أخر الأخبار

.

” يعاسيب ساحة التحرير “ يحتلّون مهرجانا شعريّا !!


” يعاسيب ساحة التحرير “
يحتلّون مهرجانا شعريّا !!



عراق العروبة
جواد الحطّاب




كان من المفروض ان تؤجّل قراءاتي التي أعلن عنها انها ستكون يوم 2/ تشرين أول/ 2019 الساعة الخامسة والنصف مساء، في “جمعية الثقافة للجميع” ..
وعلى هذا الأساس اشتغلت الجهة التنظيمية، والصديق الشاعر جاسم العلي “الذي كلّف بادارة الأمسية”، فقد احتلت المشهد تظاهرات الفقراء في ساحة التحرير ، مثلما احتلّه الرصاص الحي، والقنابل مسيلات الدموع، والماء الحار، والهراوات الضخمة، والأمهات الثكالى على ابواب المستشفيات ..
كل ما في ” الجو” كان يقول: يجب ان تؤجّل أمسيتك ..
وهو ما قرّرته، وأبلغت الصديق العلي..
لكنّ الذي أجبرنا على كسر هذا القرار هو ان اصدقاء لي من “شرفاء البرلمان” ومن كبار المبدعين، قالوا : جهزّنا روحنا على المجيء وسماع قصائدك ..
قلت : الشوارع مضطربة، ووجوهكم معروفة فيها، وأخشى ….
وكان الردّ : قرّرنا المجيء، والشوارع تعرف مواقفنا من معاناتها..
.
( شكرا للصديقة النائب “سروة عبد الواحد” )
.
لتعود اتصالاتنا، انا والصديق “جاسم العلي” لترتيب المضي بالأمسية والتي اعتبرتها “مهرجانا” لضخامة القامات الإبداعية التي حضرتها، والتي كان كل واحد منها يمثل تاريخا عراقيا لا أروع، ولا أشدّ انتماء منه للناس، وللمتظاهرين :
انتماء الدم .. والضمير .. والهتافات.
وهو ما أمدّني بالعزم لأقرأ عن “يعاسيب ساحة التحرير”..
أنشد للأولاد، للشباب الصغار الذين كان أغلبهم بلا قمصان، لأبطال “التكتك” وهم يعلون أذرعهم أمام أبناء وطنهم من القوات المسلّحة، وهم مطمئنون..
لكنّها الأوامر- الثياب السود ..
لكنّهم القنّاصة..
ليختلط بأمسيتي حبر القصائد بدماء الشهداء، ودموع الأمهات..
.
وبين الشجن، ومحاولة ايصال صوتي لمن يعلون صوتهم بلا رهبة او خوف، تهدّج الشعر، حتى أحسست في أحايين كثيرة، ان هتافات ساحة التحرير قد حلّت بحنجرتي ..
.
2
( شيء عن النصّ الذي قرأته )
كان الطفل- الشاب الذي لم تنبت شواربه بعد ..
بهيّ “اليعاسيب” ونجم نهارها،
النهار الذي أحاله الرصاص، ودخان القنابل المسيلة للدموع،
الى ليل غرائبيّ .. ليل خام
هو من وقف امامي في آخر القاعة وطالبني ان أقرأ له قصيدتي التي كتبتها عنه في بروفايل الريح .. 

.
3
طفل البروفايل، مثل كل الأطفال..
يرى العالم، ويتعامل معه من خلاله مخزونه الحُلُمِي ..
كلّما أينع حلم له، نظر الى السماء، وتعجب من كثرة نجومها ،
شعر بها انها ملكه الشخصي، لذلك يقوم باحصائها، خصوصا تلك المتألقة التي تتحدّث عنها الحكايات الشعبية باعتبارها جزء من الموروث :
( أعدُّ الخرفان بمسحال الكبش .. )
.
هكذا تقول الحواديت كيف سحل جبريل ع السلام الكبش الذي فدى به سيدنا ابراهيم ولده اسماعيل، فولدت على طول طريق السحل خراف كثيرات، تحوّلت، فيما بعد، الى مزهريات ضوئية..
وها هو – طفل القصيدة – يقوم بتعداد ما اصطلح عليه بـ” الثريا ”
أو ” نجوم مسحال الجبش” ..
.
بل ان خياله الحُلُمي، فيه الكثير من البراءة، ليعلن عن إبتكارات أخرى
:
( وبمحض قرنفلة ..
أعْكُفُ على تأليف عصفور ) !!
.
هذا الفتى الطازج، المندلق، في التظاهرات
وبروحه الملائكية أحسّ ان هناك ما يدعو الى الريبة
لأن القادم كان :
(.. في أفق مسنّن
استشعر البساطيل
: اترت .. اترتْ
اترت .. اترت .. اترتْ
اترت .. اترت .. اترت .. اترتْ
وتقترب الطبول ..)
.
حركة الأحذية العسكرية الرتيبة، والضاربة بقوة أرض الشارع،
وهدير العجلات الثقيلة، وخراطيم المياه الحارّة، وقنابل الدخان ..
كلّها – ولحدّ هذه اللحظة – جزء من لعبته التي كان يعتقد انّ آباءه المسؤولين – الضباط، أرادوا ان يفاجئوه بها، لذلك تساءل
:
( هل تستعرض المدينة
أمّ ..
جاء الجيش الى اللعب معي ..
؟؟؟؟؟؟
سنلعبُ ..
لعبة الحكومة والمتظاهرين
ممتطين هراوات
عصيّا كهربائية هذه المرّة !!)
…………
…………
يا للرعب..
حين تتبدّل قواعد اللعبة بين الطفولة والعسكر
الطفولة حيث تمتطي “قصبة ناحلة” تجعلها حصانا خشبيا
تركض به بين ارجاء البيت او الشارع،
والعسكر، الذي تعطيه الحكومة “هراوات” غليظة ..
وتجعله يمتطي “عصيّا كهربائية” قادرة على الصعق، وعلى تعطيل الحواس، بل وتضيف للـ ” الرصاص الحيّ ” عامل تشويق جديد اسمه “القناصة” !!

.
صمت طويل فرضه المستجدّ على اللعبة.. ( فرضه عليّ وعلى النصّ )
لأن هناك مفاجأة غير محسوبة على الإطلاق،
مفاجأة الرصاصات التي تبحث عن طفل القصيدة، وعن شباب الهتافات،
لذلك توسّل بنا جميعا..
:
( حين أموت
ادفنوا معي بطارية ضوئية
فأنا اخاف من الظلام ..)
..
..
أيّها الشهيد ..
انا ايضا اخاف من الظلام
ليس لأنه ظلام مجهولية القبر ..
لكن،
لأن الوجوه التي سرقت – وتسرق – أحلامنا تحيط بي
وتحتل مشهد الفجيعة .
.
4
لليعاسيب ..
وللكبار – المهرجان، الذي خَلَقَه وجودُهم
حكاية قادمة ..
وقصائد أخرى قرأتها في أمسية “الثقافة للجميع” عن أبطال “ساحة التحرير”
وسأنشرها في قادم كتابتي .



النصّ
ـــــــــ
.. أعدُّ الخرفان بمسحال الكبش -1-
وبمحض قرنفلة ..
أعْكُفُ على تأليف عصفور
– .. في أفق مسنّن
استشعر البساطيل
: اترت .. اترتْ
اترت .. اترت .. اترتْ
اترت .. اترت .. اترت .. اترتْ
وتقترب الطبول ..
– هل تستعرض المدينة
أمّ ..
جاء الجيش الى اللعب معي ..
سنلعبُ ..
لعبة الحكومة والمتظاهرين
ممتطين هراوات
عصيّا كهربائية هذه المرّة !!
…………
…………
…………
حين أموت
ادفنوا معي بطارية ضوئية
فأنا اخاف من الظلام .

0 التعليقات: