أخر الأخبار

.

أطماع أردوغان تطفو على مياه المتوسط



أطماع أردوغان تطفو على مياه المتوسط


عراق العروبة



من إدلب السورية إلى طرابلس الليبية.. مسار طويل لغمته تركيا بالفوضى، وداست على زر الصراعات والحرب، بحثا عن أكبر قدر من الدمار الذي يسمح لها بوضع اليد على الأرض والثروات.

شعارات إخوانية مدسوسة في عباءة عثمانية تخطط لمشروع توسعي من الشرق الأوسط وصولا إلى شمال أفريقيا، سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية، الضوء عليها، لتكشف معطيات وخبايا صادمة عبر شهادة أحد المرتزقة السوريين الذين جندتهم أنقرة للقتال في ليبيا.

مشروع جيوسياسي

"أخبروني بأني سأكون في خط دعم المقاتلين الليبيين أو الوحدات الطبية مقابل حصولي على مبلغ جيد من المال، لكني اكتشفت أن القتال هنا أسوأ من أي شيء جربته في سوريا".. تلك شهادة نشرتها الصحيفة البريطانية ضمن مقال تحت عنوان "من إدلب إلى طرابلس.. تركيا تتحرك للسيطرة على شرق البحر الأبيض المتوسط"، أعرب من خلالها مرتزق سوري، جندته أنقرة، عن صدمته بالواقع المروع الذي شهده لدى وصوله إلى ساحات القتال بالعاصمة الليبية طرابلس.

شباب في مقتل العمر، وأطفال قصّر أغوتهم تركيا بالمال لتلقي بهم في أتون معركة تقودها بالوكالة لدعم مليشيات طرابلس الإخوانية، وتفعيل مشروعها بالاستيلاء على ثروات غاز المتوسط بالسلاح والمرتزقة.

وائل عمرو؛ شاب سوري يبلغ من العمر 22 عاما استعرض للصحيفة البريطانية، تفاصيل رحلته من سوريا إلى طرابلس، عبر تركيا، ليصل في مارس/ آذار الماضي، مع جنود أتراك إلى طرابلس، العاصمة الليبية التي وجد نفسه فيها يقاتل على خط النار الأمامي.

كانت تلك أولى رحلاته الجوية على الإطلاق، لكنها لم تكن بذات الروعة التي لطالما تخيلها وهو يغادر محافظة إدلب السورية حيث يعيش.

"بعض السوريين هنا من أجل المال"، يضيف عمر، "والبعض يقول إنهم يدعمون الليبيين ضد الاستبداد، لكني شخصيا لا أعرف لماذا طلبت تركيا من المعارضة السورية القتال في ليبيا. لم أكن أعرف أي شيء عن هذا البلد باستثناء الثورة ضد العقيد معمر القذافي".

ووفق "الجارديان" فإن عمرو يعتبر واحدا من 8 إلى 10 آلاف سوري جندتهم أنقرة لدعم مليشيات طرابلس وتنظيم الإخوان الإرهابي، بهدف تنفيذ خطة تركية للسيطرة على الثروات الطبيعية في شرق البحر المتوسط، ضمن مشروع جيوسياسي لتأمين موطئ قدم للرئيس رجب طيب أردوغان في شمال أفريقيا.

الأيديولوجيا والمرتزقة

في أبريل/ نيسان 2019، شن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر هجوما على طرابلس لتحريرها من سطوة المليشيات والإرهابيين، حيث تمكن خلاله من تحقيق انتصارات ساحقة أوشكت على منحه أبواب العاصمة الليبية.

وبميل كفة القوة الميدانية لصالح الجيش الوطني، أدرك أردوغان أن حلمه بالتوسّع عبر البحر المتوسط سيتبخر مع انتصارات حفتر، وهو ما دفعه إلى توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية والتعاون العسكري مع ميليشيات طرابلس.

ويقول مراقبون إن الأيديولوجيا تعتبر دافعا لأنقرة للتدخل في ليبيا، ودعم إخوان هذا البلد، لأن أنقرة تعول على وصول الفرع الإخواني للحكم، لفرض قرارها عليهم، وتحقيق حلم أردوغان الكبير وهو إحياء أمجاد الدولة العثمانية.

لكن العنصر الأيديولوجي لا يعتبر الأساس في تحركات أنقرة بالملف الليبي، وإنما يسبقه مشروعها للاستيلاء على غاز المتوسط، وسط صراعها عليه مع قبرص واليونان والدول المجاورة.

صراع قديم يعود لأكثر من عقد من الزمن، وامتداده الزمني هذا دون حصول أنقرة على نتائج فعلية لصالحها هو ما يجعلها تنقض بكل هذه الضراوة على النزاع في ليبيا، لأن دعمها الذي تقدمه اليوم ستطلب غدا مقابله وضع يدها على ثروات البلد الغني بالنفط، وستطالب بنصيب الأسد في كعكة إعادة الإعمار.

صحفية الجارديان عادت بالقول إن "أنصار الإسلام السياسي والعثمانيون الجدد" يرون في ليبيا الفرصة المناسبة للانقضاض على حصة مما خلفته ثورات ما يسمى بالربيع العربي من نفط وتحقيق طموحات جيوسياسية واضحة عبر الأيديولوجيات والمرتزقة".

وأشارت إلى أن تركيا تتطلع إلى استرداد مليارات الدولارات من عقود البناء غير المكتملة الموقعة في عهد القذافي، وتسعى عبر ما يسمى بحكومة الوفاق الإخوانية لوضع يدها على مشاريع اقتصادية تنتشل بها اقتصادها المتهاوي.

ونقلت الصحيفة عن مدير شركة "دراغون" للطاقة، مصطفى كرهان قوله إن "الإنفاق على مشاريع الطاقة في منطقة البحر المتوسط يشبه إلى حد ما ميزانيات الدفاع الوطني، إنه مثل سباق تسلح حيث يتعين عليك التصرف قبل أن يفعل منافسك".

ثمار الفوضى

حسابات الربح التي يعلقها أردوغان على الملف الليبي قد لا تمنحه الثمار المرجوة، في ظل التطورات غير الواضحة للمعارك على الأرض، وفي وقت تحذر فيه المعارضة التركية من أن طرابلس ستكون المحرقة التي سيدفع عبرها الرئيس التركي فاتورة كل الفوضى التي أثارها عبر تدخلاته العسكرية في سوريا، ومخططاته الخبيثة في جميع الأماكن التي استهدفها.

وبحسب الجارديان، فإن الحرب في ليبيا لن تتوقف، وإنما ستزداد سخونة في المستقبل، مرجحة بقوة إمكانية تكرار السيناريو السوري، حين تحول البلد الأخير إلى حلبة مواجهة بين روسيا وتركيا، بسبب رفض موسكو السماح لأردوغان ببسط نفوذه.

0 التعليقات: