أخر الأخبار

.

جبهة الحلبوسي وزيدان تتقدم.. وفي الصفقات المشبوهة تتحكم



جبهة الحلبوسي وزيدان تتقدم.. وفي الصفقات المشبوهة تتحكم!


عراق العروبة
هارون محمد




عبر التاريخ، شكل غياب العدالة، وتلاشي القانون، عاملين أساسين، في انهيار الدول، وانحطاط القيم، وسيادة الباطل، وأسهما، سوية، في إشاعة الفساد، وفقدان الأمن، وانتشار الجريمة، وظهور سلوكيات متخلفة، وممارسات رخيصة، وصعود قضاة مرتشين، لا يعرفون غير ملء جيوبهم وزيادة أرصدتهم الشخصية، وتحقيق مصالحهم العائلية، وكثير منهم ينخرطون في شبكات السمسرة بأنواعها وأشكالها كلها، ويؤلفون شللاً، للمحسوبية والوساطات، ويتحولون الى أدوات قمع واضطهاد، وهذا ما يحدث في العراق، منذ احتلاله في نيسان 2003 إلى يومنا الراهن.

وفي تاريخ القضاء العراقي الحديث، برز قضاة كان الحق رائدهم، والعدل منهجهم، وبعضهم حاكم قريباً، أو صديقاً مثل أمامه، فلم تأخذه العصبية القبلية، ولا النزعة المناطقية، ولم ينجر إلى العاطفة والرفقة، أو الصلات الاجتماعية، وقد اشتغلت شخصياً، مندوباً صحفياً في المحاكم البغدادية، نهاية الستينيات من القرن الماضي، وكانت الصحف المحلية، وقتئذ، تخصص مساحات لأخبار المحاكم والمحاكمات، وهالتني صرامة القضاة في التزام العدالة، وسعة صدورهم لدفوع المتهمين والمحامين، وقد رأيت قاضياً جليلاً، اسمه ضياء شيت، كان نائباً أو رئيساً لمحكمة جزاء، حكم على متهم، بعقوبة مشددة، لأن الأخير، سرد أسماء عديد من آل شيت في الموصل، ليوحي للقاضي أنهم أصدقاؤه أو معارفه، ولما سألت محامي المتهم، وكان المرحوم محمود العبطة، وهو أديب وباحث في التراث، وصديق للصحفيين، وصار قاضياً في ما بعد، رأيه في الحكم، فقال ضاحكاً، وهو المعروف بظرفه وطرائفه، إن المتهم (حمار أصلي) وقد حذرته من ذكر ما قاله، وأبلغته (ولك ذوله القضاة.. أبوهم ما يعرفونه في الحق).

طبعاً.. نحن نتحدث عن المحاكم المدنية، وليست الخاصة أو العرفية، التي يتولاها، عادة، ضباط عسكريون، وحزبيون، فالمسألة تختلف.

هذه المقدمة تقودنا الى ما يشهده القضاء العراقي، في المرحلة الحالية، من انحرافات ومفاسد وتهم باطلة وكيدية، وأحكام ظالمة، وأخرى متساهلة، بحيث يطلق سراح متهم بتهريب محكوم من السجن، اختلس 12 مليار دينار، لانه شاب في مقتبل العمر (جواد الشهيلي)، علماً أن رئيسة المحكمة، التي أتخذت هذا الحكم، هي نفسها، التي أصدرت قراراً باستدعاء صبي بعمر 16 عاماً، يدعى عادل الزيدي، لمحاكمته بتهمة أنه بعثي ومن أنصار النظام السابق، وهو وُلد في العام 2003، والقضاء ذاته، يُسقط التهم عن لص كبير (فرهد) ديوان الوقف الشيعي، واستولى على أكاديمية البكر العسكرية، لكبر سنه، وهذا القضاء العفن، يسجن امرأة، كانت رئيسة لمؤسسة حكومية اسمها ناجحة الشمري، باعت نصب الشهيد بعشرين مليار دينار، وهو أحد معالم بغداد الحضارية، لتحويله إلى (مول) تجاري، سبع سنوات مع وقف التنفيذ، لأنها (سيدة)!، بينما يحكم على سيدة ثانية، ليست شيعية، تدعى شذى العبوسي اتهمت بتلقي هدية أو مكافأة من مرشح نيابي، استناداً إلى تسجيل هاتفي، خمس سنوات، مع أنها لم تسرق من المال العام، ولم تختلس من خزينة الحكومة، والقصص والوقائع في المحاكم، تحتاج إلى مجلدات، لذكر فضائحها، وهي تحدث بعلم رئيس مجلس القضاء الاعلى الحالي، فائق زيدان وإشرافه، وقبله مدحت المحمود، والاثنان من أسوأ القضاة، لأنهما من نتاج الاحتلال، وتصنيع الأحزاب والمليشيات الشيعية.

وحالياً يتحدث الرأي العام العراقي، عن فضائح تزكم الأنوف روائحها، وتثير السخط الشعبي آثارها، بطلها الأول فائق زيدان، و(فارسها) الثاني، محمد ريكان الحلبوسي، والمفارقة ان الاثنين، يرأسان السلطتين القضائية والتشريعية، وملخص الفضيحة الأولى، ان زيدان وابن ريكان، تعاونا، كل من موقعه، على تبديد غرامة مالية، بمائة مليون دولار، على احدى شركات الهاتف الجوال، (آسيا سيل)، التي باعت خمسة ملايين خط إلى المواطنين، خلافاً للقانون، ولا يُعرف ـ كما في هذه الأمور السرية ـ كم قبض القاضي المرتشي، وكم تسلم السياسي (العتوي) نتيجة اعفاء الشركة النصّابة؟.

أما الفضيحة الثانية، فتتعلق بصفقة (التأمين الصحي) في وزارة التربية، وقيمتها 42 مليار دينار، وكما هو معروف فان وزير التربية، الفعلي والحقيقي، هو النائب مثنى عبدالصمد السامرائي، التي أحالها إلى شركة تأمين صغيرة ومغمورة، أخفقت في تنفيذ التزاماتها، وسعت إلى اعلان افلاسها، تخلصاً من التبعات القانونية.

ولأن مثنى السامرائي، ليس من النوع الذي يستسلم بسهولة، وخصوصاً في مسألة الأموال، فقد عمد إلى مصالحة (عمه) السياسي السابق، محمد الحلبوسي، متهماً زميله محمد إقبال الصيدلي، بتحريضه على الانشقاق من تحالف القوى الحلبوسية، وتشكيل كتلة نيابية جديدة (الوطن أولاً)، التي يسميها العراقيون (جيبي أولاً) ويتردد ان المصالحة، عُقدت في الفلوجة، وفي مضيف الشيخ سامي العبد، وهو رجل فاضل، وصاحب مروءة، رحمه الله، وأحد أولاده، الشيخ غازي، صديق للحلبوسي، ويقال إنه شريكه في التجارة والمقاولات، والخلاصة ان رئيس البرلمان، اتصل بصديقه الوفي وحليفه (التقي) رئيس مجلس القضاء الأعلى، الذي سارع وأغلق التحقيق في القضية (وأبوكم الله يرحمه)، وقد تسربت أنباء، مصدرها، أوساط مقربة من السامرائي، مفادها ان نتيجة التسوية (كسرت ظهر مثنى)، والفهيم من المعنى يعرف!.

هكذا تسير الأمور، في العراق، طبقة سياسية، خربت البلد، وقربّت نهايته، وقضاة منخورون من فوق إلى تحت، بسوء الأحكام، وتلقي الرشى، والخوض في السحت الحرام.

0 التعليقات: