الشعب يريد اسقاط النظام (مناقشة الشعار) جزء(2) هل جميع الشعب يريد اسقاط النظام؟
الشعب يريد اسقاط النظام(مناقشة الشعار)
جزء(2) هل جميع الشعب يريد اسقاط النظام؟
عراق العروبة
بقلم / د. سامي الجنابي
بسم الله الرحمن الرحيم
يجب القول منذ البداية وحتى لا تختلط الاوراق ولايزايد علينا احد من الفارغين والقارعين لطبول الحرب المبشرين بها والحالمين بحكم العراق من زاخو الى الفاو انني كافر بالعملية السياسية التي جاءت بالمحاصصة الطائفية والقومية برمتها وكافر بالحكومات الفاسدة برمتها ، وكل هذه العناوين عناوين جاءت بعد الاحتلال وكل ماجاء به الاحتلال يجب اعادة النظر فيه، وان تغيير الاوضاع لاقامة حكم الله وشرعه هي من اعظم الواجبات الشرعية .
ولكن هذا كله مقيد بقيد الاستطاعة وقيد القدرة التي هي شرط التكليف، كما بينا في الجزء الاول من هذا المقال.
واضيف هنا انه ليس من عمل هو اشرف من مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم على الجهاد ولكنه صلى الله عليه وسلم كان يذكرهم ويلقنهم ان يقول احدهم وهو يبايعه فيقول له قل : (فيما استطعت ) قال الامام احمد : (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ يُلَقِّنُنَا أَوْ يُلَقِّفُنَا فِيمَا اسْتَطَعْتَ).وقد رواه البخاري ومسلم كلاهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما .
وذلك رحمة بهم ان يتعرضوا لما لايستطيعون فيعجزوا عن الجهاد فيخلوا بالبيعة ، وهذا مايجهله كثير من المبايعين اليوم الذين يجعلون من اشخاصهم مقدسة اكثر من قدسية النبي صلى الله عليه وسلم وهم لايشعرون فيجعلون بيعتهم باتة قاطعة لارجعة فيها ولا احتمال للعجز فيها ولاعذر فيها ولااقالة فيها وهذا من العنت اللامشروع دينا وعقلا وواقعا .
وبعد هذا نقول :
انه من السهل استعارة الشعارات من الربيع العربي وترديدها بلاوعي ولاتدبر لاستحقاقاتها على الارض .
ولكن من الصعب تطبيقها في الواقع العراقي لاختلافه تماما عن ارض المنتج وظروفه التي انتجته .
ان ادنى نظرة لطبيعة المجتمع المصري او التونسي او الليبي لاتحتاج الى جهد كبير في اكتشاف الفوارق الاساسية بين الشعب العراقي ومكوناته وبين شعوب الربيع العربي ذلك ان شعوب الربيع العربي ليس فيها هذا التباين والاختلاف القومي والمذهبي الذي يوجد كحقيقة فارقة في المجتمع العراقي فالشعب التونسي كلهم سنة عرب على مذهب الامام مالك والشعب المصري ماعدا الاقباط كلهم من العرب السنة والشعب اليمني 90 بالمائة منه سنة عرب والبقية زيدية وقد اتفقوا مع السنة على اسقاط النظام وذلك باشارة من ايران التي ينتمون اليها وبمرجعيتها بشكل اضحى مكشوفا لكل الناس . ومع ذلك لم يسقط النظام بل سقطت الحكومة بل جزء من الحكومة كما معروف للعالمين بحقائق الامور .
ولذا يجب على من يقول (الشعب يريد اسقاط النظام ) ان يكون محددا وبدقة لاي مكون من الشعب هذا الذي يتكلم بالنيابة عنه وينسب اليه انه يريد اسقاط النظام .
هل هم الكرد في محافظاتهم الذين يتمتعون فيها باستقرار وتنمية في ظل هذا النظام ؟
ام الشيعة في محافظاتهم الجنوبية الذين مضى على الانتفاضة قرابة الستين يوما ولم تخرج مظاهرة واحدة في محافظاتهم تؤيد مطالب المحافظات السنية بل خرجت مظاهرات تؤيد النظام وتعارض اسقاط الحكومة ناهيك عن اسقاط النظام والدستور الذي امرتهم المرجعية بالتصويت عليه والرضا به .
ولماذا يسقطون النظام وهم الذين يحكمون اليوم ويمسكون بزمام الامور؟ وقد راينا وسمعنا خطباءهم يوجهون بالتمسك بحكومة المالكي حتى لو كانت فاسدة!!! لانها تمثل المختار في هذا العصر!!
بل يقولون لهم: ان الفقر والبطالة وحتى لوغرق صحن الحسين وليس بغداد كل ذلك غير مهم، المهم ان يحكم شيعي يسمح لنا بالشعائر الحسينية وبرفع الاذان الذي فيه ان عليا ولي الله .
واذ تبين ان الكرد لايريدون اسقاط النظام ولا الشيعة فلم يبق الا السنة العرب، والسنة العرب الذين اشعلوا المظاهرات في الانبار وفي سامراء وفي صلاح الدين وديالى وفي الموصل لم يذكروا في مطالبهم المكتوبة اسقاط النظام، او الدستور ، وحينئذ يتبين ان الذين يريدون اسقاط النظام هم مجموعة ممن يعيش خارج العراق ويشترون لافتات لاتكلفهم سوى دراهم معدودة، يرفعها بعض الصبية الذين لامعرفة لهم بهذه الشعارات ومدياتها ونتائجها .
وقد سمعت اغلب المتكلمين باسقاط النظام فرايتهم مجموعة من البسطاء يتمتعون بامية مفرطة في الوعي السياسي ناهيك عن الشرعي فهم لايفرقون بين سقوط النظام وسقوط الحكومة ولذلك تجدهم مرة يهتفون بسقوط النظام واخرى يهتفون بسقوط الحكومة .والعتب ليس عليهم انما على الذين يحركونهم من بعد من العلمانيين والليبراليين ومن اصطف معهم. فهم مابرحوا يهتفون بهذه الشعارات منذ عشر سنوات دون جدوى ، وفي الحقيقة مثل هذه الشعارات لاتسقط نظاما ولاحكومة.
ثم ان هؤلاء قد عجزوا جميعا عن طرح مشروع واقعي وبديل عن مشروع الاقليم السني المبني على شراكة حقيقية مع الكرد السنة لانقاذ مايمكن انقاذه من العراق لارجاع اهله وكفااته التي تترقب المشهد من اراضي المهاجر القريبة والبعيدة .
ثم ان المطالبة باسقاط النظام ستؤدي الى تخلي مناصرين لنا في الانتفاضة كالشعب السني الكردي لانهم اليوم جزء من النظام الديموقراطي الفدرالي فاذا اردتم اسقاط الفدرالية فيعني انكم تريدون محاربة اخوانكم الكرد ايضا.
مع ذلك نقول لهؤلاء الهاتفين بهذا الهتاف والذي ربما يكلف هذه الاعتصامات والتظاهرات كثيرا من المضايقات الحكومية والحرب الاعلامية بلاجدوى نقول لهم :
يتبع....
د. سامي الجنابي
18.02.2013
0 التعليقات: