوداع المؤلم الحزين. كم هو مؤثر وحزين ذلك المشهد الذي تقف السلطات السوفيتية وراء تلك التراجيديا المخيفة، ولا يقتصر الأمر على هذا المشهد وتلك الحالة بل يتعداها إلى آلاف الوقائع التي انسحق تحت عجلاتها البشر خلال ساعات وأيام.
ينطوي مسلسل تشرنوبيل على رسائل كثيرة وعميقة أهمها موجه إلى الحكومات، التي لا تفكر بعواقب أفعالها ونتائجها الكارثية، وما تسببه من مآسٍ حقيقية تعصف بالبشر والبيئة وتقتل وتدمر كل شيء .
0 التعليقات: