أخر الأخبار

.

فلسـفـيــات



فلسـفـيــات


عراق العروبة
مهدي شاكر العبيدي




ليس لك أن تضن بالاعجاب على بحث الدكتور كامل مصطفى الشيبي رحمه الله عن الفلسفة والدرس الفلسفي في العراق المعاصر المنشور في صفحة النافذة الفكرية من جريدة العراق في عددها ليوم 30/10/1986 جراء ما اتسم به من دقة في تحري الحقائق وتمحيص الوقائع ومن توخي التذكير بالرواد المجلين في هذا الضرب من المعرفة ممن غالبوا المألوف المتوارث واستهانوا بكل ما رسب في الأذهان على توالي القرون من تصورات وأوهام بكون الفلسفة تضل العقول وتباعد بذويها عن الإيمان ، إلى جانب ما اشتمل عليه من طرائف وفوائد وتلخيصات وتحديدات للمسائل والشؤون المندرجة في نطاق الفلسفة وعليها المدار في اتجاهاتها ومدارسها ، إذ هي لا تعدو ابتغاء السعادة والخير والعدل للنوع الإنساني متوسلة بالوسائط والسبل القويمة المستهدية بالعقل والنظر الموضوعي والسنن الواضح وحسن التعليل والاستدلال ، قبل أن يخيل للجاهل بحقيقتها أنها صنو التعالي والإيهام بوفرة التحصيل ، حتى لقد اختلف منطق أصحابها عن منطق الناس ، وتباينت مفرداتهم وأدواتهم التعبيرية عن مقاصدهم وأغراضهم عن نظيراتها ومثيلاتها عندهم على أي حال ، مما زهدهم في درسها وكفاهم أن يصموا بها ويشينوا كل من لا يعجبهم قوله ورأيه ، ويتلمسوا فيه الخرق والتهافت والادعاء وعدم الوضوح على سبيل الزجر والتبكيت .


ونضيف إلى هذه العناصر والخصائص بقية السمات والعناصر المتوافرة في البحث ذاك من تسلسل وتنسيق واستطراد إلى ما جريات وأحوال ذات مساس بأولاء الذين قطعوا العمر في الخبرة والاجتهاد ومغالبة الصعاب سعياً وراء المعرفة الفلسفية والاحاطة بمذاهبها واتجاهاتها ، والتصدي من بعد لنشرها أو ابتداع منازع وآراء في بابها من شأنها أن تثري موروثنا منها وتغنيه أصالة .

وسبق لنا أن وقفنا على بحث مماثل في التوجه والغاية إلى حد عن الإنتاج الفلسفي في العالم العربي الحديث ، ألقاه الدكتور جميل صليبا في مؤتمر الدراسات العربية بجامعة بيروت الأمريكية عام 1961م ونشرته مجلة العلوم البيروتية المحتجبة في عددها الحادي عشر الصادر في تشرين الثاني من العام المذكور ، تناول عبره الجهود المتواصلة منذ أخريات القرن الفائت للتعريف بالفلاسفة العرب القدامى وأنظارهم الفلسفية مروراً بالجدل التقليدي ما إذا كان للعرب المسلمين فلسفتهم الخاصة المسترفدة من منابع فكرهم والمتوشجة الأعراق بأمور حياتهم وخصائص بيئتهم ، أو أنها مجرد ترديد لما عند الأجناس والأمم الأخرى التي امتزجوا بها أيام العباسيين ، ويخلص المحاضر إلى إجمال الفلسفات المحدثة عند الغربيين وبيان مدى انفتاح دارسينا ومثقفينا عليها ، لينتهوا إلى صياغة نوازعهم الفلسفية المتفردة في حالة اتفاقها في التسمية أحياناً وما عند الأوربيين من مبادئ ونوازع .

والمأخذ الوحيد على هذا البحث اقتصاره عند سوق الشواهد والأعلام ، على مصر والشام ، وقد يعدوهما في موضع إلى بلاد المغرب ، متجاهلاً المساعي والجهود الأخرى التي قام بها مفكرون ودعاة في ديارات العرب الأخرى لا تقل في أهميتها وفائدتها عن نظيرتها ورديفتها في مصر وسورية والمغرب ، فثمة من عني بإحياء المصنفات والرسائل الفلسفية من موروثنا القديم وتحقيقها ، ومن ترجم عن اللغات الأوربية بعض الآثار والنتاجات وشفعها بالتفسير وتوضيح ما تنطوي عليه رموزها ومصطلحاتها من دلالات ومعانٍ ، كما لا تعدم هذه الديارات هواة الفلسفة ونعني بهم غير المتخصصين بمناهجها وأقسامها وليست هي المستأثرة باهتمامهم دون الجوانب المعرفية الأخرى ، إنما يعن لهم عرضاً أو مصادفة أن يصنفوا في بابها حين يعرض لهم ما يعترضون عليه من رأي ومعتقد ، على غرار شخوص هذه الظاهرة وبروزها في الحياة الفكرية هناك، ومثلما نلحظ في كنفها ظاهرة الهواة، يستطيع المستقري والممحص لنتاجات أدبائها من كتاب وشعراء تلمس أشتات من التأملات والخطرات التي وإن كان مصدرها الوجدان وعلوقها بالعاطفة هي في غير حاجة إلى برهان أو دليل ، ولايشق على القارئ استبانة انشدادها إلى النظر الفلسفي وصدورها عن التفكير العقلي وأخذها من الحكمة بنصيب ، على شاكلة أندادهم من أدباء تلكم الثلاثة أقطار ، أمثال جبران ونعيمة وتوفيق الحكيم والعقاد ، فعندنا في العراق أنداد ونظراء جروا على شاكلتهم في الاستبصار وانتهاج طريق الهداية أمثال الشبيبي محمد رضا وجميل صدقي الزهاوي ومعروف الرصافي في أشعارهم المنسلكة في غرض الألهيات والأخلاقيات وعبر ردودهم وتعليقاتهم على دعاوى آخرين وأنظارهم مصبوبة بقالب النثر في غاية من الأسر والمتانة والإحكام .

ونشر الدكتور زكي نجيب محمود في مجلة المجلة المصرية / العدد 79 الصادر في تموز 1963م / دراسة موسعة عن الفكر الفلسفي في مصر المعاصرة ، أبان في فاتحته أن ليس للفلسفة من هدف غير الدعوة إلى الحرية والتعقيل ، وتعنى الأولى عنده انفلات الجماعة من القيود التي شلت فيها إرادة التغيير ومنعتها من التفكير الحر واسلمتها إلى الجهل والخرافة ، وإليهما تركن في فهم الظواهر والأحداث، ويقصد بالتعقيل رياضة النفس على الاحتكام إلى العقل واعتماده دليلاً في كل قول أو تصرف ، دونما انسياق بوحي النزوات والأهواء ، ويلقي التبعة في تعطل التفكير الفلسفي في العالم العربي والإسلامي قبل بزوغ النهضة الحديثة على سياسة الحكام في انتهاك محارمه وأقداسه ، وإشهارهم سيف العدوان بوجه طلاب التغيير والتجديد والإصلاح في ميادين الحياة المتنوعة ، وأخصها الميدان الثقافي وما يستتبعه بالضرورة في حالة ازدهاره وانتعاشه من بروز أصحاب العقول المتنورة التي من العسير عليها التسليم بصحة ما في المدونات القديمة دون مراجعة وتثبت .

ويخلص الدكتور زكي نجيب محمود بعد هذا التمهيد اليسير إلى التعريف بمن أسماهم هواة الفلسفة في الثقافة العربية بمصر المعاصرة ، فيحددهم بالسيد الأفغاني ومحمد عبده ، ويتلوهم في الأهمية والدور الفاعل فلاسفة الأدباء أحمد لطفي السيد وطه حسين والعقاد ، ثم ينهد إلى جلاء أمهات التراث الفلسفي الإسلامي الذي تم تحقيقه في العقود الأخيرة منوهاً بأسماء المحققين وذاكراً كذلك أن ليس إحياء المصنفات يكفي وحده لتنشيط الحياة العقلية وإغنائها إن لم يصحبه قيام بترجمة تراث الأوربيين الفلسفي القديم والجديد منه إلى اللغة العربية ، وهذا ما حصل فعلاً وترتب عليه ظهور معتنقي التيارات الفلسفية من بين الدارسين إلى جانب إسهامهم في الترجمة والتحقيق .

وكذا يبين شبه واضح في هذه الدراسات الثلاث ، أعني دراسة الشيبي وصليبا ومحمود ، قوامه احتفالها بأسماء الأعلام ممن شغلوا بالدرس الفلسفي وما تولوا عنه من نتاجات وآثار ، واقتفوه في تسطيرها من مناهج ، وانجروا له من مناقشات، وانتهوا إلى تحديد الاتجاهات الفلسفية التي يتبناها المثقفون عادة ، أو من يتشبهون بهم في التعامل ، وكل ذلك يؤلف محصلة ثقافية غزيرة بالنسبة لمحدودي الاطلاع ومتابعة النتاج الفكري بدأب واستمرارية ، وفيه من الفائدة التي لاتجحد بحال مثلما لا نستهون المصادر والمراجع الملحقة بدواوين الشعر المحققة ، إذ تتضمن فيما تتضمن أسماء مصنفيها ومبوبيها وسني وفياتهم والعصور التي عاشوا فيها وخبروا حوادثها ، ونعدو هذا المقدار إلى معرفة محققي هذه المظان نفسها من مستشرقين وعرب ، ونقرن بهذا المجتنى اشادة بالأسلوب النابض الموفي الذي أودعه الباحثون الثلاثة تأملاتهم وخطراتهم وملاحظاتهم، فلم يقصر أي منهم عن بلوغ قدر مناسب من الأسر والصحة والمتانة والإشراق وتخير المفردات التي لا يغني غيرها من المترادف وسواه في توضيح غاياته ومراميه على شاكلة تحكي امتزاجه بموضوعه فيتأتى له اللفظ طيعاً حتى لا يفطن الكاتب إلى ما في تعبيره من أسرار الصنعة ومقومات الفن ، وبهذه الخصلة استجمعت كل منها في نسيجها ما في البحث المسهب من تسلسل وترابط بين أجزائه ، وما يميز المقالة الأدبية من ذاتية وتجربة ووجهة نظر وشعور فياض وطراوة وعذوبة .

وتسألني عن العنقاء هذه أعني الفلسفة وتعريف محدد لها رغم ما ذكرنا من غاياتها ومراميها في تجميل الحياة وملئها بالصفو والحكمة والخير ، فهي بهذا المعنى لا تحوج الذهن كداً في تعريفها ، وكل صاحب موقف عملي مؤثر لهذه النوازع مجانب لأضدادها ، فيلسوف ، خلافاً لما يرى البعض من القدامى أنها خروج على الشرع وكلف بابتداع الجديد بعد دراسة العلوم الطبيعية والإلهية والخلقية ، وتطبيق ذلك على الحياة العملية واصطناعه في السيرة الشخصية ما أمكن ذلك ( تجديد ذكرى أبي العلاء لـِ طه حسين ، بتصرف ) .

ذلك أنا نمنى بغموض العبارات وتعقد الجمل في كتابات كثير من الفلاسفة المحدثين أو الباحثين في كتب الفلسفة ، بينما نلحظ منهم السهولة ويسر التعبير وسلاسته لو كتبوا في النقد الأدبي والسياسة والاجتماع والتاريخ والمتغيرات في الدول النامية ، فتجدني أسيغ كتابات الدكتور زكي نجيب محمود في مصنفاته المقالية : قشور ولباب ، الثورة على الأبواب ، تجديد الفكر العربي ، وكثير من فصول سفريه الضخمين (فلسفة، وفن وجهة نظر) ، ولا افقه تحليله لفلسفته ، ودعوته للوضعية المنطقية أو التجريبية العلمية ، ومدارها على ” فهم العبارات التي يجريها الكاتبون على أقلامهم حتى لا يأخذهم سحر الألفاظ فيستعملونها لأسباب أخرى غير قوتها الدلالية ” أن على الفيلسوف وفقاً لذلك ” عدم الحديث عن العالم حديثاً إخبارياً بأي وجه من الوجوه ، لأنه لا يملك أدوات البحث التي تمكنه من ذلك ، فليس هو منوطاً بالملاحظة وإجراء التجارب حتى ينتهي إلى أحكام إخبارية عن العالم . ”

لكن لا إن صاحب هذه الفلسفة يريد أيضاً أن تتشبه الفلسفة بالعلم ، وبمعانٍ أخرى ، أولها التزام الدقة في التعبير ، أي في استخدام الألفاظ والعبارات عند حديثه عن النفس والخير والعقل ، فخلص إلى أن موضوع الفلسفة غير موضوع العلم ” هو التشكيلات الرمزية من عبارات لغوية ورموز رياضية وغيرها التي يستخدمها العلماء في صياغة علومهم ، فيحللونها تحليلاً يخرج مضمونها من الكمون إلى العلن الصريح . ”

وأرى من حسن الأدب أن أتوقف عن الإفاضة في حصر أبعاد هذه الفلسفة التحليلية بالنقل عن آثار هذا المفكر الذي طالما تحدث فيها عن العالم حديثاً إخبارياً عبر مباحثه ومقالاته التي يقف فيها بجانب تطلعات الشعب العربي إلى النهضة والتقدم ،ولا يبين فيها منعزلاً البتة عن آلام الجماعة ومشكلاتها ، بل إنه يتكشف عبرها عن مفكر عميق الفهم واسع الإدراك وناقد عارف بمقومات الفنون والمذاهب الأدبية ، فضلاً عن تذوقه الجيد للنصوص وتبسيط مكوناتها، ودرايته بأصول الشعر الجيد وحسن تحليله مما لا يدانيه أحد فيه ، أو هو دال في حقيقته أن وراء هذا الجد الصارم العنيف الذي يأخذ به صاحبه في درس الفلسفة وقواعدها ثمة نفس مرهفة ووجدان رقيق وطبع لايعرف الكزازة والتزمت .

وانتقل منه إلى الايماء القصير إلى ما في كتاب الأستاذ محمد مبارك عن الكندي فيلسوف العقل من عسر وجهامة إذا جاز التعبير ، في مواضع منه لا في جملته ، وقد يكون من باب السهو أن لايحشد الدكتور كامل مصطفى الشيبي في بحثه عن الدرس الفلسفي في العراق اسم محمد مبارك ضمن شداة الفلسفة وهواتها ، ومعه صنو آخر هو الأستاذ عبد الجبار الوائلي ، والأخير يكتب عن فلاسفة العرب في عصر النهضة بإحاطة وشمول واستيعاب ، وطالما شغل بمسألة العقل والنفس ، والوجود عند بركلي وهيوم ، شغل المطلع الذي جعل الفلسفة همه الحياتي لا أن تغدو عنده ترفاً عقلياً خالصاً .

لقد أفدت عن الكندي معارف وحقائق تتصل بسيرته وفلسفته وعصره لايستهان بها من كتابات قدري حافظ طوقان في ( الخالدون العرب ) وروم لاندو في ( الإسلام والعرب ) بترجمة منير البعلبكي ، والشيخ مصطفى عبد الرازق في ( فيلسوف العرب والمعلم الثاني ) وأخيراً كتاب ( الفلسفة الإسلامية ومركزها في التفكير الإنساني ) للدكتور ريتشارد فالتزر بترجمة الدكتور محمد توفيق حسين ، وخلصت من هذه القراءات جميعاً إلى أن الكندي لايعبر فقط عن الفكر اليوناني باللغة العربية ، وإنما يدعي لنفسه ” شيئاً من الأصالة الفكرية ” وكذا فقد ” أقر خلق العالم من عدم ، وبعث الأجساد يوم القيامة ، وتخلى عن البديهة اليونانية الجوهرية القائلة لاشيء ينتج عن لاشيء ، وهكذا نجد عمل الكون بحسب قانون الفيض الذي قالت به الأفلاطونية الجديدة ، قد جعل معتمداً على اليقين الديني بخلق الكون من العدم ، أي معتمداً على فعل من أفعال الله الذي هو فوق قوانين الطبيعة ” عن كتاب فالتزر – ص 40 .
نشر محمد مبارك في أعداد من مجلة المعلم الجديد عام 1962م دراسات عن الغزالي ، كما نشر فيها أيضاً كامل الشيبي مقالاته التي استهل بها نشاطه الفكري والأدبي في بدايات التحاقه بقسم الفلسفة بكلية الآداب في نفس تلك الأعداد التي لم نحتفظ بها مع الأسف ، مما يحمل على الاعتقاد أنه غير مجهول لديه .

وما أظن الأستاذ محمد مبارك يريد في كتابه القيم أن يتجاوز هذه المضامين والحدود، بل إنه يشاطر الباحثين الموما إليهم ، في إظهار الإعجاب حيال عبارة الكندي عن الاعتزاز بالحق وإشهار قائليه وتوقير من نأخذ عنهم ونسترفد من معرفتهم بالحق حتى لو كانوا أغراباً عنا شريطة اجتناب الترديد والتقليد المرذولين والتخلي عن أصالتنا واجتهادنا الخاص ، لكن لا أزعم أني استوعبت كل ما جاء في بحثه عن فلسفة الكندي ولا أميل مطلقاً إلى التفريط بقيمته، فما استوى بهذا القدر من الرصانة والقوة إلا نتيجة قراءات ومراجعات موصولة ومضنية لايصبر على معاناتها إلا من أخذوا نفوسهم بالمشقة والعناء في فهم حقائق الأشياء، ومن حق القارئ عليه أن يبسِط له مفهوم ( الهيولي ) ومفارقتها أو ملازمتها أو قيام الأشياء بها .

على أن هناك رأياً فيه من الخطل ما فيه ، سجله الباحث على الشيخ مصطفى عبد الرازق في الصفحة 99 من كتابه ذاك ، فقد عزا له القول بدخول المؤثرات الأجنبية في الفلسفة ، وأن العرب المسلمين يعدمون في تراثهم الفلسفة المحددة الأبعاد ذات الجدة والطرافة والابتكار ، وهو إذ يعتمد كتاب الشيخ المذكور عن ( فيلسوف العرب والمعلم الثاني ) من مراجع دراسته للكندي ، حيث لا نلحظ في أي موضع منه ما يكرس هذا النظر ، يبدو أنه لم يلم بكتابه ( تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية ) الذي نشر لأول مرة عام 1944م ، فقد أنكر على المستشرقين قولهم بجري علماء الإسلام على منوال فلاسفة اليونان ما عنوا به من أنظار عقلية ، بينما رصد الشيخ طاقته لإثبات نشأة التفكير الفلسفي عند المسلمين في كنف ديانتهم نفسها ، وعنده أن الاجتهاد بالرأي فاتحة النظر العقلي عندهم ، ويعتد وفق هذا علم أصول الفقه علماً فلسفياً وذلك قبل أن تترجم لهم آثار اليونان في المنطق والفلسفة ، ويخرج من نفسه عذراً لأولئك المستشرقين الذين يحترم جهودهم في دراسة الفلسفة الإسلامية ويمتدح صبرهم ونشاطهم ، بزعم أن الضعف من سمات النوع الإنساني، لابد أن يشوب الجهود المبذولة في خدمة العلم، لكن ” عسى أن يكون في تيقظ عواطف الخير في البشر وانسياقها في دعوة السلم العام والنزاهة الخالصة والإنصاف والتسامح، مدعاة للتعاون بين الناس جميعاً على خدمة العلم باعتباره نوراً لاينبغي أن يخالط صفاءه كدر ” .

وكفى ببيان الشيخ نفسه في كتاب التمهيد داحضاً لتصور الأستاذ محمد مبارك وناقضاً لإنكار د.زكي نجيب محمود وقتها على الشيخ نتيجته الرائعة حول انتفاء المؤثرات الأجنبية من الفلسفة الإسلامية رامزاً لذلك وغير مصرح خلل مقالة نشرها في إحدى الجرائد وضمنها من بعد كتابه ( شروق من الغرب ) تهيباً من مكانته في النفوس وانتصاب قامته في دنيا الآداب والعقول، في ما نقول .

0 التعليقات: